أدريان ميلر في ندوة خاصة عن تاريخ المطبخ الأمريكي

تغطية آي هوريكا بلوج لندوة المؤرخ ميلر في جمعية الطهاة المصريين
March 10, 2022 by
أدريان ميلر في ندوة خاصة عن تاريخ المطبخ الأمريكي
iHoreca Blog Team

نظمت جمعية الطهاة المصريين ، بالتعاون مع سفارة الولايات المتحدة الأمريكية في القاهرة ، وبتغطية خاصة من آي هوريكا بلوج ، ندوة ثقافية حول دور وتأثير " الأمريكيين من أصل أفريقي " على تاريخ المطبخ الأمريكي ، وقام بتقديم الندوة مؤرخ الطهي الأمريكي الشهير أدريان ميلر " Adrian Miller " في إطار مشاركته في البرنامج الدبلوماسي للسفارة عن مساهمات وتقاليد الشخصيات الأمريكية من أصول أفريقية في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية. 

وانعقدت الندوة في مقر الجمعية بالقاهرة يوم الخميس الموافق ١٧ فبراير بحضور الشيف حسام الدين سليمان رئيس جمعية الطهاة المصريين، والسيد أشرف جمال الرئيس التنفيذي لجمعية الطهاة المصريين، والسيدة " ريتشل نازلي "، الملحق الثقافي للسفارة الأمريكية، ومجموعة من الطهاة المحترفين، والخبراء والمتخصصين في قطاع تقديم الأغذية وخدمات الضيافة، بالإضافة إلى عدد من أصحاب المطاعم والنقاد والمطورين في مجال إعداد وتقديم الوصفات في مصر.

Adrian Miller
صورة جماعية من ختام ندوة أدريان ميلر في جمعية الطهاة المصريين

وقدم الكاتب والمؤرخ أدريان خلال الجلسة شرحًا لمفهوم أحد أنواع الطعام الأمريكي والمعروف بـ" غذاء الروح - Soul Food " وأهم العوامل المؤثرة عليه في تاريخ الولايات المتحدة -وهو مصطلح يشير إلى الأطعمة والتقنيات المرتبطة بالمطبخ الأمريكي الأفريقي للولايات المتحدة- كما تطرق إلى تاريخ الطهاة الأمريكيين من أصل أفريقي في البيت الأبيض بالإضافة لبعض المحاور عن مجال الشواء في أمريكا " Barbecue " ، ثم أهدى " ميلر "  جمعية الطهاة المصريين نسخ موقعة من كتبه الثلاثة في نهاية الندوة. 

ويذكر أن السفارة الأمريكية في مصر قد نظمت زيارة أدريان ميلر لتستمر من 16 إلى 18 فبراير، حيث كانت مصر محطة ميلر لفترة وجيزة بعد قضائه عدة أيام في دبي ممثلاً للولايات المتحدة الأمريكية في جناحها بالمعرض العالمي  في دبي  إكسبو ٢٠٢٠ "World Expo 2020  "، وقدم عروض طهي حية لأشهر المأكولات الأمريكية الأفريقية، وقد كان برنامج زيارته لمصر مزدحمًا للغاية، فإلى جانب ندوته مع الطهاة المصريين في الجمعية قام بإلقاء محاضرة في الجامعة الأمريكية بالقاهرة ،  واستضافته  السفارة الأمريكية في محادثة عبر صفحتها على شبكات التواصل الاجتماعي  بالإضافة إلى عدة مقابلات صحفية.

من هو أدريان ميلر ؟

أدريان ميلر

أدريان ميلر هو كاتب ومؤرخ طهي أمريكي ومحكم معتمد في مسابقات الشواء، له بصمة واسعة في توثيق تقاليد وثقافة الطعام للأمريكيين من أصل أفريقي.

وقد عمل ميلر في المجال السياسي ثم تحول شغفه وحبه لمجال الطهي كمهنة إضافية له، باحثًا عن قصص أناس لهم إسهامات في تاريخ الطعام الأمريكي، وحاز كتابه الأول " طعام الروح " بجائزة الكتاب من مؤسسة جيمس بيرد للمرجعية والمنح الدراسية لعام ٢٠١٤ " The 2014 James Beard Foundation Book  Award for Reference and Scholarship ".

وعاش ميلر في مدينة دنفر بولاية " كولورادو" وتخرج في جامعة " ستانفورد " في أبريل عام ١٩٩١ بدرجة البكالوريوس في العلاقات الدولية، ثم التحق بكلية الحقوق بجامعة " جورج تاون "، وامتهن المحاماة حتى صار مستشارًا في السياسة العامة ومحللًا سياسيًا.

