"لا يمكننا تجاهل المشهد المسيطر على الساحة الخاصة بمجال تقديم الأغذية وخدمات الضيافة في المطاعم والفنادق، مشهد مثير يكشف عن حاضر متطور ومستقبل منير وأجيال مشرقة من الطهاة والملاك المحترفين"
لعل هذه هي العبارة التي نستطيع أن نقدمها لكم بعد عام منصرم من أفكار الأطباق المدهشة، وتجارب التذوق الخيالية، وخدمات الضيافة الراقية، وتقنيات العمل التكنولوجية المتطورة، وأساليب الترويج والتسويق المبتكرة، والأهم منهم جميعًا، أخلاقيات وقواعد وأجواء العمل المثالية.
كلمات بسيطة يمكن أن تصف هذا العام، وإن كنا استطعنا رصدها عبر كاميرا آي هوريكا في معرض هيس هوتل إكسبو لتجهيزات ومستلزمات الفنادق والكافيهات والمطاعم في ختام هذا العام، حيث استطاعت آي هوريكا استضافة نخبة من أفضل الطهاة والخبراء والشباب في مجال الطهي وإدارة المطاعم وتوفير خدمات الضيافة وبحث سبل التطوير، لإعداد الحوارات الشخصية معهم حول ٤ محاور أساسية اتسمت ببريق خاص خلال الفعاليات المختلفة، وهو أساس المحتوى المكتوب في السطور القادمة، وقد تنوعت هذه المحاور بين معايير وإجراءات الاستدامة والسلامة الغذائية، وتحديات الطهاة الشباب، وأهم النصائح المقدمة للطهاة، ودور المؤسسات الخاصة في التوعية بتطورات هذا المجال.
ولكن ما قد جعلت هذه الأيام خاصة لآي هوريكا، هي الأجواء الملهمة التي تحملها مثل هذه الفعاليات، والتي يمكنك رصدها من خلال الفيديو التالي:
أولًا: إجراءات ومعايير الاستدامة والسلامة الغذائية:
مفهومان، كان لهما القدر الأكبر من التركيز والتضمين في العديد من الدورات والجلسات التدريبية وكذلك التوجهات الطهوية الخاصة بالعديد من الشيفات في مختلف المطاعم والفنادق والمؤسسات الخاصة في مصر وحول العالم خلال فعاليات وأحداث الطبخ لهذا العام.
ولعل هذا ما جعلها واحدة من صيحات العام الماضي والحديث، وهذا ما تطرقنا للحديث عنه في مقالنا: " ٦ صيحات تحكم عمل المطاعم والفنادق في ٢٠٢٠ "، حيث أن الاستدامة مفهوم وتوجه عالمي كان قد تم توظيفه في العديد من المنشآت السياحية والمطاعم والفنادق حول العالم لتوجيه الأمم نحو ترشيد استهلاك مصادر الطاقة والماء، والاعتماد استهلاك المواد غير الضارة بالبيئة، وتدوير المخلفات والمكونات الصالحة للاستخدام الثانوي مثل قشور الخضراوات والفواكه في تزيين الأطباق، وكذلك زيادة الوعي التجاري المتعلق بالإيجابيات الاقتصادية الناتجة عن توظيف مفهوم الاستدامة في الخطط الاستراتيجية الخاصة بالمؤسسة المقدمة لخدمات الأغذية والضيافة.
حيث تأتي أهمية توجيه المضيفين والضيوف وكذلك الموردين الذي يعتمد عليهم الملاك في الحصول على المنتجات والمعدات والمستلزمات الأساسية نحو معرفة أهمية هذا التوجه وما يترتب عليه من نتائج إيجابية في المستقبل القريب، كما تأتي أهمية التعديل في قوائم الطعام وإضافة العديد من الخيارات المشوقة الأخرى في صالات الطعام مثل شريط الـ "بار" الخاص بتقديم العروض الحية لتصنيع المشروبات المختلطة والعصائر الطازجة.
وكانت أيضًا من إجراءات الاستدامة التي اهتمت آي هوريكا بمناقشتها الاهتمام بالزراعة الذاتية والاعتماد على المنتجات الخاصة بالبيئة المحلية المحيطة بالمنشآة المقدمة لخدمات الأغذية والضيافة، وكذلك الاهتمام بإجراءات الصحة والسلامة الغذائية في التعامل مع المنتجات والمكونات المختلفة، بدءًا من استلامها وتخزينها، ومرورًا بتحضيرها وإعدادها وانتهاءً بتقديمها إلى الضيوف ومراعاة إجراءات الصحة والنظافة الشخصية.
