يعد المطعم النباتي وما يتضمنه من مكونات ووصفات وأغذية وخدمات ضيافة وأجواء استقبال أحد أهم وأشهر الصيحات والمتطلبات الحديثة والمتطورة باستمرار في المجال التجاري المعني بعمل المطاعم والفنادق والمنشآت الخاصة بتقديم الأغذية والمشروبات.

ويمتلك مجال الأغذية النباتية - بما يتخلله من أنظمة طعام - بريق خاص، اكتسبه جراء تعبيره بمثالية عما يمتلكه من شقين متكاملين، وهما الشق العلمي والشق العملي، فهو مجال ضخم يحمل العديد من الأسس والمبادئ والأفكار وحتى الاتجاهات العلمية، وكذلك يحمل العديد من المتطلبات والاحتياجات العملية، وهو ما يجعله فريدًا بما يقدمه من خدمات ومنافع وبما يشبعه من رغبات للمتذوقين والزوار أو المعتنقين لهذا المفهوم، والذي يمكننا أن نشير إليه بمصطلح " نباتي " أو " Vegan ".

ويمكن تعريف مفهوم النباتي على أنه فلسفة خاصة وأسلوب حياة عام الغرض منه هو الاستغناء عن الأغذية المتضمنة للحوم والدواجن والأسماك والبيض والعسل والحليب ومشتقاته، مع مراعاة الملبس أيضًا، فلا يتم الاعتماد على الملابس المصنوعة من الجلد والفرو أو المنتجات التي يتم اختبارها على الحيوانات، فالنباتيون يفضلون استخدام البدائل الخالية من المكونات المواد والأصول الحيوانية.

وهو الأمر الذي تضاعفت معدلات الاهتمام به والاعتماد عليه في الحياة من قبل فئات الجمهور المختلفة، فتحولت الرغبة من مجرد البحث عن الأصناف الخالية من المنتجات الحيوانية في قوائم طعام المطاعم والفنادق، إلى البحث عن وجبات نباتية " Plant Based Food " وخدمات ضيافة مجسدة لهذا المفهوم على مدار السنة، وتزامنًا مع تضاعف الطلب، يظهر الدور التجاري الخاص المعني بتقديم خدمات الأغذية والضيافة المطلوبة حديثًا، وهي التي يجسدها في هذه الحالة إنشاء وتأسيس مطاعم تقدم قوائم طعام نباتية وتطرح خدمات الضيافة والاستقبال المعبرة بمثالية عن هذا المفهوم.

ولكن لبناء وتصميم وتدشين مطعم نباتي، يجب الأخذ في عين الاعتبار أنه بينما الأطباق المقدمة تشكل جزء كبير من المفهوم النباتي، إلا أنه ليس العامل الوحيد لجعل مطعمك نباتي بشكل تام، فهناك فئة من المتذوقين والمعتنقين لهذا المفهوم يجد ضرورة مراعاة النظام البيئي أو الـ " Ecosystem " في تصميم المطاعم النباتية، وذلك بتصميم مطبخ معبر عن المفهوم، واقتناء قطع تزيين ومنتجات داخلية للمطعم مصنعة جميعها من مواد صديقة للبيئة، بجانب استخدام معدات وأدوات تقديم لا تؤثر بالسلب على النظام الطبيعي للبيئة، وهو الأمر الذي سنتطرق إليه بالتفصيل عبر السطور القادمة من خلال تقديم أهم الخطوات المتبعة لإنشاء وتدشين مطعم نباتي بنجاح.

حيث يقبع تحت ذلك المسمى العام - النباتي - العديد من الأنواع، فلا يندرج كل النباتيين تحت فئة واحدة فقط، بل ينقسموا إلى عدة أنظمة مختلفة يتبعها النباتيون، وذلك من ناحية أولى، ومن ناحية ثانية يتم تقسيم مفهوم المتذوق النباتي بناءً على أسباب ومبادئ صحية أو أخلاقية أو دينية خاصة، لذا دعونا نتعرف أولًا على أنواع النُظم النباتية المختلفة لنستوضح الأسباب وراء اختيارها كحمية غذائية:

·   النباتي الصرف أو الـ " Vegan ": يعد الشرح العام السابق لمعنى كلمة نباتي هو الأقرب لهذا النوع، فهم لا يتناولون أي منتجات حيوانية سواء الأولية كاللحوم والدواجن والأسماك أو الثانوية وهي المنتجات المشتقة من الحيوانات مثل الدهون، والألبان والبيض والعسل وشمع العسل والجلود والشعر والريش والفرو والحرير والصوف والبيض والعظم والجيلاتين. 

