تعد مسابقات الطهي العالمية فرصة ذهبية لجميع الطهاة من جميع المستويات لعرض مهاراتهم ومواهبهم، حيث يتحدى الطهاة أنفسهم من خلال الإبداع في طهي مختلف الأطباق من أنواع مطابخ متعددة حول العالم، فهي طريقة جيدة يصقلون بها مهاراتهم بشكل تنافسي.
ولا تقتصر فوائد المشاركة في مسابقات الطهي على المكافآت والجوائز واكتساب مكانة مرموقة في المجال فقط، ولكن مجرد الاشتراك في هذا النوع من المنافسات العالمية يمنح خبرة مميزة تختلف في طبيعتها عن خبرة روتين العمل اليومي، كما يحصل الطهاة الأصغر سنًا على فرصة نادرة للتواجد في ساحة تنافس مكافئة لتلك التي يحصل عليها أقرانهم الأكثر خبرة مما يمنحهم مستوى أعلى من الثقة للمضي قدمًا في حياتهم المهنية.
فلا يتعين على الطهاة الفوز بالمسابقات من أجل صنع اسم لأنفسهم في صناعة الطهي أو الاستفادة من فرص التواصل، بل إن مجرد التفاعل مع المشاركين وخوض تجربة المنافسة يساعد الطاهي في إعلاء اسمه في الصناعة وجعله أحد المحترفين بالمهنة.
وعلى الجانب الآخر من المنافسات تكون لجنة المحكمين مهتمة بجانب التقييم والمراقبة على جميع المشاركين، وهم مجموعة من كبار الطهاة من جنسيات مختلفة، حاصلين على شهادات معتمدة تؤهلهم لهذا الدور، حيث يقع على عاتقها توزيع الدرجات وتقييم الأطباق وفق مجموعة من المعايير المحددة لكل مسابقة.
ومن بين هؤلاء الحكام الشيف حسام سليمان ، رئيس جمعية الطهاة المصريين ، والذي يعد من المحكمين المعتمدين للتحكيم الدولي في المسابقات العالمية، وقد تم ترشيحه للتحكيم في واحدة من أهم مسابقات الطهي في العالم، وهي مسابقة كأس العالم للطهي في لوكسمبورغ لعام ٢٠٢٢.
ومع وجود تنوع هائل في تلك المسابقات والفعاليات الدولية بين الثقافات وأنواع المطابخ والشخصيات الطهوية المختلفة، يتوجب على المحكم الإلمام والدراية بكافة تلك الثقافات وسبل التعامل معها للقدرة على تقييم الأداء وتوجيه الملاحظات وتدريب الكوادر، فإن التحكيم لا يُختزل في القدرة على اختيار المذاق الأفضل، بل تشمل المسابقات معايير حازمة بخصوص سلامة الغذاء ونسب هدر المواد، وأساليب الطهي المتبعة ، والالتزام بحجم الحصص ، وغيرها من التفاصيل، مما يُشكل من مجال التحكيم تحديًا كبيرًا لا يسهل اجتيازه من قبل أي طاهٍ حتى يعتلي هذا الموقع الهام.
وهي المحاور التي صوبت آي هوريكا عليها الضوء عبر هذا الحوار الخاص مع الشيف حسام سليمان متضمنةً تفاصيل مشاركته التحكيمية السابقة في لوكسمبورج، وتقييمه للتجربة وآراءه وتعليقاته المتكونة في ظل منافسات كأس العالم للطهي وغيرها من التفاصيل التي تم تداولها خلال الحوار كالتالي:
سـ: كيف كانت بداية معرفتك بمشاركتك التحكيمية في هذه المنافسات الطهوية العالمية؟
بدأ الأمر عندما أخبرني الشيف " Thomas Gugler - توماس جوجلر " ، رئيس الرابطة العالمية لجمعيات الطهاة " WACS "، أنه لديه مفاجأة لي وسيكشف عنها فيما بعد، وقد تعجبت حينها! خاصة أنه قام بتكريمي مؤخرًا كأفضل رئيس جمعية طهاة، لذا احترت عن ماذا قد تكون تلك المفاجأة.