وتلك الأخيرة امتلكت الكثير من الاهتمام من قبل الشيفات والمحكمين في المسابقات المختلفة التي اهتمت آي هوريكا بتناول فعالياتها خلال عام ٢٠١٩، فهي تحمل الكثير من الاشتراطات والتوصيات التي يجب وضعها في الاعتبار والتي يمكنك التعرف عليها بشكل أكثر دقة عبر مقالاتنا: " ٥ ضوابط صحية احرص عليها في مطعمك أثناء التعامل مع اللحوم " و " ٤ أمور عليك إدراكها أثناء الاهتمام بالصحة والنظافة الشخصية للعاملين في مطعمك ".
وهو ما دفع فريق عمل آي هوريكا للتوجه بطرح الأسئلة حول أهم إجراءات هذين المفهومين، ونصائحهم الشخصية لتطبيقها بمثالية.
حيث يؤمن الشيف فرج علي، مساعد الشيف التنفيذي بالبواخر السياحية، أن إجراءات الصحة والسلامة الغذائية هي أصعب وأسهل شيء يمكن أن يواجه الشيف أثناء أدائه لمهامه المختلفة، فهي تحمل الصفتين، ولا تتعلق في أساسها بتصنيع الأغذية السليمة والصحية والملائمة للاستخدام الآدمي، قائلًا: " الهايجين كمفهوم عام يشرح كيف يتم تقديم أغذية صحية للزبائن خالية من الملوثات والميكروبات بمكونات محفوظة في درجات حرارة مناسبة، على أن يكون الشيف على دراية كاملة بما يتم توظيفه من مكونات وتقديمه من وصفات، فالأمر في الهايجين لا يتعلق بالتسويات ونوعية المكونات على قدر تعلقه بالحفاظ على جودة وسلامة الأغذية منذ لحظة الاستلام مرورًا بالتخزين والإعداد والتوظيف وانتهاءً بالتقديم إلى الضيوف، فكل مرحلة تحمل طبيعتها الخاصة وشروطها ومتطلباتها حتى تحافظ على جودتها وسلامتها الكاملة"
ويضيف الشيف: "لذا يجب أن يتعلم كل فرد متخصص في هذا المجال من مستلمي المنتجات ومراقبي الجودة والشيفات وحتى المضيفين كل ما يتعلق بإجراءات الصحة والسلامة الغذائية الخاصة بوظيفتهم، من تاريخ الصلاحية، وشكل قطعة اللحم على سبيل المثال، ولونها ورائحتها ومدى تماسكها، فقط تستلم قطعة لحم غير منتهية الصلاحية، لكنها غير مناسبة إطلاقًا للاستخدام لأانها قد تعرضت لدرجات حرارة مرتفعة أدت إلى إذابتها وتجميدها عدت مرات متتالية، أي احتمالية تكون بلورات كريستالية مع كميات كبيرة جدا من البكتيريا في اللحم، بما يؤدي إلى الإضرار بضيوفك"
ويؤكد الشيف عبد العزيز العياري، شيف حلواني، على مجموعة أخرى هامة من معايير وإجراءات الصحة والسلامة الغذائية؛ انطلاقًا من ترؤسه لإحدى الفرق المشاركة في فعاليات مسابقة الطهي في معرض هيس لهذا العام، قائلًا: " أكثر ما لفت نظري فيما يتعلق بإجراءات الصحة والسلامة الغذائية ما يرتديه الشيفات العاملين من خواتم وساعات اكسسوارات خاصة، فهو أمر خطير قد يعرض المتسابق للفشل في الحصول على مركز أول في المسابقة، وذلك إما بسبب سقوط هذه الاكسسوارات في الأغذية أثناء عملية الطهي، أو بسبب تعلق الشعر وقطع الطعام بها بما يعني تلوثها وتعريض باقي المكونات والمنتجات المتضمنة في وصفتك إلى الفشل، وهي من الأمور التي تجذب اهتمامي بشدة أثناء تقييم المتسابقين"
وبتصويب الحديث نحو الصيحة والتوجه الثاني والذي يسيطر على جميع ربوع هذه الصناعة فيما يتعلق بتقديم خدمات الأغذية المثالية والضيافة الراقية، جاءت أهمية طرح الأسئلة حول أهم إجراءات مفهوم الاستدامة الذي يهتم الشيفات باحتضانها وتوظيفها في عملياتهم أثناء فترات العمل أو خلال فعاليات مسابقات الطهي المختلفة.