كما عمل مساعدًا خاصًا للرئيس " بيل كلينتون " لشؤون مبادرته: " أمريكا الموحدة " والتي تعد من أهم مبادرات البيت الأبيض المختصة بقضايا المصالحات العرقية والدينية بالولايات المتحدة.

وبدأت رحلته كباحث وكاتب في الطعام بمحض الصدفة خلال مسيرته المهنية، ففي بداية الألفينات وخلال نهاية مدة الولاية الثانية للرئيس كلينتون سعى ميلر للبدء في مسيرته السياسية حيث كان يطمح لأن يصبح سيناتور عن ولاية " كولورادو ".

Adrian Miller at Egyptian Chefs Association
المؤرخ والكاتب أدريان ميلر أثناء ندوته الثقافية في جمعية الطهاة المصريين

لذا عاد إليها حينها ولكن بسبب الركود الشديد بسوق العمل كان ينتابه الملل في كثير من الأحيان حتى فكر في الذهاب للمكتبة لقراءة الكتب ليشغل وقته في ذلك الحين، واشترى كتابًا للكاتب " جون إجيرتون "بعنوان "الأكل الجنوبي: في المنزل، على الطريق، في التاريخ"  " Southern Food: At Home, on the Road, in History " والذي يتناول إنجازات الأمريكيين ذوي البشرة السمراء في مجال الطبخ، مما أثار إعجابه بشدة، رغم أنه يرجع تاريخ إصداره لأربع عشرة سنة وقتها، وأنه لم يجد أي كتب أخرى قد تناولت ذات الموضوع خلال تلك الفترة.

حتى أنه قام بمراسلة الكاتب من خلال البريد الإلكتروني وسأله إذا كان يرى أن الكتاب أوفى حق هؤلاء الأمريكيين من أصل أفريقي وروى قصصهم كاملة، ولكن الكاتب أجابه بأنه مازال هناك الكثير للحديث عنه وأنه لم يتطرق أي شخص لسرد القصص كاملة بعد، وسأله " جون ": " لماذا لا تبدأ أنت بالقيام بهذا الدور؟ ".

ومن هنا كانت بداية رحلة المؤرخ " أدريان ميلر " لتأريخ قصص الأمريكيين من أصل أفريقي، وتسليط الضوء حول مطبخ التراث الأفريقي، وسرد حكايات الوجدان الإفريقي الأمريكي، وقد كان ذلك من خلال كتبه الثلاثة التي سنتطرق لها خلال السطور القادمة في هذا المقال:

الكتاب الأول بعنوان
" Soul Food "

Soul Food Book
Soul Food : The Surprising Story of an American Cuisine

يقدم هذا الكتاب شرحًا لمفهوم الـ " سول فود "، وطرق انتقال مطبخ التراث الأفريقي إلى الولايات المتحدة، ويتناول أشهر أطباق مفهوم طعام الروح - كل وصفة على حدة - خلال صفحات كتابه والذي يتضمن ٢٢ وصفة ، وقد تم إصدار هذا الكتاب في عام ٢٠١٤، وحاز على جائزة الكتاب من مؤسسة جيمس بيرد للمرجعية والمنح الدراسية في ذات العام.  

ويقول " ميلر " أن المطبخ الأمريكي الأفريقي يجمع بين غرب أفريقيا وغرب أوروبا والأمريكتين وهو ما يثبت أن هناك أناس يتنقلون من مكان للآخر ومن هنا ظهر فضوله لمعرفة قصص هؤلاء الأشخاص والبدء في تأريخ قصصهم .

ما هو غذاء الروح ؟

 إن تعريف طعام الروح وفقًا للكاتب " أدريان ميلير" في الفصل الثاني من كتابه بعنوان: " غرب أفريقيا مصدر الطهي " أو " West Africa: The Culinary Source " أنه " مطبخ مُهاجر" أي أن الـ " Soul Food " هو مطبخ التراث الأفريقي الذي نقله الأمريكيون من أصل أفريقي إلى أنحاء كثيرة بالولايات المتحدة الأمريكية أثناء:

   الهجرة القسرية للأمريكيين من أصل أفريقي من غرب أمريكا وترحيلهم أثناء عصور  تجارة الرق، فقد كانوا يعملون في حقول الحصاد ومنهم من كان يخدم ويطبخ في بيوت العائلات، ومثل العديد من الشعوب المهاجرة، وخلال كل هجرة قسرية، يسعى الناس إلى محاكاة طبيعة الحياة في الوطن الأم؛ بحثًا عن التكيف بقدر المستطاع، حتى وإن كان ذلك من خلال طهي وجباتهم التقليدية.