وبعدها بفترة وبالتحديد بعد مسابقات الجلوبال والتي تعد أول مرة لي أيضًا للتحكيم فيها، استقبلت دعوة رسمية عن طريق البريد الإلكتروني من الهيئة المنظمة لمسابقة كأس العالم " Vatel Club " كأحد المحكمين على مسابقات الطهي في " The Culinary World Cup " بمدينة لوكسمبرج عندها أيقنت أنها هي المفاجأة التي أخبرني عنها من قبل.
سـ : وكيف استقبلت خبر ترشيحك للتحكيم في مسابقات كأس العالم لفنون الطهي ٢٠٢٢؟
لقد غمرتني سعادة بالغة حينها، فذلك من أعلى المراتب التي قد أصل إليها على مدار حياتي المهنية، فإن التحكيم في كأس العالم ليس أمرًا هينًا، وهو فخر كبير لي أن أكون أول شيف مصري وعربي يشغل هذا الدور.
كما أنني تفاجأت بأنه تم ترشيحي كمراقب على فريق التحكيم بالكامل والذي يتكون من خمسة وأربعين محكم دولي، ومراقب كذلك على كافة تفاصيل التنظيم الخاصة بالمسابقة ككل، وكان معي في هذا الدور الشيف الإنجليزي " Lee Corke " .
فلقد اسندوا هذا الدور لكلانا فقط، حيث يتوجب علينا تدوين وتسجيل آرائنا عن جميع تفاصيل المسابقات ، وجودة التنظيم ومستوى التحكيم في تقرير يومي قمنا بتسليمه إلى لجنة المسابقات العالمية خلال اجتماع جمعنا بهم بعد انتهاء فترة المنافسات في كأس العالم للطهي .
وبهذا وبعد التحكيم في مسابقات الجلوبال ومسابقات كأس العالم ، يتبقى لي التحكيم في أولمبياد الطهي حتى أكون وصلت لأقصى ما يمكن تحقيقه في تاريخي كشيف و محكم دولي .
سـ: صف لنا شعورك أثناء سفرك إلى لوكسبرغ ؟
في الحقيقة أنا اعتبرت تلك الرحلة تحديًا بالنسبة لي ومسؤولية كبيرة لذا اعتبرته فرصة لإثبات قدراتي وإمكانياتي، وقد كانت مهمة لم أكن أتوقعها، خاصة أنني أعلم أن هناك من هم أفضل مني بكثير وكان من الممكن ترشيحهم.
وما زاد الأمر صعوبة أنني كنت مدرج ضمن فريق التحكيم على مسابقات الفرق " Regional Team " ومسابقات أطباق الحلو الفردية، كنا فريق يتكون من ثلاثة طهاة، فكان معي شيف من أستراليا وآخر من النمسا.
كما أن تحكيمي على أطباق الحلو اعتبرته تحديًا آخر لي، فأنا متخصص في التحكيم على أطباق السخن أو الأطباق النباتية، ولكني قد قمت بالتحكيم على أطباق الحلو في مسابقات الجلوبال الماضية، كما رشحني من قبل نائب رئيس الواكس الشيف " Martin Kobald " للتحكيم على مسابقات حلو، فربما لذلك قاموا باختياري ضمن ذلك الفريق.
ولا أنكر أنني قد استفدت كثيرًا بتجربة التحكيم على أطباق الحلويات في كأس العالم ، فقد كنت أحكم مع قامات من المتخصصين في مطبخ الحلويات ، وكنا نتشارك التعليقات، وقد استفدت من بعض الملحوظات التي طرحوها أثناء المناقشة، وخاصة تعليقاتهم على حشوات البيتي فور، كما أنني أيضًا تمكنت من إقناعهم ببعض وجهات نظري التي أثرت على النتائج النهائية لبعض الفرق.