لتكون إجابة مريم فون أيسل، الرئيس التنفيذي لجمعية الطهاة المصريين، محددة لأكثر الاعتبارات الواجب وضعها في الحسبان عندما نتطرق للحديث عن أجراءات ومعايير الاستدامة، مؤكدةً على أن استدامة الغذاء مفهوم معقد بعض الشيء يحتاج إلى العديد من الدراسة والتحليل والتوجيه لما يجب إتمامه بمثالية لتوظيف هذا المفهوم في سوق التجارة المصري في المطاعم والفنادق، قائلةً:
"هناك العديد من الإجراءات المتعلقة بمفهوم الاستدامة في الغذاء داخل المطاعم والفنادق، من الحديث عن الحد من استهلاك مصادر المياه والذي يمثل واحدة من أخطر الأمور، والحديث عن الزراعة الذاتية والاعتماد على المنتجات والموارد المحلية، وكذلك الحديث عن إعادة تدوير المخلفات الناتجة عن عمليات التشغيل في المطاعم والفنادق، وما نسعى للاهتمام به في هذا الشأن إعداد الدورات التدريبية والجلسات النقاشية وطرح المنشورات العلمية حول ما يتعلق بأضرار فرط الاستهلاك وعدم الترشيد والرقابة، فخلق الوعي بمفهوم الاستدامة هو أهم مرحلة في هذه الأثناء، سواء كان الوعي بضرورة تغيير مجموعة من السلوكيات الخاصة بالاعتماد على المنتجات الأجنبية بدلًا من المنتجات المحلية، أو استبدال استهلاك بعض المنتجات والمكونات التي تتطلب كميات كبيرة من الماء والطاقة لإعدادها وتقديمها للضيوف بأخرى تتطلب مصادر طاقة أقل"
وهو ما أكد عليه الشيف محمد عفيفي، عضو مجلس إدارة جمعية الطهاة المصريين والرئيس السابق لمجلس إدارة نادي شباب الشيفات المصري، مؤكدًا على أهم إجراء استدامة -من وجهة نظره- يجب أن يُتخذ في جميع المنشآت المقدمة لخدمات الأغذية والضيافة، وهو ترشيد استهلاك الماء في تصنيع وإعداد الوصفات والأطباق المختلفة، وكذلك أكد على ضرورة الاهتمام بمعيار الاستغناء عن، أو تقليل الاعتماد على بعض المكونات والأدوات من المنتجات البلاستيكية والكرتونية من طرف الشيفات وملاك منشآت الأغذية، لما تمتلكه من تأثير سلبي على البيئة الحية المحيطة بسبب احتياجها لفترات طويلة من الزمن حتى تتحلل.
ثانيًأ: دور الطهاة الشباب وتحديات المرحلة
امتلك الطهاة الشباب مكانة خاصة ومتميزة للغاية بين الكلمات والسطور المعبرة عن مجال العمل والفن المتعلق بالطهي في مصر لهذا العام، فلم تكن مجرد ساعات معدود طرحت لهم في المعارض والمناسبات والفعاليات المختلفة ليعبروا عن أنفسهم، بل كان الدور واضحًا بما امتلكوه من قوة وعزيمة ورغبة شديدة في وضع البصمة الخاصة بهم في مجال الطهي، وهم على اقتناع أن الرحلة تتطلب الصبر، لما يحتاجه الأمر من وقت وجهد مبذولين سعيًا خلف المعلومات والأفكار والخبرات والـ "تكنيكات" المختلفة في التعامل مع الأدوات والأجهزة والفنون المطبخية المختلفة.
هذا الدور الواضح الذي امتلكه شباب الشيفات -باختلاف مواقعهم وانتماءاتهم المحلية وكذلك بتفاوت أعمارهم وملحقاتهم المعرفية والعلمية وانتساباتهم المدرسية الفندقية- جعل من الضروري لآي هوريكا التوجه نحو دراسته وتحليله وكشف أبعاده وأهميته وما يشوبه من تحديات وصعوبات وكيف يمكن التطوير فيه بما يسمح بالإرتقاء بمستوى المهنة وسمو الفن في الأجيال المتعاقبة.
وقد أوضح الشيف فرج علي هذا الدور قائلًا: " إن دور الطهاة الشباب يمثل أهم عنصر لدينا من وجهة نظري، فأي تنمية اقتصادية في أي دولة أو مجال تكن قائمة على العنصر البشري المدرب مهنيًا، والمتعلم والمثقف، خاصة إذا كنت تمتلك فرصة تعليم وتدريب هؤلاء الجيل أو الشباب وتمتلك فرصة تكوين حصيلتهم المعرفية والعملية فيما يتعلق بمجال الطهي، ستكون باستطاعتك التنبؤ بمدى رقي وجودة المنتج البشري النهائي من هذه العملية التدريسية"
ويضيف الشيف قائلًا: " ولكننا نحتاج على المدى البعيد ضرورة التركيز على جودة التعليم في المدارس الفندقية، وتدشين المنشآت الخاصة بتعليم فنون الطهي وتقديم خدمات الضيافة، فالدعم المادي من الأموال، والبشري من الأساتذة والطهاة المعلمين المدربين المتفهيمن والملاحقين لتطورات العصر، يعد واحد من أهم الخطوات الإدارية الواجب اتخاذها في الوقت الراهن، وسبب اهتمامي بالمدارس الفندقية بهذا القدر، يكمن خلف السبب الرئيسي من السياحة، والذي يحمل ضمن أسبابه الاستمتاع بالوجبات والأغذية والمشروبات المحلية في أوقات الإقامة الفندقية، فالسائح لا يهتم فقط بالنوم في فندقك!