·   نباتيو الألبان أو الـ " Lacto Vegetarianism ": هم من لا يتناولون اللحوم والأسماك والدواجن والبيض ولكن يتناولون منتجات الألبان مثل الزبدة والجبن والحليب والزبادي بالإضافة إلى المنتجات النباتية بالطبع. 

·   نباتيو البيض أو الـ " Ovo Vegetarianism ": وهم من يأكلوا البيض بجانب نظامهم النباتي ولكن لا يتناولون اللحوم والدواجن والأسماك واللبن ومشتقاته. 

·   نباتيو الألبان والبيض أو الـ " Lacto- Ovo Vegetarianism ": يعد ذلك النوع من النباتية هو الأكثر اتباعًا، فنباتيو الألبان والبيض لا يأكلوا اللحوم الحيوانية بكافة أنواعها ولكن يعد البيض واللبن ومشتقاته كالجبن والزبدة من ضمن العناصر الغذائية المهمة في نظام غذائهم بجانب الخضراوات والفاكهة والبقوليات. 

·   نباتيو الأسماك أو الـ " Pescatarian " أو الـ " Pescetarian ": وقد يسمى أيضًا بالنظام شبه النباتي، وذلك النوع من النباتية يعتمد اصحابها على الأسماك والمأكولات البحرية في نظامهم الغذائي بجانب المكونات والعناصر النباتية، بينما لا يتناولون اللحوم الحمراء أو الدواجن كباقي الأنظمة النباتية.  

·   نباتيو الدجاج أو الـ " Pollotarian ": متبعي ذلك النظام يعدوا أيضًا من ضمن شبه النباتيين، فهم يأكلوا الدواجن بجانب الخضروات والفاكهة والخضروات ولكن لا يتناولون اللحوم الحمراء والأسماك والبيض واللبن ومشتقاته.

بعد أن تعرفنا على أصناف النباتيين المختلفة، يحين وقت عرض الخطوات الرئيسية التي يجب اتباعها في سبيل إنشاء وتدشين المطعم النباتي ، ولكن قبل التطرق للتفاصيل يجب علينا توضيح مسألة هامة، وهي التفرد والخصوصية التي يمتلكها المتذوق أو الزائر والضيف النباتي في بيئة العمل المعنية بتقديم الأغذية وخدمات الضيافة في المطاعم والفنادق، وهي النقطة المحورية التي يجب أن يعيها كل مالك أو مدير في المنشأة المقدمة لخدمات أغذية أو وصفات نباتية ، ويظهر هذا الوعي في معرفة أسلوب التفكير وطبيعة الاحتياجات الأساسية من أجواء الضيافة والوصفات التي يبحث عنها النباتيين، حيث لن يقتصر دورك على تقديم الطعام النباتي فقط، بل سيكون لك دور أهم في التعامل مع النظام النباتي ككل في كل النواحي اللوجستية والإدارية لخلق تجربة مميزة من نوعها، ويمكننا تقديم هذه الخطوات كالتالي:

ومن ثم يجب التفكير في الشكل الذي سيتخذه مطعمك؛ أهو " Fine Dining " أم " Fast Casual " أم " Take Away "، مع الوضع في الاعتبار الألوان والديكور والجو العام للمطعم، ولا تنسى أن تحدد الرؤية الخاصة بك والقيم التي تريد الترويج عنها من خلال مطعمك النباتي، بجانب كتابة الأهداف التي تنوي تحقيقها من خلال المطعم سواء على المدى القريب أو البعيد.