وقد سعدت كثيرًا أيضًا بترشيحي للتحكيم في كأس العالم، فكون أنه تم اختياري من ضمن ٤٥ حكم في كأس العالم لأكون المراقب العام على المسابقة فإنه إنجاز، فكون أن شخص عربي يحصل على تلك المكانة لأول مرة وسط كل هؤلاء الأجانب في كأس العالم وكذلك في مسابقات الجلوبال، هو أمر يدعوني للفخر.
سـ: كيف كان برنامجك اليومي أثناء المشاركة التحكيمية في لوكسمبورج ؟
كان برنامج يومي مزدحم للغاية، والوقت ضيق جدًا لإتمام كافة المهام المطلوبة، حيث كنت ابدأ يومي من الخامسة صباحًا لأستعد حتى تصل الحافلة المخصصة لنقل الحكام لمكان المسابقة في تمام السادسة، حتى أتواجد في المعرض السادسة والنصف، ويبدأ التحكيم في تمام السابعة صباحًا والذي يستمر حتى الثانية ظهرًا.
وفي خلال تلك المدة، كنت أحكم على مسابقتي أطباق الحلو والفرق الإقليمية، وأراقب مستوى الطهاة ، ثم تبدأ مرحلة إعطاء الآراء للمتسابقين والتي تستغرق ساعة واحدة، وهو ما كان أمرًا شاقًا للغاية فقد كان عدد المشاركين كبيرًا جدًا، فعلى سبيل المثال قمنا بالتحكيم على ٦٠ متسابقًا فرديًا في يوم واحد، وبعد الانتهاء من دوري كمحكم على المسابقات، يبدأ دوري بصفتي المسؤول عن مراقبة المسابقة ككل وكان ذلك يستمر حتى الثامنة مساءً.
سـ: حدثنا عن دورك كمراقب عام لكأس العالم للطهي، وأهم المحاور التي يركز عليها التقرير النهائي؟
كانت تقع المسؤولية عليّ مع الشيف " Lee " في مراقبة ومتابعة كل شيء يحدث خلال مدة إقامة مسابقات كأس العالم للطهي ، من أكبر الأشياء إلى أدق التفاصيل، والتي تتضمن مراقبة مستوى فريق التحكيم، إلى جانب مراقبة تفاصيل التنظيم بكافة المسابقات، حيث كان يحق لي بصفتي المسؤول عن التقرير النهائي أن أتواجد في أي مكان، ولا أحد يستطيع منعي، حتى أنه خلال مراسم الافتتاح تم عرض صورتي وصورة الشيف " Lee " على الشاشة الكبيرة لتعريف كافة المتواجدين بأننا المسؤولين عن تقديم التقرير النهائي للجنة، لذلك خلال المرور على المتسابقين كان الجميع يحييني كما لو كنت ضابط شرطة.
كنت أدون كافة ما يحدث، حتى يساعدني أثناء كتابتي للتقرير، حيث تم إرسال نموذج شكل كتابة التقرير لي قبل سفري، وذلك بعد تبليغي بهذا الدور، حتى أكون على علم بمحاور التقييم، وهو عبارة عن مئة محور يشمل المسابقة بالكامل وتحديد تقييمي على كل شيء بدءًا من استقبال المتسابقين في المطار وحتى انتهاء المسابقة، فعلى سبيل المثال شمل التقرير:
أداء المحكمين، وما إذا تم التقييم بعدل أم لا؟ وهل تم الالتزام بقواعد التحكيم الأساسية قبل وأثناء وبعد المسابقات أم لا؟
مستوى المعدات والتجهيزات ومدى توافرها لكافة المتسابقين، وهل كانت تعمل بكفاءة أم حدث عطل ما؟
في حالة حدوث مشكلة ما مثل تعطل إحدى المعدات كيف تم التصرف؟
مستوى الخدمة المقدمة مثل توفير طعام ومياه للحضور
مستوى الانتقالات، وهل كان سائقي الحافلات تلتزم بالمواعيد المحددة
هل تواجدت سيارة لاستقبال الحكام في المطار فور وصولهم أم لا؟
وكثير من التفاصيل الأخرى، لذا كان يجب الانتباه طوال الوقت والتواجد بشكل مستمر، وهو ما يعتبر عمل شاق فقد كان المكان الذي يقام فيه المعرض ضخم جدًا وبه تقسيمات عديدة وعدد هائل من المسابقات والطهاة المشاركين.