بل هو يبحث عن التجربة الكاملة والشاملة لكافة الأبعاد ومنها تجربة تذوق الأطعمة المحلية، لذلك يجب أن نهتم بالبصمة المحلية في تصنيع الوصفات للسائحين، حتى نستطيع أن نخلق علاقة ربط قوية بين الأكل والزوار المقبلين على الفندق أو المطعم، حتى يكون سبب كافي يدفعه للعودة إليك مرة أخرى، تخيل وقع هذه الجملة على أذنيك عندما يصرح أحد الزوار أنه قد استمتع بوجبة محددة في مصر ولا يتم إعداد وتقديم مثلها إلا هناك، ويرغب في تكرار زيارته مرة أخرى للاستمتاع بنفس تجربة التذوق"
وهو ما أكد عليه الشيف محمد عفيفي خلال لقائه مع آي هوريكا مؤكدًا على أن الأمة القوية هي من تمتلك شبابًا قويًا، مفصلًا حديثه بقوله: " لذلك توجهنا نحو إعطاء مزيد من مساحات المشاركة والإبداع وإبداء الآراء في فعاليات المعارض لهذا العام، وذلك لأننا نقوم ببناء جيل جديد قوي على مستوى تكوين الشخصية ومستوى التمكن من فنون الطهي المختلفة".
ويستكمل حديثه بتوضيح السبب وراء تصويب تركيز نسبة كبيرة من الدورات التدريبية على أساسيات الطهي قائلًا: "لأنها تساعد على بناء شخصية الشيف وذاته في المجتمع بكفاءة وفعالية بما سيمتلكه من أساس وقاعدة معلوماتية قوية يمكنه الاستناد إليها في تطوير قدراته ووصفاته المختلفة".
ويذكر الشيف أهم تحدي يواجه الشيفات الشباب في الفترة الراهنة بإبراز اختفاء الدور التعليمي لمدارس ومعاهد الطهي في مصر، والتي تساهم في تطوير قدرات الشيف العملية الملائمة للاحتكاك بالسوق التنافسي، مؤكدًا على ضرورة اعتماد الشيف على نفسه في تلقي المعلومات بما يحيط به من مصادر معرفية إلكترونية ومطبوعة كثيرة، على شرط ألا يعتمد بشكل كلي على مصدر واحد فقط سواء كان شيفًا أو موقعًا إلكترونيًا أو حتى مؤسسة محددة، بل يجب أن يمتلك الشيف مصادر معلومات مختلفة وقدرة كبيرة على الاطلاع المستمر والتعرض للأفكار والآراء والتوجهات العديدة التي تتميز بها فنون الطهي.
وهو ما أقرَّته مريم فون أيسل، خلال مقابلتها مع آي هوريكا قائلةً: " يتسم المطبخ المعاصر باحتوائه على العديد من الأفكار والمعدات والأجهزة المطبخية التي تتطلب الكثير من الوقت والجهد للتعلم والإدراك من قبل الطهاة الشباب ولكن في المقابل تتوفر لهم سهولة الولوج إلى المعلومات المختلفة والحصول عليها، على النقيض مما كانت عليه الأوضاع قبل ثلاثين عامًا، حيث لم يكن هناك شبكة انترنت أو أي معلومات مجمعة في موقع واحد كما يحدث الآن عن طريق جمعية الطهاة المصريين التي تهتم بتجميع الطهاة المحترفين والمتمرسين والشباب في بقعة واحدة لتبادل الثقافات وتوفير الدورات التدريبية المختلفة"
وتضيف قائلة: " يكمن التحدي الثاني في الفجوة ما بين تقديم خدمات الأغذية والضيافة في المطاعم والفنادق، حيث تشتهر المطاعم بتفوقها المسبق على الفنادق في إدراك أهمية وجود الشيف المحترف والمتميز بين صفوف فريق العمل، وكيف أن هذا الأمر يؤثر بإيجابية شديدة على مضاعفة أرباح المطعم بالمقارنة بالفنادق، حيث أصبح توجه الشيفات نحو المطاعم بدلًا من الفنادق، وهذا الأمر أيضًا يمثل تحدي كبير أمام الطهاة الشباب"
وتؤكد مريم أن عنصر المفاجأة نتيجة الاصطدام بأجواء المهنة الواقعية في السوق التنافسي يمثل تحدٍ آخر أمام الشيفات الشباب؛ وذلك أن الدراسة في مجال الطهي لا يمكن أن يتم مقارنتها بما يمكنك تعلمه على أرض الواقع وداخل إحدى المنشآت الخاصة بتقديم خدمات الأغذية للضيوف والسائحين، حيث تظهر الاختلافات واضحة بين المنهج العلمي وبين الواقع العملي، لذلك تصيب الحيرة الطهاة الشباب ما بين التأقلم والتفاعل مع الأوضاع الجديدة والتناغم مع التغيرات بما يتناسب مع توجهاتهم الشخصية، أو التمسك بالخلفية العلمية المكتسبة وعدم الاستغناء عنها، في حين أن فريق ثالث يبحث عن الموازنة بين الخيارين السابقين، مستكملةً حديثها أن هذا الأمر يخلق تحدٍ أخير، وهو المكسب المادي من المهنة الفعلية والذي يعد مبلغًا بسيطًا للغاية في بداية رحلة الشيفات الشباب.