الميزانية: في هذه النقطة ستحتاج إلى التفكير في كل ما يختص بالأموال والتكلفة، فعلى سبيل المثال يجب أن تدرك ما هي تكلفة تحضير كل طبق وما هو هامش الربح الخاص به، مع الوضع في الاعتبار كافة المصاريف المتعلقة بالديكور، بالإضافة إلى تحديد بيان التدفقات النقدية أو " Cash-Flow Statement " الخاص بك الذي يتضمن ميعاد الأرباح وميعاد دفع المستحقات، مع عمل ورقة الميزانية العمومية أو الـ " Balance Sheet " الخاصة بك والتي تتضمن جميع القيم المالية للممتلكات التي تنوي ضمها للمطعم، مع حساب الميزانية التي تحتاجها لبدء العمل، وما هي نسبة الأرباح التي تعتقد أنك ستقوم بها.

اللوجستيات: هناك ثلاث نقاط مهمة يجب وضعها في الاعتبار عند التفكير في لوجستيات إقامة مطعمك النباتي، فأول عنصر هو التأكد من أن الموقع الذي قمت باختياره يناسب نوع الطعام الذي تنوي تقديمه، وأن تكون متأكد من أنك ستلاقي الطلب الكافي من قبل العملاء في هذه المنطقة، ثانيًا ينصح بكتابة الوظائف التي ستحتاج إيجاد موظفين لها، وما هو متوسط رواتبهم المتوقعة، والتفكير في العقود التي توفرها لهم، بجانب حصد المعلومات اللازمة عن الأوراق الإدارية والحكومية الرسمية المطلوبة لبدء تشغيل المطعم وتعين العمالة، والتي قد تتضمن الضرائب وتصاريح العمل والتأمينات، بجانب تقدير المدة والمصروفات التي المتطلبة لإتمامها، واخيرًا يجب حساب مخزون المواد الغذائية الذي ستحتاجه بشكل مستمر، وكيف ستقوم بتوريده، وأين ستتمكن من تخزينه، مع الوضع في الحسبان كيفية متابعة هذا المخزون طوال الوقت.

الأساليب التكنولوجية والوسائل الدعائية: من المهم معرفة ما هي التكنولوجيا والبرمجيات التي تنوي استخدامها وتكلفتها، بالطبع بجانب الأدوات التي تنوي شرائها حتى يكون لديك فكرة مبدئية عن الميزانية المطلوبة لبدء العمل بالمطعم، ومن ثم عليك التفكير في وسائل الدعاية التي تنوي اتباعها سواء من خلال وسائل التواصل الاجتماعي أو الدعاية على أرض الواقع كاللافتات والمنشورات.

ويجب قبل اختيار أي موقع معرفة قاعدة سكان المنطقة، أي معرفة كم عدد القاطنين في تلك المنطقة المحددة التي يتطلعون لتلك الخدمة، وبالطبع سيكون تحديد أرقام كتلك أمر في غاية الصعوبة، ولكن دائمًا ما يمكن تحديد العدد بشكل تقريبي إما عن طريق السؤال في الغرف التجارية المحلية أو البحث الفعلي عن طريق الذهاب إلى المنطقة ومراقبة الحركة والسكان في ذلك الحي، ويجب أيضًا مراعاة إنشاء المطعم في منطقة يقطنها أو يأتي إليها أشخاص مهتمين بالمطعم النباتي والطعام الصحي بشكل عام، فمن الممكن أن تختار مكان مجاور إلي نادي رياضي أو صالة ألعاب رياضية " Gym " أو ستوديو يوجا على سبيل المثال. 

وأحد المعايير الأخرى التي من الضروري وضعها في الاعتبار هي اختيار موقع واضح للمشاة وسائقي السيارات خصيصًا إذا كنت جديد في المجال ولم يعرف الناس بعد بشكل كافي عن المطعم الجديد، فلذلك يعد من الجيد اختيار موقع في شارع رئيسي أو به أشخاص كثيرة بدلًا من منطقة هادئة في شوارع جانبية، حتى وإن كانت أجرته مرتفعة قليلًا، ولكن ذلك الفرق يستحق لجذب العديد من المارة الذين لا يهدفون لقصد مطعم بعينه، وذلك يعد نوع من أنواع الدعاية المجانية، فحينما يكون المطعم دائمًا في مرمى بصرهم، ويظل في ذاكرتهم رغبة تجربة المكان حتى وإن لم يكن في الوقت الراهن 