وكنت أراقب وأتابع وأدون كل ما يدور حولي، فعلى سبيل المثال؛ اشتكت إحدى الفرق من عدم توفر شيء ما من المفترض توفيره لهم، فكتبت ذلك في تقريري وبأني بلغت المسؤول عن ذلك، وأن فريق آخر واجه عطل في المعدات معه، فذكرت تلك الواقعة في التقرير، وكيف كان أثرها على الفريق وفي أي ساعة تم حل المشكلة.
وبعد ختام المسابقات قمت بتسليم التقرير إلى رئيس لجنة المسابقات العالمية، وهو بدوره يقوم بإرساله إلى أعضاء مجلس الإدارة في الواكس .
سـ: تهتم المسابقات الدولية بالـ "Showpiece " بشكل كبير، كيف كانت في مسابقات كأس العالم للطهي ؟
كانت مسابقات الشو بييس من أكثر المسابقات الموجودة في المعرض، حيث تعددت معروضات الشوبيس المختلفة بين الـ " Cheese Carving "، والفواكه والخضار إلى جانب شوبيس السكر والـ " Marzipan ".
ومن خلال مناقشتي مع بعض المتسابقين عرفت أنه قد يتطلب إعداد الشويبس من الشيف أو الفنان المتخصص حتى يتقنه، مدة طويلة جدًا، وذلك حتى يصل إلى التصميم المذهل الذي يرضى عنه ويبرز مهاراته الفنية من وجهة نظره حتى يقوم بالاشتراك به في المسابق
حيث أن معظم الفائزين في مسابقة " الشوبيس " الذين حصلوا على ميداليات ذهبية استمر تجهيزهم لها إعدادهم لمدة طويلة تصل إلى ستة أشهر أو عام كامل، كما أن بعضهم أتى إلى المسابقة ومعه أكثر من قطعة أو ثلاث أو أربع قطع.
سـ: بالمقارنة بما شاهدته أثناء رحلتك، كيف وجدت مستوى مصر في الـ" Showpiece " ؟
أرى أن هناك فجوة نوعًا ما وانخفاض في المستوى العام للطهاة في تصميم الشوبيس خلال السنوات الماضية ، وأظن أن هذا يرجع إلى انقطاع تنظيم صالون الطهي " Salon Culinaire " في مصر لمدة عشر سنوات، والتي يشمل مسابقة إعداد مجسمات الطعام " الشوبيس".
لقطات من صالون فنون الطهي ٢٠٢٢
فكل المتخصصين الماهرين في إعداد الشوبيس غير متواجدين على الساحة حاليًا فهُم إما كبروا في السن أو سافروا وبالتالي لم يكن هناك اهتمام خلال تلك العشر سنوات بشغل " الأرتست " في مصر.
فلو كان المتواجدين في الصالون سابقًا ما زالوا يعملون أو قاموا بتدريب آخرين لما بعدنا كثيرًا عن المستوى العالمي، ولكن توقُف الصالون قد أثر على مستوانا الحالي، كما أن معظم الفنادق لا تقم بتعيين " Artist Chef " ولهذا انقرضت إلى حد كبير.