وبشكل عام أعرب الشيف عبد العزيز العياري، عن إعجابه الشديد بمشهد الشيفات الشباب المشاركين في فعاليات المعارض المختلفة لهذا العام، موضحًا أهمية دور الشيف الشاب من زاوية أخرى، وهي متابعة ومعرفة أهم الصيحات والأحداث الجديدة والعصرية المتعلقة بمجال الطهي وتقديم خدمات الضيافة الراقية، مؤكدًا على أن الطهي "موضة" تتطور وتتغير وتتنوع أشكاله بمرور الوقت، وهذا الأمر يمثل منافسة أمام الطهاة الشباب لإيجاد محاور الابتكار والتفنن والاختلاف في تصنيع وإعداد وتقديم الوجبات والمشروبات المختلفة، حيث يرى أهمية تميز الشيف بصفة الابتكارية والقدرة على التخيل والتصور وإيجاد الأفكار المختلفة.
ثالثًا: نصائح للشيفات الشباب والمحترفين
وفي لقطة خاصة أثناء إعداد الحوار مع الشيف محمد عفيفي، وانطلاقًا من مكانته السابقة كرئيس لنادي الطهاة الشباب، أدارت آي هوريكا دفة الحديث لتكشف أهم التحديات التي تواجه الطهاة الشباب من الإناث، وكيف يمكنهم مواجهتها بتميز، حيث أوضح الشيف أن أهم هذه التحديات يكمن عند تولي الشيف الأنثى مهامها في إحدى الفنادق أو الشركات أو المطاعم المحتضنة لفكرة ورؤية سلبية عن المرأة في المطبخ وعدم قدرتها على موازنة أعمالها بكفاءة مع الرجال أو العمل تحت ضغط أو تحمل مصاعب وضغوط وتتابع أوامر التشغيل والطلبات في ليالي ذروة العمل.
١- وقد كشف عن الحل قائلًا: " يجب أن يضع الطهاة الإناث من الشباب هدفًا واضحًا أمامهم قبل الانطلاق في أعمالهم، حتى يتسنى لهم مواجهة جميع المصاعب والتحديات في سبيل الوصول إلى هذه الغايات بنجاح في النهاية، فعدم وجود طموح أو هدف واضح -كما نرى في العديد من الحالات- هو خطوة خاطئة تساعد على سرعة الشعور بالاستسلام من طرفهن بعد فترة وجيزة من العمل في إحدى منشآت تقديم خدمات الأغذية المثالية أو الضيافة الراقية".
٢- في حين يرى الشيف كريم عاطف، أحد الأعضاء الفاعلين في نادي شباب الشيفات، في نصيحته للطهاة الشباب أن أنسب طريقة لمواجهة التحديات والصعوبات الخاصة بمجال هذه الصناعة هو عن طريق الخوض فيها وتعلم الدروس منها مباشرةً عبر اتباع سياسة المحاولة والخطأ، حيث يجد الشيف أنها واحدة من أنجح الخطوات للحصول على العلم والمعرفة بسرعة وبشكل يصعب نسيانه، كما أنه يساند الشيف على تخطي الأخطاء والسلبيات التي قد يتعرض لها في المحاولات القادمة، مؤكدًا على ما أوضحه الشيف محمد عفيفي بضرورة عدم الإحساس باليأس والاستسلام، بل الخوض في التجارب والمحاولة مراراً وتكرارًا في سبيل تلقي العلم والمعرفة والخبرة في المجال.