   الفترة اللاحقة للمرحلة السابقة، حيث صاروا يتنقلون في أماكن كثيرة بالولايات المتحدة بحثًا عن فرص جديدة للحياة، ومن هنا اختلط المطبخ الأفريقي بالطعام الأمريكي.

Soul Food Dish
نموذج من أطباق سول فود

وخلال الندوة الثقافية قام أدريان أيضاً بتغطية نوع الأغذية التي تتكون منها أطعمة الروح ، والأصناف التي قدمها الأمريكيون الأفارقة إلى المطبخ الأمريكي ، مثل الدجاج المقلي ، والمعكرونة والجبن ، والميكروجرينز ، الباوند كيك ، ومن أشهر مأكولات " غذاء الروح " والتي قدمها الكاتب بالتفصيل خلال كتابه ووضحها أيضًا خلال الندوة الثقافية  مع توضيح أصول هذه الأصناف الغذائية وارتباطها بالتاريخ الأمريكي، التالي:

Soul Food Dish

   أطباق رئيسية مثل السمك المقلي وخاصة سمك السلور " Catfish"، وأطباق الدجاج المقلي المختلفة " Fried Chicken "، أطباق الـ " chitlins " وهي عبارة عن أمعاء الحيوانات تطبخ بعدة طرق سواء مسلوقة أو مقلية أو محشوة.

   أطباق جانية مثل اللوبيا ووجبة المكرونة بالجبنة " Mac & Cheese "

   أنواع متنوعة من مخبوزات الذرة مثل: Corn Muffin - Skillet Cornbread - Corn Sticks Crackling Bread Batter Cake -

   أشهر الخضروات التي تستخدم في طعام الروح مثل: الكرنب، نبات البقلة، البروكلي، السبانخ، البطاطا الحلوة.

   بعض أصناف الحلوى مثل فطيرة البطاطا الحلوة وفطيرة الخوخ " Peach Cobbler "، وبودنج الموز والباوند كيك " Pound Cake "   

وأشار ميلر أثناء اجتماعه مع الطهاة المصريين أن طعام الروح نشأ في الطهي المنزلي بالريف الجنوبي، باستخدام الأطعمة المحلية وغيرها من المكونات غير المكلفة مما يوضح براعة ومهارة الطهاة الذين تمكنوا من تشكيل مطبخ مميز على الرغم من محدودية الوسائل وسوء الظروف الاقتصادية. 

كما يوضح في الكتاب أن المهاجرين من الأصول الأفريقية قد اتخذوا خياراتهم الغذائية بناءً على قرارات وتوجهات اقتصادية، وليس وفقًا لعاداتهم وتقاليدهم الأساسية فقط، وذلك تزامنًا مع الثقافة الغذائية والزراعية المهيمنة على المناطق التي استقروا فيها.

حيث اعتاد المهاجرون ذوي البشرة السمراء على تناول أغلب طعامهم من الخضراوات الورقية، والحبوب المجففة، والبطاطا الحلوة، خاصة في الجنوب، والأسماك والدجاج، والأطباق القائمة على الذرة، وربما بعض من خبز القمح، وكميات محدودة من المشروبات (الماء، واللبن الرائب، والقهوة)، والقليل من الحلوى، وكان معظم الطعام إما مسلوقًا أو مقليًا

وقد اعتمد ميلر على عدة مصادر أثناء قيامه بالبحث المتعمق على مدار عشرة سنوات استعدادًا لكتابة أولى كتبه " Soul Food " والتي تضمنت المحاور التالية:

   قراءة ٣٥٠٠ رسالة شفهية منقولة عن أناس قد تعرضوا لتحديات وأزمات خلال فترات تجارة الرق قديمًا، من خلال مشروع قامت به الحكومة الفيدرالية الأمريكية لتدوين شهادات أولئك الأشخاص من خلال مقابلتهم بعد تحريرهم، حيث كان أدريان يبحث في سجلاتهم عن أي إشارة للطعام في حديثهم.