ولكن طالما ما زال هناك اهتمام عالمي وتواجد لهذا النوع في المسابقات العالمية فلا بد أن تستمر في مصر أيضًا، خاصة أن قطع الشو بيس هي ما تُظهر البوفيه وهي عامل جذب للضيوف، فعندما يرى الزبائن تحف فنية من مجسمات الأطعمة، ويعلم أنها مصنوعة من السكر أو الشوكولاتة ، أو الخضروات ، أو الزبدة أو المرزبان " عجينة اللوز"، فعادة تنبهر الضيوف بهذا الفن، كما تُظهر إمكانيات الطهاة المتواجدين في المكان.
سـ: حديثًا عن هذا الخصوص، هل ستقوم الجمعية بتنظيم الصالون هذا العام؟
بالتأكيد نخطط لذلك، فطالما هناك إمكانية لإقامة الصالون فنحن نسعى لتنظيمه، ولكن الأمر يتوقف بنسبة كبيرة على وجود مكان يستقبل الصالون، فهو يتطلب توفير مساحة كبيرة وقاعة ملائمة، فإذا توفر المكان المناسب سيتم إقامة مسابقات الصالون بإذن الله.
سـ: كيف وجدْت مستوى الطهاة المشاركين في المنافسات في كأس العالم مقارنة بمستوى الطهاة المصريين؟
بالتأكيد مستوى المتسابقين في كأس العالم متقدم جدًا، وأجد أنه ليس عادلًا أن نقارنه بمستوى الطهاة المصريين عندما يشاركون في مثل تلك المسابقات الدولية، فهناك فروق في الإمكانيات."
فعلى سبيل المثال، كان هناك فريق من سويسرا يشارك في كأس العالم، مع العلم أن المسافة بين سويسرا ولوكسمبرج مسافة قريبة يمكن اجتيازها بالسيارة، وهناك شاهدت الفريق السويسري قادم ومعه شاحنات بها معدات كاترينج كاملة، فقد جلبوا معهم كل الأدوات التي يحتاجونها، ومعهم تجهيزات كاملة من ثلاجات و" Cooling Cabinet " و" Trays " بها كل شيء منظم ومدون عليه اسمه.
بالإضافة إلى وجود فريق آخر مرافق للفريق المشارك يقوم بخدمتهم ومسؤول عن حمل الأشياء ورصها، وتنظيمها والتأكد من سلامة كل شيء، وذلك حتى لا يتم تحميل الطهاة المشاركين بأعباء كثيرة ويساعده على التركيز في المسابقة، وكل ذلك بالتأكيد لم يتطلب نفقات كبيرة نظرًا لقرب المسافة.
أما عندما يتم سفر فريق من مصر للمشاركة في مثل تلك المسابقات الدولية، تتم الرحلة بأقل التكاليف الممكنة التي تقتصر على ثمن تذاكر السفر والخامات والتنقلات والإقامة، ولا أستطيع توفير فريق يساعدهم، فهم مضطرون لعمل كل شيء بأنفسهم ويكون أمر شاق عليهم، ولكن بالنهاية نفخر أن لنا وجود في تلك المسابقات.
أما عن المهارات، فبالطبع نحن نمتلك المهارات، فإن مستوى الطهاة في مصر وصل إلى مراحل متطورة ولكن ما زال ينقصنا الإمكانيات والمعدات، لقد رأيت هناك معدات لم أشاهدها من قبل، مثل " Molds" حديثة، وأداة مثل الدباسة تقوم بتقطيع اللحوم، فلا شك أنهم متقدمون في الجانب التكنولوجي والمعدات المتطورة، التي يصعب علينا توفيرها إما لأنها غير متاحة من الأساس أو أن ثمنها مرتفع للغاية.