٣- وقد تشابهت النصيحة السابقة بشدة مع توصيات الشيف فرج علي للطهاة الشباب، عندما قال: " واحدة من الأمور المحيرة بالنسبة لي عندما أجد الطهاة الشباب على عجلة من أمرهم فيما يتعلق بالحصول على منصب الشيف أو الشيف المحترف أو الشيف التنفيذي في إحدى مواقع العمل، لماذا العجلة؟ هل تدرك طبيعة المسؤولية التي ستواجهك؟ هل تمتلك القدرة على تخطيها وتحمل تبعاتها؟ اعط لنفسك المهلة والوقت للتعلم المثمر والهادف والكامل دون نقص، فواحدة من المفاهيم الخاطئة التي لا يدرك حقيقتها الطهاة الشباب أن منصب الشيف المتخصص في مجال محدد يجب ألا يتعدى حدود هذا التخصص، وهذا أمر خاطئ فيجب على الشيف امتلاك خبرة التعامل وتوظيف القدرات خارج أبعاد المنصب الوظيفي، وفي النهاية عليك أن تدرك مدى وسع هذا المجال، وأنه من الصعب تعلم كافة علومه وفنونه بسهولة، لذا " ما تتكبرش واتعلم .. وأوعى تقول إنك معلم"
ويستكمل الشيف فرج علي طرح نصائحه بالحديث عن كيفية امتلاك "كاريزما" خاصة في أطباق ووصفات الشيف المقدمة إلى الضيوف والزبائن بتأكيده على أنها "منحة إلهية"، برغم أن مهنة الطهي تعتمد بشكل أساسي -وفقًا لتصريحه- على الممارسة الدائمة ومتابعة كل الصيحات والتطورات الجديدة التي تطرأ على هذه الصناعة، إلى جانب القدرة على الابتكار والمحاولة والخطأ وعدم الخوف من الفشل المتكرر، إلا أن امتلاك "كاريزما" خاصة بالشيف يعد في النهاية منحة من الله -سبحانه وتعالى-
وقد فسر قوله بـ: " ستصل في النهاية، وبعد تجارب عديدة، إلى النجاح المطلوب ولكن احرص على أن تتعلم من أخطائك عن طريق التقييم الدائم لأعمالك قبل عرضها على الضيوف، ويمكنك أن تحقق ذلك بفاعلية عن طريق المقارنة بين أعمالك وبين أعمال المتخصصين والمحترفين في المجال أو فن وأسلوب الطهي الذي اتبعته في تصميم طبقك، فالتعليم الذاتي والتدقيق في التفاصيل والتحليل لجميع الأعمال والأفكار التي تطرح حولك في هذا المجال يعد خطوة غاية في الأهمية، إذا ما أعقبها جزئية الابتكار والتضمين الاختياري لمجموعة من الأفكار في الأطباق الشخصية، مع الاهتمام بوضع البصمة واللمسات الخاصة بالشيف، وعدم التقليد الأعمى دون الاهتمام بالهوية والروح المتعلقة بفن الطهي التي يمتلكها الطاهي"
وأعقب حديثه بنصيحته: "الموهبة تحتاج إلى ممارسة كما أن النجاح والكاريزما يحتاج إلى الموهبة، فكل الخطوط تسير في خطوط متوازية، فإذا امتلكت نسبة قليلة من الموهبة والمهارة إلى جانب نسبة كبيرة من الممارسة، بالتأكيد ستصل إلى النجاح الذي تطمح إليه، على النقيض من شخص يمتلك النسبة الأكبر موهبة بدون ممارسة أو تدريب، فلن يصل إلى نفس درجات النجاح"
٤- وفي نصيحتها للشباب اهتمت الشيف سلمى صالح، مطورة الوصفات وأحد أعضاء نادي شباب الطهاة، بذكر أهم الخطوات لإعداد الشيف بشكل مثالي لمسابقات الطهي، حيث أفادت بأن الشيف عليه التدرب جيدًا قبل المسابقة بفترة كافية والتي يمكن تقديرها بستة أشهر، حتى تسنح له الفرصة التخطيط لما سيقوم بتقديمه في المسابقة والتدرب على إعداده وإتمامه في الوقت المطلوب ووفقًا للقواعد والشروط الموضوعة من قبل هيئة المحكمين والقائمين على المسابقة، على أن يهتم الشيف بعدم التغيير كثيرًا في نوعية الطبق أثناء فترة التدريب والتهيئة، بل يجب أن يكون أكثر تحديدًا لأطباقه وعلى يقين من أن المكونات والمنتجات المتضمنة في الوصفة تعبر بشكل جيد عن الموسم الذي تدشن فيه فعاليات المسابقة.