نقطة أخرى مشابهة لمجال الرؤية، وهي سهولة وإمكانية الوصول، فكون المطعم مرئي، فليس بالضرورة صالح لأن يأتيه العديد من الزبائن، فمن المهم أن يكون الحي به العديد من المارة ولكن أيضًا أن يكون هناك أماكن انتظار إما خاصة بالمكان أو قريبة له لأصحاب السيارات، ويفضل أيضًا أن يكون بجانب محطة مواصلات عامة كالمترو أو موقف أتوبيسات فذلك يشجع الزبائن في القدوم عند علمهم بأنه لا يتطلب عناء للوصول إلى المطعم، فالزبائن تفضل الراحة في الوصول، ويجعل المطعم يأتي بأذهانهم عندما يكونون على عجلة من أمرهم، وأخيرًا يجب عليك اختيار موقع مناسب مع العلم التام بمختلف الطبقات الاجتماعية المتواجدة به وتكون على دراية كافية بأنهم قادرين على تكلفة ما تقدمه من الأغذية وخدمات الضيافة.

أما الجزء الثاني، والخاص بالـ " السرفيس " وأطباق التقديم والأقمشة المستخدمة سواء في المطعم أو الـ" Take Away "، فبالطبع ستختلف بشكل كبير، وذلك في حالة إذا أردت جعل مطعمك نباتي بشكل تام، فمن المهم اختيار موارد صديقة للبيئة لمطعمك، حتى أدوات التقديم، فكل خيار صحيح تقوم به يترك أثر لعالم أكثر نظافة واستدامة، ومن أهم الخطوات المتبعة لتحقيق ذلك هو:

·   استخدام أدوات تقديم قابلة للتحلل، وذلك في سبيل الوصول إلى الهدف الأساسي للنظام النباتي وهو تناول الطعام الصحي مع المحافظة على النظام البيئي للطبيعة، وأول خطوة نحو تحقيق ذلك هو عدم استخدام البلاستيك تمامًا سواء كأدوات التقديم أو أكياس الوجبات الجاهزة، ومن ثم يجب اختيار المواد القابلة للتحلل من مصادر نباتية أو مواد معاد تدويرها، لصناعة الأطباق وأواني التقديم، بجانب الشوك والسكاكين والملاعق، ومن أفضل تلك المواد: أخشاب البامبو والطبقة الخارجية لجوز الهند، فذلك يساعد على تقليل التلوث البيئي المحدث من قبل صناعة الأواني الخزفية، بجانب أنه يحتاج إلى طاقة وموارد أقل. 

·   ومن الجائز أيضًا التقليل من استخدام أطباق التقديم من خلال صناعة أطباق وأكواب قابلة للأكل باستخدام المواد الغذائية كالخضروات المجففة والمعجنات والبسكويت والمكرونة المجففة، وفي تلك الحالة ستكون قد أضفت فكرة جديدة للأطباق المقدمة واستطعت التقليل من المواد الغير صديقة للبيئة.

وإضافة إلى ذلك، تضفي الأدوات المصنعة من جوز الهند والبامبو والمواد الأخرى جو خاص إلى مطعمك، وتضاعف إحساس الزبائن والمتذوقين بروح المطعم النباتي، ومن الممكن أيضًا استخدام تلك الأواني في تزيين صالة تقديم الطعام في حالة تشوه حالتها أو حدوث شروخ بها، فلا تكون صالحة لتقديم الطعام بها، ولكن من الممكن استخدامها لإضفاء لمسة ديكورية للمكان. 

·   في حين أن المواد الصديقة للبيئة القابلة للتحلل التي بإمكانها أن تحل محل الأقمشة المستخدمة عديدة، تتجسد على سبيل المثال في ألياف الأخشاب وخيوط القنب " Hemp " والكتان وألياف الصويا المعروفة بكشمير الخضروات، ومناديل القطن القابلة لإعادة الاستخدام.