   قراءة ٥٠٠ كتاب طهي عن أنواع مطابخ متعددة مثل الشرق الأوسط وأوروبا وآسيا حتى يتمكن من الحصول على رؤية واضحة عن نوع الطعام الأفريقي؛ رغبة منه أن يضع الـ " Soul Food " في " Cuisine "خاص به.

   قراءة آلاف المقالات الصحفية خاصة وأن الجرائد تقوم الآن برفع الأرشيف الخاص بها على شبكات الانترنت مما سهل عليه البحث بالكلمات المفتاحية التي ساعدته للوصول لكافة المعلومات المرادة.

   تجربة ١٥٠ مطعمًا للـ " Soul Food " بالولايات المتحدة في ٣٥ مدينة في ١٥ ولاية مختلفة. 

إن هذا الكتاب هو بحث معد بدقة وعناية وبرؤية ثاقبة، ويضع مكانة للسول فود في عالم المطبخ الأمريكي، ومن المستحيل ألا تشتهي طبقًا مقليًا مميزًا من السول فود على العشاء 

Virginian-Pilot Newspaper

الكتاب الثاني بعنوان

" The President Kitchen Cabinet "

 The President's Kitchen Cabinet Book
The President's Kitchen Cabinet : The Story of the African
American Who Have Fed Our First Families

يعتبر ذلك الكتاب بمثابة سيرة حياتية مجمعة للرجال والنساء الأمريكيين من أصل أفريقي الذين عملوا في المطبخ الرئاسي بالولايات المتحدة الأمريكية، ويوضح الكاتب كيف أصبح للأمريكيين من أصل أفريقي دور فعال في مختلف جوانب الطعام الرئاسي. 

 فبالرغم من أن بعض سجلات البيت الأبيض تعرضت للتلف بسبب نشوب حريق هائل في العشرينات من القرن الماضي إلا أن" ميلر " استطاع أن يصل لـ ١٥٠ شخصًا أمريكيًا من أصل أفريقي قد طبخوا للرؤساء، وكل هؤلاء لم يكن يعرف أحد عنهم شيئًا لولا الضوء الذي سلطه ميلر خلال كتابه، ويجدر الذكر أنه تم ترشيح هذا الكتاب عام ٢٠١٨ لجائزة " NAACP Image " للأعمال الأدبية البارزة، وهي جائزة تقدم من الرابطة الوطنية للارتقاء بالأشخاص ذوي البشرة السمراء " National Association for the Advancement of Colored People ".

ويتناول " أدريان ميلر " في فصول كتابه تعريف العاملين الذين طبخوا لرؤساء أمريكا جورج واشنطن، و جيفرسون، و بنجامين هاريسون، و فرانكلين ديلانو روزفلت، و أيزنهاور، و ليندون جونسون و أوباما، حيث يوضح تواريخ مولدهم، وكيف كانت نشأتهم، ويقص لنا كيفية انضمامهم إلى البيت الأبيض وظروف معيشتهم أثناء فترة خدمتهم في المطابخ الرئاسية، كما يقدم حياة الأمريكيين ذوي أصل أفريقي خلال الحرب الأهلية وحقبة إكسابهم حرياتهم والفترة التي لاحقتها في سطور ذلك الكتاب.

إن كتاب خزانة المطبخ الرئاسي يُعيد إحياء التاريخ من خلال رصد الأشخاص والأطعمة التي ظهرت في المناسبات الصغيرة والكبيرة والمناسبات الخاصة والرسمية بالبيت الأبيض، إنه بحث متكامل، فإن القصص حيوية ومثيرة، والطعام مفصل ولذيذ 

Bill Yosses. Former Executive Pastry Chef at the White House 

ولقد شغل الأمريكيون ذوي أصل أفريقي مناصب مختلفة في المطبخ الرئاسي فكانوا طهاة تنفيذيين، كبار خدم، ومساعدين، وستيوارت، فعلى سبيل المثال تناول الكتاب قصة ستة من الـ" ستيوارت " من أصل أفريقي الذين عملوا في البيت الأبيض، ولعل بعد قراءة الكتاب يتضح لنا أن الوصف الوظيفي لمهنة الـ" ستيورات " كان يختلف قديمًا عن مفهومه الحالي حيث يقول " ميلر " في كتابه:

حيث يوضح أنه خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، عُرِف الاستيوارت بصفة عامة بأنه الشخص المسؤول والمتحكم في الشؤون المنزلية للأسرة، والمشرف على خدمة مائدة الرؤساء، وتوجيه الخدم المحليين، وتنظيم النفقات المنزلية، وتوظيف العاملين المقيمين في البيت الرئاسي والإشراف عليهم، وإدارة الطعام الشخصي والرسمي، وشراء جميع ممتلكات البيت الأبيض والحفاظ عليها  

ومن السطور السابقة يتضح لنا كيف أنه كان للـ " ستيوارت - " Stewardدورًا هامًا في البيت الأبيض، حيث كان يتعامل مباشرة مع الرؤساء، على عكس العصر الحالي الذي تقتصر به مهنة الستيوارت على تنظيف المطبخ في المطاعم أو الفنادق.