كما أنهم متقدمون جدًا فيما يخص التدريب، فلديهم فريق متخصص للتدريب فقط على الاشتراك في المسابقات، ويتم تعيينه من جهات خاصة بأجر شهري من أجل تلك المهمة، تمامًا مثل ما تفعله الأندية الرياضية، حيث تمضي المنظمات مع الشيف عقد لفترة معينة يقومون فيها بتدريبه، كما يتربحون منه من خلال المناسبات والأحداث الخاصة ويشكل مصدر دخل للمنظمة.
إلى جانب أنهم يقومون بالتدريب الخاص بالمسابقات الكبرى مثل كأس العالم والأولمبياد قبلها بستة أشهر ويكون الشيف متفرغ تمامًا لذلك، على عكس ما يحدث في مصر فالطهاة بطبيعة الحال غير متفرغين ولدى كل منهم عمله الخاص، وحتى أصِل لذات المستوى سوف أحتاج أن أبدأ التدريب قبلها بعامين على أقل تقدير.
ويجب أن أذكر أن وجودنا وحده يكفي، فإن المشاركة في المنافسات الدولية تُكسب الخبرات وترفع ثقة الشيفات في أنفسهم، وتُزيد شغفهم للتعلم، كما أن رؤية الآخرين والاحتكاك بثقافات ومهارات جديدة ومختلفة، ستحسن بالطبع من مستوى الشيف .
سـ: أي الدول أثارت إعجابك بما قدمته في كأس العالم للطهي ٢٠٢٢؟
تميزت كوريا الجنوبية بما قدمته في الـ" شو بيس " خاصة في شغل السكر، كما أعجبني بشدة فريق سويسرا.
فهُم مستواهم متقدم للغاية، ولهم فكر مختلف، فالأمر ليس مجرد إمكانيات فقط، بل لديهم مهارات مبهرة، وطريقة تفكير مختلفة وتنظيم شديد في العمل، كما يتمتعون بمستوى مرتفع في الإبداع، حيث يتعاملون مع الطهي كأنهم يبدعون في تصميم قطعة من الذهب، وهو ما يُضفي قيمة كبيرة لعملهم، أتمنى أن نصل يومًا ما لهذا المستوى من الإتقان والتركيز والإبداع.
سـ: هل يشارك شيف حسام في التحكيم في أولمبياد الطهي القادمة ٢٠٢٤ ؟
الأمر ليس بيدي تمامًا، كما أنه أمر صعب للغاية، أنا فقط أجتهد في عملي، وآمل أن يتم ترشيحي، فإن التحكيم في الأولمبياد يتم من خلال ترشيح جهة معينة لك كمحكم لثقتهم فيك وثقتهم في إمكانياتك التي تصلح لهذا المكان كما حدث في كأس العالم .
فبالطبع أتمنى أن أحضر الأولمبياد القادمة، وخاصة أنها ستكون فرصتي الوحيدة في حياتي المهنية، فالأولمبياد تقام كل أربع سنوات، فإذا أراد الله أن أُحكِّم في النسخة القادمة في ٢٠٢٤ ستكون ختام عملي، لأني سأًقبِل على سن التقاعد حينها، وإذا لم يرد الله، فتلك هي الحياة، ويكفيني ما حصلت عليه فهو أكثر بكثير مما كنت أحلُم.
سـ: بعد تجربتك في كأس العالم، هل قررت بعد عودتك تغيير أي شيء يخص مسابقات الهيس أو صالون الطهي الذي يقام في مصر؟
إن قواعد التحكيم واحدة في كل مكان ولا تتغير ونحن بالفعل نعتمد على القوانين العالمية، أما فيما يخص فئات المسابقات من الممكن أن نغير فيها بعض الشيء لكي تتماشى مع منافسات العالمية، على سبيل المثال، إذا كنت على مدار سنتين سابقتين قد بدأت في عمل مسابقة البوفيه كان ذلك سيفيدنا كثيرًا في تصفيات الجلوبال شيف في الإمارات المشاركين بها هذا العام، فهي تتضمن مسابقة للبوفيه، بدلًا من البدء من الصفر بل كنت سأمتلك فريق لديه خبرة في هذا النوع من المسابقات.