·   أما لخدمة الـ " Take away " فمن الممكن استخدام الورق المعاد تدويره أو الكرتون القابل للتحلل وأدوات تقديم الطعام المصنوعة من البامبو بدلًا من البلاستيك.

وكما ذكرنا مسبقًا، أن تقديم الطعام النباتي ليس أمر كافي لإنشاء مطعم نباتي فمن المهم أيضًا خلق تجربة نباتية متكاملة للزوار هدفها الأساسي الحفاظ على النظام البيئي فحتى الطاولات والأثاث المستخدم وأرضيات صالة تقديم الطعام وأغراض التزيين يجب أن تكون نباتية ولا تسبب التلوث أو تهدر موارد الأرض أو تم استغلال الحيوانات لصنعها، كالأخشاب والأقمشة النباتية والمواد القابلة للتحلل والمواد المعاد تدويرها. 

ومن الأسباب التي تدفع الأفراد لاختيار المطعم النباتي، هو للاستمتاع بأجواء ومساحات الضيافة المختلفة والفريدة، لذلك يجب الحرص التام على ابتداع فكرة جديدة لمطعمك من خلال التصاميم الخارجية والداخلية، ولا داعي أن تبدأ بكل ما تملك من أفكار في السنوات الأولى، فبإمكانك اتباع مبدأ التصاميم البسيطة ثم تحديثها وتحسينها في وقت لاحق. 

من العوامل الأخرى التي يجب مراعاتها عند التصميم الداخلي للمطعم وخلق شعور عام معين هي الألوان وهي ما تشكل عامل كبير في جعل الزوار سعداء ويزيد من شعورهم بنجاح التجربة النباتية - إذا تم اختيار الألوان بفعالية ودقة -، وإليك بعض من مجموعات الألوان التي ستساعدك على توصيل فكرة مطعم مثالية، وإبراز التجربة النباتية الفريدة للعلامة التجارية بشكل أوضح:

هي ألوان مبهجة ومشرقة وتمد الضيوف بالكثير من التحفيز البصري ولكن بسبب كونها ألوان فاقعة قد تسبب بعض من الإزعاج بعد الجلوس بها لفترات طويلة، لذلك تلك الألوان تساعد على جعل معدل دوران الطاولات أو الـ " Table Turnover Rate " مرتفع فيتيح للمكان استيعاب عدد أكثر من الزوار في وقت أقل، وهو مناسب للـ " Casual Eateries " وللبوفيهات ولمطاعم الوجبات السريعة.

لبدء العمل في المطعم النباتي من المهم جدًا تعيين موظفين على قدر كافي من الخبرة والتخصص في المطبخ النباتي، فمن الممكن أن يكون الطباخين والعاملين العديدين لديك على قدر ضئيل من خبرة التعامل مع الوصفات والمكونات النباتية، فعلى سبيل المثال استبدال بعض المكونات غير النباتية بأخرى نباتية، مثل استبدال العسل برحيق الجوافة، وعدم استيعاب الطهاة والموظفين لهذه الجزئية قد يحدث بعض المشاكل أثناء الطهي وتقديم الأطباق وهو ما يجب على صاحب المكان اجتنابه قدر المستطاع، وفي حين لم يتوافر عاملين ذو خبرة كافية بالمجال النباتي، يجب الاهتمام بإعطائهم التدريبات والمهارات اللازمة للعمل في المطبخ النباتي قبل البدء في العمل. 

ومن جانب آخر، يُعرف عن عملية إدارة المطاعم أنها لا تخلو من الأوراق، ولكن في حالة العمل في مطعم نباتي قد يشكل ذلك عائق كبير في شكل الإدارة، لذلك يفضل تقليل الاعتماد على استخدام الأوراق بقدر الإمكان وتوجيه الاعتماد نحو توظيف البرمجيات الفعالة في إدارة المطعم للحصول على تقارير الأداء من كافة الأقسام، بالإضافة إلى التحكم في قائمة الطعام وتنظيم جداول الموظفين ومتابعة سجلات الجرد والفواتير، والحصول على الإيصالات الرقمية، مما يجعل من السهل الإشراف على الإدارة وتحسين الإنتاجية.