ويستعرض " ميلر " خلال الكتاب سمات المطبخ الرئاسي، ومساحته، والتطورات التي شهدها على مدار العصور، وأساليب تنظيم موائد الطعام، وطرق التخطيط لوجبات العشاء والمعايير التي على أساسها يتم وضع وجبات العشاء، بالإضافة إلى عرض تفضيلات الأطعمة والمشروبات لكل رئيس أمريكي، وقد قام بتسليط الضوء حول القصص المذهلة للنساء اللائي طبخن للرؤساء ويؤكد على أن طاهية البيت الأبيض النموذجية كانت امرأة سمراء البشرة.

White House Kitchen
Credits: Robert Knudsen. White House Photographs. John F. Kennedy Presidential Library and Museum, Boston

ونشر الكاتب بعض من قوائم طعام موائد الرؤساء في المناسبات أو أثناء زيارة شخصيات هامة إلى البيت الأبيض، وقد تبين من خلال عرض الكتاب للطعام الرئاسي أنه كان يتنوع بين أطباق الأمريكيين من أصل أفريقي وأطباق من الجنوب إلى جانب أطباق المطبخ الفرنسي الكلاسيكي، فقد احتوى الكتاب على عشرين وصفة متنوعة بين أطباق رئيسية وحساء وحلوى مع توضيح منشأ كل وصفة وتاريخ تقديمها وتطورها في بعض الأحيان بناءً على تفضيلات الرئيس وتفضيلات السيدة الأولى.

فعلى سبيل المثال استشهد المؤرخ أدريان ميلر بقائمة طعام الرئيس هاريسون في عشاء الكريسماس بالبيت الأبيض والتي هي كالآتي:

MENU

Blue Point Oyster, Half Shell

Soup

Consommé Royal

Entrée

Bouches a la Reine

Roast

Turkey, Cranberry Jelly

Potatoes Duchesse. Stewed Celery

Terrapin a la Maryland

Lettuce Salad. Plain Dressing

Sweets

Mince Pie. American Plum Pudding

Black Coffee

Desserts

Ice Cream. Tutti Fruitti

Landy Fingers. Macraroons. Carlsbad Wafers.

Fruits

Apples. Florida Oranges. Bananas. Grapes. Pears

الكتاب الثالث بعنوان

" Black Smoke "

Black Smoke Book
Black Smoke : African Americans and United States of Barbecue

قام " أدريان ميلر " بكتابة هذا الكتاب تخليدًا لثقافة المشويات الأمريكية الأفريقية والتي يطلق عليها باربيكيو " Barbecue " حيث رأى ميلر أن الاهتمام الإعلامي الأمريكي ينصب بشكل كبير على الرجال ذوي البشرة البيضاء عند التحدث عن المشويات الأمريكية الأفريقية ويظهرهم على أنهم الخبراء في الشواء بينما يحجب الأضواء عن أي مشاركة للأمريكيين من أصل أفريقي سواء رجال أو سيدات بالرغم من أن لهم الأسبقية في هذا المجال، لذا كتب هذا الكتاب تخليدًا لدور الأمريكيين من أصل أفريقي كجزء حيوي في مجال الشواء الأمريكي.

ويذكر أن فن طهي الباربيكيو يشتهر بشدة في الولايات المتحدة الأمريكية فهو أكثر من مجرد وجبة يتناولها الأمريكيون، بل هو تقليد وثقافة لديهم، فهم يقرأون الكتب المتخصصة في الـ " BBQ " ويقدمون أكثر من برنامج تلفزيوني متخصصًا في الشواء ويقيمون المسابقات المعتمدة في هذا المجال.