وتضيف قائلةً: "كما أن في قانون المسابقات العالمي ينصح الشيفات الحكام بأن تحاول إعداد طبقك أكثر من ١٥ مرة قبل المسابقة، على أن تحدد الوقت الذي تم بلوغه في كل مرة ومحاولة إنهاء طبقك في وقت أقل منه خلال المرة التي تعقبها، أي أن وقت إعداد الطبق يتناقص مع كل محاولة لك أثناء التدرب، حتى يسمح لك عامل ضغط الوقت على تكوين أحاسيس الراحة والهدوء أثناء المسابقة".
وتستكمل الشيف سلمى حديثها عن المسابقات ودور الشيفات والتبادل الثقافي بين المتسابقين والطهاة المحترفين والمحكمين الأجانب وقدر الاستفادة التي يمكن الحصول عليها منهم قائلةً: " كشيفات تكون الاستفادة وفق محورين، الأول يتمثل في النصيحة المثالية التي نحصل عليها منهم أثناء تواجدهم ضمن فعاليات المسابقات هنا في مصر أو إن كنا في بلدهم، والثاني يتعلق بالأجواء الحماسية والتحفيزية التي تسيطر على مشاعرنا أثناء فعاليات المنافسة، وتكسبرنا خبرات كبيرة، تقودنا نحو التدرب مرة أخرى والعمل بالنصائح المعطاة لنا حتى نتسابق بمثالية في المنافسات التي تعقبها، فضلًا على أنها ترتقي بالمستوى المهني الذي يمتلكه الشيف، ولكن مع الحرص على الانطلاق بالجذور الاجتماعية التي يمتلكها الشيف، وأن يضع بصمته الوطنية الخاصة في الأطباق التي يتنافس عبرها، مع الوضع في الاعتبار بالطبع أهمية الاهتمام بكافة الفنون والأساليب الطهوية حول العالم، وكذلك الحرص على التوجه نحو استخدام تكنيكات وأساليب طهوية خارجية ولكن بمكونات ومنتجات محلية وذلك استهدافًا لتطبيق معايير وإجراءات مفهوم الاستدامة"
٥- وهو في حقيقة الأمر، ما أكد عليه الشيف محمد عفيفي في لقائه مع آي هوريكا، موجهًا طلبه إلى الطهاة المحترفين والمتمرسين في المجال، قائلًا: " نحن نمتلك مجموعة رائعة من الطهاة المحترفين والمميزين في هذا المجال، وأرى أنه من الضروري أن يتداولوا خبراتهم بشكل دائم مع الطهاة الشباب والشارعين في دخول المجال، لما يمتلكه هؤلاء المحترفين من علم ومعرفة وخبرة قد تساهم في تكوين وصناعة جيل مبدع مبتكر ومتخصص في توظيف فنون وأساليب الطهي المختلفة، خاصة مع وجود هذا التفتح الشديد على العالم بسبب وجود شبكة الانترنت".
٦- وفي نصيحته الأخيرة للشيفات الشباب تناول الشيف فرج علي جزئية التصميم المثالي لقائمة الطعام في المطاعم والفنادق وكيفية تضمين الوصفات بمثالية قائلًا: " من أهم المعايير أن تكون قائمة الطعام متناسقة ومتكاملة العناصر ومتكاملة في قيمتها الغذائية، وأن تكون قائمة على نظام سعرات حراري ممتاز، حتى لا تكون جميع الأغذية دسمة للغاية، وإذا ما كانت قائمة طويلة يجب الاهتمام بمعيار التنوع في الأصناف بين السلطات - التي يجب أن تكون جميعها طازجة- والبروتينات، وأصناف الشوربة التي يفضل أن تكون منها الخفيفة ومنها الثقيلة لإرضاء كافة الأذواق المقبلة عليك، فيجب في النهاية مراعاة التوجهات المختلفة للضيوف، واحرص على أن تضع نفسك موقع الزائر، وأن تتوقع كافة الاحتمالات والرغبات الممكنة، وتسعى إلى إشباعها عبر قائمتك الخاصة، فلا تضع في ذهنك سوى أمر واحد، كيف يمكن إشباع احتياجات الضيف وصنع تجربة تذوق لا تنسى؟ وبالتالي أنت بحاجة لمعرفة توجهاته ورغباته في البداية، وفي النهاية تتعلق قائمة الطعام بصنع صورة واحدة كبيرة متناسقة ومتكاملة الأركان ومتضمنة لكل الـ Concepts الممكنة بما يتفق مع توجهات مطعمك أو فندق، مع كل الاحتمالات والطلبات الوارد طرحها من قبل الضيوف"
رابعًا: الدور التوعوي للمؤسسات الخاصة
في كل مجال عمل خاص أو فن ملهم يظهر الدور الإيجابي لمجموعة من المؤسسات والهيئات الهادفة للتطوير ورسم آفاق إبداع وابتكار جديدة، حيث تساهم في الإعلاء من شأنه وامتلاك شخصيته الخاصة على الصعيدين الإقليمي والدولي، فما بالك بفن الطهي، الذي يجمع بين العلم والعمل والإلهام، بما يتضمنه من فنون وأساليب ومدارس وعلوم وأجهزة ومعدات وأفكار وتوجهات وصيحات متتابعة، كيف يظهر دور هذه المؤسسات في الإعلاء من شأن هذا المجال والفن؟
لعل الإجابة قد تظهر بشكل واضح من خلال مراقبة دور جمعية الطهاة المصريين في فعاليات المعارض المختلفة المتعلقة بالارتقاء بمستوى خدمات الأغذية والضيافة المقدمة في المطاعم والفنادق على كافة المستويات الإلكترونية والتكنولوجية منها وكذلك المادية الملموسة والمعنوية المتعلقة بالقدرات والمهارات والصفات الشخصية المميزة لطواقم العمل.