ومن أهم الأنظمة التي من الممكن أن تساعدك في إدارة مطعمك هو نظام نقاط البيع أو الـ " Point of Sale System "، ولكن يوجد المختلف من الأنظمة التي تندرج تحت هذا المسمى من البرمجيات، ولكل واحد سعره وإمكانياته الخاصة، لذلك من المهم معرفة المميزات المتواجدة في كل نظام قبل شرائه، وإيجاد أفضل نظام يتيح ويوفر لك ما تحتاجه لإدارة مطعمك النباتي بفعالية، ولكي تكون قادر على أخذ قرار بذلك، إليك بعض من أهم السمات التي تتواجد في أنظمة الـ " POS " التي بإمكانها أن تسهل من عملية التنظيم: 

·   يخلق تواصل أفضل بين صالة المطعم والمطبخ من خلال توصيل الطلبات من المضيفين للطهاة في المطبخ عبر الأجهزة الإلكترونية، ومن ثم يتلقوا إشعار عندما يكون الطعام جاهزًا، مما يوفر وقت للمضيفين بدلًا من التنقل بين صالة المطعم إلى المطبخ عدة مرات. 

·   يسهل من عملية متابعة الطلبات والحجوزات وتحليلها وتقييمها بشكل مباشر وآني مما يسهل عليه ربط تعاملات العملاء جميعًا من خلال نظام واحد، من أي مكان وفي أي وقت من خلال تطبيق على هاتفه أو أي جهاز إلكتروني. 

·   يسهل من عملية إدارة المخزون، فهو يحسب الكميات المطلوبة لعمل كل طلب، ومع كل طلب يتم تقديمه، يقلل من المخزون الموجود، ومن ثم يمد المسؤول عن المخزن بإشعارات عندما تقل المنتجات الغذائية المتواجدة فيه.

·   يساعد مدير المطعم على تقييم أداء الموظفين، من خلال معرفة نسبة بيع كل فرد منهم، ويحسب دورات العمل التي قام بها، بجانب أن بإمكانه أن يحدد جداول العمل للموظفين، ومن خلال كل ذلك يقيّم الترقيات والزيادات.

مثل أي مطعم آخر من المهم جدًا تأسيس فكرة واضحة ومختلفة قبل البدء بالعمل بها، ومن أكثر العوامل أهمية هي معرفة نوع الطعام الذي تود تقديمه، فبإمكانك إما أن ترى ما هي الصيحات الجديدة والعمل عليها مع إضافة بعض الاختلافات أو عمل " Menu " جديد كامل مختلف لتنجح في هيكلة مطعم فريد من نوعه يريد الأفراد تجربته لما يتميز به من أغذية وخدمات ضيافة ، لذلك يعد تشكيل وكتابة قائمة الطعام من أهم الخطوات لتدشين مطعمك النباتي الخاص، ولكن التحدي يكمن في كيفية عمل قائمة طعام نباتية فريدة من نوعها.

فالسؤال الأهم القابع خلف تصميم قائمة طعام متخصصة لذوق محدد من المتذوقين مثل العميل النباتي ، هو كيفية تلبية ذوقه وإشباع رغبته

ولأن المطاعم النباتية تحمل سمات ذات طابع خاص يجب إدراك وتصويب الضوء نحو بعض من الجزئيات الهامة، نتطرق إليها عبر ذكر أهم الخطوات المتبعة لبناء الطبق النباتي:

·   أولًا: لتصميم أطباق جذابة من أجل تقديمها للزوار، يجب علي الطاهي تحديد النشويات والبروتينات التي تريد بناء الطبق عليها، من ضمن الخيارات الجيدة للنشويات هي الأرز البني والدقيق كامل الحبة والبطاطس والبطاطا الحلوة أما بالنسبة للبروتينات فمصدر جيد لها هي البقوليات والكينوا والتوفو والمكسرات. 