ويعد " الدخان الأسود " أحدث كتابات المؤرخ " أدريان " فقد تم إصدار هذا الكتاب العام الماضي، والجدير بالذكر أن ميلر له خبرة واسعة في مجال الشواء فهو محكم معتمد في جمعية مدينة كانساس للشواء " Kansas City Barbecue Society "، ولقد قدم من خلال كتابه بحثًا متعمقًا حول تقاليد الشواء الأمريكية وسجل الدور الفعال الذي قام به الأمريكيون من أصل أفريقي في هذا مجال.

ويعرض خلال فصول كتابه قصص مؤسسي هذا المطبخ الأمريكي وتعريف بأهم الشخصيات المؤثرة به، بالإضافة إلى مقابلات عديدة مع خبراء وخبيرات الباربيكيو توثيقًا لمساهمتهم في تطويره من خلال الابتكارات والمشاريع التي قاموا بها على مر الأزمنة. 

ويتضمن هذا الكتاب ٢٢ وصفة للمشويات المختلفة التي جمعها الكاتب من خلال مقابلاته أثناء بحثه لجمع المعلومات، فكان من عادته أن يسأل من يقابله عن الوصفة التي يتباهى بها أمام أي ضيف مميز، كما يقدم في نهاية صفحاته سردًا بأسماء أفضل مطاعم الـ " BBQ " الأمريكية من وجهة نظر الكاتب.

إن إسهامات الأمريكيون من أصل أفريقي في مجال الشواء قد تم تجاهلها ومحوها عن قصد من التسجيل التاريخي، وينبغي أن تروى هذه القصص باستماته إذا كنا نسعى جاهدين لتحقيق تأصيل للباربيكيو واستمرار شعبيته، ولحسن الحظ قام شخص مثقف ومتفانٍ مثل أدريان بتولي هذه المهمة في كتابه الدخان الأسود

 Daniel Vaughn. Author & Barbecue Editor at Texas Monthly Magazine  

ويشرح " ميلر " في الفصول الأولى من كتابه خمسة أساليب قد اعتادها الأمريكيون في الجنوب قديمًا لشوي اللحوم وهي كالتالي:

١. The Piercing Sticks: تعتمد هذه الطريقة على تمرير العصا بداخل اللحم ثم تثبيتها في الأرض بشكل عمودي على النار، ثم يتم إمالتها بزاوية نحو النار بالتدريج، وعادة كانت تستخدم قطع لحم صغيرة في هذه الطريقة وفي حالة طهي قطع كبيرة يقوموا بوضع عدة عصي لخلق إطار شبكي للحوم المراد طهيها.

٢. The Rotating Spit Over A Fire: أي وضع جزء كبير من اللحم مثل فخذة ماشية أو حيوان كامل في عصا كبيرة و تثبيتها بشكل أفقي فوق النار ثم يتم لفها لمدة طويلة حتى تمام النضح.

٣. The Raised Platform:  ترص اللحوم على قاعدة من الأخشاب مرتفعة عن مصدر النار بحوالي متر.

٤. The Vertical Hole: ويطلق عليها أيضًا الفرن الأرضي "Earth Oven "، وهي عبارة عن حفرة عمودية عميقة في الأرض توضع بها الأحجار الساخنة في القاع، ثم يرص اللحم وعادة كانوا يقومون بلف كل قطعة من اللحم بالخضروات الورقية كحماية لها ، ثم تغطى الحفرة إما عن طريق ملئها بالرمال أو بغطاء مصنوع من جلود الحيوانات، وتعتمد هذه الطريقة على النار المنخفضة و مدة طهي كبيرة قد تصل لليلة كاملة.

٥. The Shallow Pot: هي حفرة أيضًا تشبه الطريقة السابقة ولكنها ليست بذات درجة العمق، فهي عميقة بدرجة بسيطة تكفي فقط برص الحجارة لإشعال النار و من ثم ترص الأسياخ فوق الحفرة ويشوى عليها اللحوم.

The Raised Platform
إحدى طرق الشواء القديمة

كما يشير الكتاب إلى تطور مسابقات الشواء حيث يوضح ميلر خلال الفصل الثامن في الكتاب أن تاريخ المسابقات يرجع إلى بدايات القرن التاسع عشر حيث نشأت تنافسات على نطاق ضيق في الأفنية الخلفية للمنازل حيث كان الناس يتباهون بأنهم لديهم أفضل وصفة باربيكيو على الإطلاق، ثم شهدت تطورًا تدريجيًا خلال السنوات حتى أصبحت حاليًا مسابقات شواء معتمدة تقدم على نطاق محلي وإقليمي وعالمي.