فإذا تم عمل مسابقة بين الفنادق لـ " أفضل بوفيه " كما هو الحال في مسابقة أفضل مطعم، سيمكنّا ذلك من تحديد مهارات الطهي واختيار كوادر جاهزة لديهم خبرة ومعرفة للاشتراك في هذا النوع من المنافسات، فإني أرى أن هذا النوع من المسابقات ينبغي أن يبدأ في مصر.
سـ: كلمة توجهها لأي حكم دولي قادم في المستقبل
يجب أن يخلو التحكيم من أي تحيز فأنا لا أقبل بالتحيز سواء هنا أو خارج مصر كما أن التحكيم العادل يخلو من السياسة، ويخلو من الإكراميات فلا تكرم أحد على حساب آخر، وكن عادلًا دائمًا، فتلك النقطة تتضح بسهولة ما إن كنت مُحكمًا عادلًا أم متحيزًا، واعتقد إنها من نقاط نجاحي التي قادتني إلى الوصول إلى التحكيم في كأس العالم.
أي محكم سواء في مصر أو خارجها يكون محط أنظار من الجميع ويتم مراقبة أسلوب تحكيمه وآرائه وأرقامه، فإن الأرقام التي يمنحها الحكم للمتسابق تكشف عن مدى خبرته لاختيار نتيجة معينة من ( ٠ - ١٠٠ )، فإن افتقرت الخبرة سوف يتضح على الفور الفرق بينك وبين المحكمين حولك وستظهر نقطة ضعفك، فإن أقل نتيجة وكذلك أعلى نتيجة بيتم حذفها، فلا تكن الأكثر شدة عمن حولي وتمنح أقل نتيجة، وفي ذات الوقت لا تكن متهاونًا.
عند إعطاء نتيجة معينة يجب أن تكون على أساس واضح وأن تمتلك تعليق وحجة تستطيع أن تثبت وجهة نظرك إلى الحكام الآخرين، ولماذا أعطيت ذلك التقييم.
وهو بالفعل ما حدث بيني وبين المحكمين في كأس العالم، فقد دار نقاش حاد بيننا لكي أثبت لهم وجهة نظري حتى أن الأمر استدعى أن نُعيد التحكيم مرة أخرى ونعود لمكان الأطباق بالرغم من أننا قد بدأنا نكتب التقرير في غرفه التحكيم، واستطعت أن أثبت حينها بالفعل أنني على حق.
ولقد كنت أدون كل شيء أثناء التقييم كنت أسجل النتيجة وأصور الطبق وأكتب تعليقًا كي لا أنسى أثناء تجميع الدرجات، فالأرقام تختلف بين الحكام وبعضهم وإما يستطيعوا إقناعك بوجهة نظرهم أو تقنعهم أنت بوجهة نظرك، وعندها ستظهر خبرتك في التحكيم، فإذا لم يكن لديك حُجة قوية سيعتبرونك إما قليل الخبرة أو متحيزًا لمتسابق آخر.
إذا قمت بالتحكيم فقط من أجل المظهر الاجتماعي لن تستمر كثيرًا، فهناك حكام كثيرون تم استبعادهم ولم يعد يتم استدعائهم في المسابقات الدولية، ويرجع ذلك إلى ما ذكرته سابقًا، إما أنك غير عادل أو تحب لفت الأنظار إليك
ولا تعتمد على درجات الآخرين، بل إن من العدل أن تقوم بنفسك وتقيس درجات الحرارة على سبيل المثال وتتفقد الثلاجات وتتابع طرق الطهي و الهايجين ، ومذاق الأكل، ذلك سيرفع من شأنك كمحكم، خاصة أن هناك " Head Chef " يراقب الحكام ويتابع ويقيم أداءهم ويحلل الأرقام التي يعطوها للمتسابقين.