لذا، ما هو دور المؤسسات الخاصة في مجال الصناعة الخاصة بتقديم خدمات الأغذية المثالية والضيافة الراقية بالمطاعم والفنادق في احتضان فعاليات فنون الطهي المختلفة ومراعاة الأجيال الشابة من الشيفات؟ كان هذا هو السؤال الموجه من آي هوريكا إلى ضيوف الفعاليات الخاصة بمسابقات الطهي لهذا العام، لتجيب مريم فون أيسل: " تشارك الجمعية بفاعلية في العديد من المعارض الخاصة بتقديم الأغذية وخدمات الضيافة، فهي دائمًا ما تسعى إلى إيجاد منصة واحدة تشمل الشيفات بكافة متسوياتهم من الشباب والمتمرسين والمحترفين في المجال، للتواصل والمنافسة وإظهار المهارات والقدرات الخاصة، وذلك ما يمكننا ملاحظته من خلال فعاليات المعارض من عروض الطهي المختلفة، والمناقشات المتبادلة الحية حول أهم القضايا والموضوعات العالمية المتعلقة بتصنيع الأغذية وتقديمها للضيوف والزبائن والزوار مثل مناقشة مفهوم الاستدامة عبر محاور أربعة أساسية هي (Think Local – Buy Local – Cook Local – Talk Local)"
وهو ما أكدت عليه الشيف سلمى صالح مضيفةً عليه دور الجمعية المكثف في الفترة الأخيرة المتعلق باحتضان أهداف ورغبات وتوجهات الطهاة الشباب الذين يمثلون العمود الفقري للمهنة بأكملها، وذلك عن طريق توفير فرص العمل المختلفة وفرص السفر للخارج في سبيل تلقي الخبرات والعلوم المختلفة، وذلك إلى جانب توفير الدورات التعليمية وورش العمل في مجال الطهي.
ولعل أيضًا قد تتضح الإجابة على هذا السؤال من خلال اللقاء الخاص الذي أجرته آي هوريكا مع أ/ أشرف جمال، المدير التنفيذي لجمعية الطهاة المصريين عبر: " ١٢ سؤالاً يجيب عليها أشرف جمال في حوار خاص "
والجدير بالذكر أن هذا الدور "التوعوي" يتشابه كثيرًا مع التوجه الذي تتخذه آي هوريكا نحو الارتقاء بمستوى خدمات الأغذية والضيافة، عن طريق تقديم خدمات التوزيع والتوصيل لمجموعة واسعة من منتجات ومستلزمات المطاعم والفنادق والعملاء بجودة عالية، و بشكل فعال وسريع، وذلك يأتي بالتوافق مع ما تقدمه آي هوريكا من معلومات وأفكار وصيحات جديدة تتعلق بالمجال، بالإضافة إلى النصائح والتوصيات وأهم الخطوات التي ستساعدك على التميز في السوق التنافسي وتطوير فرق العمل لديك.
كان عامًا مثاليًا وخاصًا لقرائنا ومتابعينا
كما كان كذلك لفريقنا
انتظروا الجديد والمشوق دائمًا من آي هوريكا في ٢٠٢٠
تعرف على كل جديد في مجال الطهاة والمطاعم والفنادق من خلال آي هوريكا
المنصة المتخصصة للطهاة ومجال الأغذية والضيافة
٤ محاور خاصة تناقشها آي هوريكا مع الطهاة والخبراء في مجال عمل المطاعم والفنادق