ويقدم ميلر في الكتاب أهمية الصلصات في مجال الشواء وكيف أن الصلصة أو الصوص بالنسبة للأمريكيين من أصل أفريقي يعد شيئًا رئيسيًا مع الباربكيو ، ولعل من أشهر الصلصات المستخدمة هي صلصة المامبو " Mumbo Sauce " ، وصلصة الباربكيو "  Barbecue Sauce "،  والصلصة الحارة " Hot sauce  ".  

 

حوار خاص

وخلال مجموعة من اللقاءات الخاصة لآي هوريكا بلوج عقب الندوة الثقافية المقامة في مقر جمعية الطهاة المصريين جمعت كلًا من الشيف حسام الدين سليمان رئيس جمعية الطهاة المصريين، والسيد أشرف جمال الرئيس التنفيذي لجمعية الطهاة المصريين، والكاتب والمؤرخ " أدريان ميلر"

أوضح الشيف حسام سليمان أهمية هذه الزيارة، والندوة الثقافية للكاتب والمؤرخ أدريان ميلر بحضور الطهاة المحترفين والخبراء في المجال.

وأبدى إعجابه بكم الأماكن الهائلة والوجهات والمطاعم التي قام " ميلر " بزيارتها خلال بحثه بهدف الحصول على المعلومات والحقائق والقصص والأفكار التي تملأ كتبه، مشيرًا إلى حقيقة انتمائه إلى قارة أفريقيا حيث تعود إليها العديد من أصول الأطباق والوصفات المنتشرة الآن حول العالم.

أما عن اجتماعه الخاص بأدريان ميلر في واحدة من مطاعم اللحوم المدخنة الشهيرة في مصر عقب انتهاء الندوة الثقافية في مقر الجمعية، أوضح الشيف حسام مدى ثقل الخبرة والمهارة التي يمتلكها المؤرخ في تذوقه لهذه النوعية من الأطباق وحكمه بشكل احترافي عليها. 

كما وجه الشيف حسام الدعوة لكافة الطهاة والشيفات المبتدئين الراغبين في زيارة مكتبة جمعية الطهاة المصريين للاطلاع على كتب أدريان ميلر الثلاثة والاستفادة بما تضمنته من معرفة.

ويشير " حسام " في نهاية لقائه إلى أهمية الدور الذي تلعبه الجمعية في تقديم هذه النماذج لمجتمع الطهي المصري، قائلًا: "نهتم بالتعاون مع الهيئات والسفارات التي تقدم الدعم والمعرفة والخبرة للطهاة في مجال تقديم الأغذية وخدمات الضيافة، وهو التوجه الذي سنضاعف توظيفه وتقديمه في الفترة القادمة عبر تنظيم عدة دورات تدريبية وندوات ثقافية مع جهات متنوعة مثل السفارتين الفلبينية والإيطالية على سبيل المثال".

المؤرخ أدريان ميلر مع الشيف حسام سليمان والأستاذ أشرف جمال

في حين يصف السيد أشرف جمال ، الرئيس التنفيذي لجمعية الطهاة المصريين ، بداية هذا التعاون المشترك مع القسم الثقافي لسفارة الولايات المتحدة الأمريكية في مصر، خلال حديثه مع آي هوريكا بلوج، قائلًا: "جاءت فكرة هذه الندوة تزامنًا مع تواجد الكاتب والمؤرخ أدريان ميلر في مصر، حيث تهتم السفارة بتقديم نماذج مختلفة تجسد مجالات وتخصصات متنوعة في المجتمع.

وجسد أدريان في هذه النسخة محور ثقافة الطهي والمطابخ التجارية والطهاة الأمريكان من أصل أفريقي، ودورهم في نشر فكر السول فود في الولايات المتحدة، لذا مع بعض النقاشات المتبادلة بين الجمعية والسفارة تمكنّا من تنظيم هذه الندوة التي اهتممنا خلالها بنوعية ضيوفنا من الطهاة وأصحاب المطاعم والمتخصصين والشباب الممثلين لفئات متنوعة في مجتمع الطهي المصري، وبالفعل لاقت الندوة إقبالًا واهتمامًا ونجاحًا مرضيًا لكافة الأطراف"

كما أوضح السيد جمال خلال لقائه أن " ميلر " كان سعيدًا للغاية بالمشاركة والتفاعل من جانب الحضور، وما يمتلكون من آراء ووجهات نظر وجهود مثمرة تعكس إصرارهم وذكائهم في إعداد الوصفات وتقديم الأطباق والترويج التجاري لمشاريعهم وأعمالهم الخاصة، إلى جانب إبداء إعجابه بالعديد من المعاملات الثقافية التي رصدها وتفاعل معها خلال أيام تواجده المعدودة في مصر، وكذلك إعجابه ببعض أطباق اللحوم المدخنة التي قام بتذوقها في مصر عقب انتهاء الندوة بقوله إنها تتنافس بقوة مع تلك التي تذوقها في دبي ودولة الكويت .