سـ: إذا كنت ستعيد التجربة مرة أخرى من هو الشيف المصري أو الشيف الأجنبي الذي تتمنى أن يكون معك؟
من مصر الشيف "محمد السعداوي" - رحمة الله عليه - فقد ترك أثرًا كبيرًا وذكرى لا تُنسى خاصة فيما يتعلق بكأس العالم للطهي، فقد شارك الشيف محمد بطبق فردي في كأس العالم من قبل، وحصل على المركز الثاني، وقضينا حينها وقت جميل سويًا.
لقد كان شخصية محبوبة، ومتفاني في عمله، لم يقصر طوال فترة التدريب، وكان يعمل قصارى جهده، وأخذ ما يستحقه في كأس العالم ، كنت أتمنى حقًا أن يكون معي في لوكسمبرغ ، فهو يستحق تلك المكانة، ولا أخفيك سرًا أنا أشعر أنه لم يتوفى وما زال موجود بيننا.
أما شيف أجنبي، فكنت أتمنى أن أقابل الشيف السويسري " Kurt Scheller " هناك، وهو حاليًا يعمل في لجنة التأريخ في منظمة الواكس ، وكان الشيف التنفيذي بفندق رمسيس هيلتون سنة ١٩٨٩ ، وكان رئيس جمعية " Toque Blanche " ، التي تأسست قبل جمعية الطهاة في مصر ، فهو أول من كون فريق مصري يمثل مصر في " كأس العالم "في نهاية عام ١٩٨٩،
حيث قام " شيلر" بتنظيم مسابقة طهي ، واشتركنا بها أنا وشيف " كُريم الجزار "، كنا ما زلنا " Commis chef " حينها، وتم اختيارنا من خلال المسابقة و تدربنا مع أربعة طهاة أجانب آخرين، كان الفريق يتكون من ستة طهاة ، ثم سافرنا معهم لوكسمبرج عام ١٩٩٠ بقيادة شيف " شيلر" وحصلنا على الميدالية الفضية.
وبعد أقل من عام سافر " " ولم أراه مرة أخرى حتى عام ٢٠٠٤ أثناء منافسات الأولمبياد وقتها وكنت كابتن الفريق حينها، لم أصدق نفسي عندما قابلته ثم انقطع التواصل من بعدها حتى ٢٠٢١، فقد تفاجأت برسالة منه عبر البريد الإلكتروني يخبرني ‘نه يتابعني وسعيد بما وصلت إليه من رئاسة جمعية الطهاة في مصر، والتحكيم الدولي، وما زلنا على تواصل حتى الآن.
سـ: لحظات ملهمة أثناء تجربتك في لوكسمبرج
لقد ألهمتني لقطات لأعضاء بعض الفرق أثناء تشجعيهم لبعضهم البعض قبل بدء المسابقات، والتفاتهم حول بعضهم في دائرة وأذرعهم على أكتاف بعضهم الآخر ويغمرهم الحماس، فقد كنت أتخيل لو كان الفريق المصري هنا، لرفعنا أيدينا سويًا داعيين من الله التوفيق، فقد تأثرت بتلك المشاهد حتى أنني قمت بتصوريها كذكرى لي فيما بعد.
كما اعتلاني الفخر عندما تم ذكر دولة الإمارات أكثر من مرة أثناء الإعلان عن الفائزين وتسليم الميداليات، ففرحت كثيرًا بسماع اسم دولة عربية في محفل عالمي للطهي مثل هذا.
وقد دعاني الفريق الإماراتي أثناء التقاط الصورة الجماعية للانضمام لهم، فقد كانت لحظات خاصة لن أنساها.
تعرف على كل جديد في مجال الطهاة والمطاعم والفنادق من خلال آي هوريكا
المنصة المتخصصة للطهاة ومجال الأغذية والضيافة
حوار مع الشيف حسام سليمان عن تجربة التحكيم في كأس العالم للطهي