وأكد " جمال " في نهاية لقائه مع آي هوريكا أهمية تواجد مثل هذه الشخصيات والنماذج في مصر لإتمام فعالية تبادل الثقافات وتعرف الشعوب في المجتمع الطهوي العالمي على بعضهم البعض وعلق أخيرًا على ندوة أدريان ميلر في الجمعية قائلًا: " من الكتابة والتأريخ في المجال الطهوي، والحديث عن تأثير الأصول الأفريقية في المناطق الجغرافية المحيطة، إلى احتراف الـ " BBQ "، والمطابخ الرئاسية، كان الحديث بين الطرفين مثمرًا وفعالًا للغاية".

Adrian Miller

أما خلال لقاء آي هوريكا بلوج مع الكاتب أدريان ميلر قمنا بسؤاله عن انطباعه عن زيارته إلى القاهرة فعبر عن مدى سعادته بهذه الزيارة في ضوء فعاليات السفارة الأمريكية وكم أعجبته أجواء القاهرة قائلًا: " إنها زيارتي الثانية إلى مصر فلقد كنت هنا منذ سبعة وعشرين عامًا، فالآن وعند تجولي في شوارع القاهرة استرجع ذكريات رحلتي الأولى، وهو شعور مذهل للغاية، كما أن القاهرة مدينة نابضة بالحياة ولقد لاحظت تطورًا بها، كما أعجبني الطعام هنا كثيرًا، فقد تذوقت هذا الصباح بعضًا من أطباق الفول ووصفات الفلافل مع الفطير والعسل وكانت جميعها شهية للغاية "

وحول كتابه عن المطابخ الرئاسية قال " ميلر " إنه عبارة عن سيرة ذاتية مجمعة عن الأشخاص الأمريكيين من أصل أفريقي الذين طبخوا لرؤساء الولايات المتحدة، فكل رئيس أمريكي كان لديه شيف من أصل أفريقي سواء كانوا أُناس قد عانوا من الرق أو أشخاصًا أحرارًا، وأنه خلال الكتاب قد روى قصص هؤلاء الأفراد والانتهاكات التي تعرضوا لها".

وعند سؤال آي هوريكا بلوج عن نصيحته المقدمة لمن يرغب في افتتاح مطعمًا في الولايات المتحدة، كانت إجابته: " أول ما على الشخص فعله هو إيجاد طاهي ماهر يدرك المفهوم الذي يريد إيصاله من المطعم ويتمكن من تحقيق رؤيته، خاصة ولو كان صاحب العمل لديه فكرة جديدة ومحددة يريد تنفيذها"

وأكد على أن المطعم لا يقوم على الطهاة فقط بل ينبغي تشكيل فريق متكامل محترف يشمل محاميًا متمرسًا ومحاسبًا جيدًا أيضًا حتى ينجح المطعم ويحقق أرباحه المرجوة.

وفي نهاية اللقاء كان سؤالنا حول طبيعة صيحات مجال خدمات تقديم الأغذية خلال الفترة القادمة فأجاب الكاتب:" أعتقد سيكون للأغذية النباتية ظهور كبير في الفترة القادمة، كما بدأنا نشهد حاليًا تواجد للحوم الاصطناعية " Artificial Meat " وهي الأغذية نباتية المصدر ولكن تعطي طعم اللحوم وقوامها "

ويعلل " ميلر " هذا التوجه بتضاعف ثقافة الاعتماد على الطعام الصحي بالإضافة إلى وجود بعض التحفظات على طرق تربية الحيوانات وأساليب ذبحها في الآونة الأخيرة".

ثم استكمل " أدريان " حديثه ليُضيف صيحة جديدة أخرى يرى أنها بدأت في الظهور مؤخرًا ألا وهي طباعة اللحوم ثلاثية الأبعاد "  3D Printed Meat "، وقال: " بغض النظر عن عدم معرفتنا بمدى تقبل الجمهور لفكرة طباعة الطعام إلا أنها طفرة علمية موجودة بالفعل لا يمكن إنكارها ".