·   ثانيًا: يجب العمل على كيفية تحقيق الملمس المطلوب للطبق، فاذا كان الطبق بأكمله ذا ملمس واحد سوف يمل الزائر، لذلك يجب المزج بين القوام والتراكيب المختلفة - دسم ومقرمش وناعم وقوي - في كل طبق. 

·   ثالثًا: زيادة القيمة الغذائية للطبق ويمكن عمل ذلك من خلال تزيين الطبق بالورقيات الخضراء والكرنب والفجل. 

وبعد أن تعرفنا معًا على العناصر الأساسية في الأطباق النباتية، يحين وقت معرفة الأذواق المختلفة للنباتيين، فهناك ذوقين يتبعهم النباتيين في اختيار طعامهم، فهناك من يرغب في تناول الطعام المشابهة للحوم والألبان وهناك من يريد نكهات مختلفة تمامًا عما هو متاح في قوائم الطعام للمطاعم التقليدية الأخرى، وكصاحب مطعم نباتي عليك توفير الطعام لكل الأذواق، لذا يجب أن تحرص على وجود النكهتين فيما تقدمه من وصفات نباتية وقوائم طعام، ويمكننا تحديد الفارق بشكل أكثر دقة من خلال التالي:

١- تحضير أطباق مماثلة لأطباق اللحوم: 

·   في تلك الوصفات يجب استخدام الخضروات المماثلة في الملمس للحوم كالتوفو والمشروم الباذنجان والبنجر والبطاطس والقرنبيط، ولكي تُشعر زوارك بنفس أجواء أكل اللحم، من المهم استخدام تقطيعات مماثلة للحم فيمكنك فرمه وعمل أقراص كالبرجر أو حشوه في أغلفة نباتية رقيقة لتماثل السجق والسوسيس ولكن تأكد عند التسوية ألا تطهيه أكثر من اللازم لأنك تحاول محاكاة نسيج اللحوم فيجب أن يظل به بعض من المقرمشة والمطاطية. 

·   أما انسيابية وسلاسة الألبان والزبدة والأجبان بإمكانك استبدالها بالملمس الكريمي الدسم للمكسرات المهروسة كالكاجو واللوز وكريمة جوز الهند، وتعد تلك مصادر أكثر من ممتازة لصناعة الألبان والأجبان الخاصة بك، ومن الممكن أن تصنعهم دون الحاجة إلى شرائها وإضافة نكهاتك الخاصة لها، ثم تستطيع استخدامها في كافة أطباقك.

·   آخر عنصر لمحاكاة طعم اللحوم، يكمُن في التتبيلة، فعلى سبيل المثال، إذا أردت الحصول على برجر نباتي باستخدام الخضروات والبقول، يجب عليك إضافة مزيج البهارات والتوابل التي تستخدم عادة عند صناعة برجر اللحم مثل بودرة الثوم والبصل والبابريكا والكمون، ومن الخطوات الهامة لإضافة نكهة غنية لأطباق الخضروات والبقوليات، هو القيام بعملية التتبيل المسبق لهم قبل الطهي، كما هو الحال عند تحضير وصفات اللحوم والدجاج.

٢- تحضير أطباق غير شبيهة لأطباق اللحوم: على صعيد آخر إذا أردت طهي أطباق مختلفة عن الوصفات النباتية للأفراد الذين لا يرغبون في الشعور بطعم اللحوم المتعارف عليه، يجب عليك خلق نكهات جديدة بخلطات وتراكيب مختلفة غير شبيه بالبهارات المألوف استخدامها للحوم والدجاج، وهناك طرق عديدة لإضافة النكهة إلى الخضروات والبقوليات المستخدمة مثل:

·   المزج بين الخضروات والفاكهة والفاكهة المجففة 

·   استخدام البهارات الكاملة والأعشاب الطازجة أو الشاي عند السلق 

·   استخدام مرق الخضار والعصائر بدل من الماء 

·   ترك البقوليات والخضروات في تتبيلات مختلفة قبل طهيها 

·   إضافة صلصات المكرونة النباتية للبقوليات بعد الطهي

·   دمج البهارات والأعشاب مع الدهون النباتية 

·   تزيين الأطباق بالأعشاب العطرية الطازجة 

وقد يظن البعض أن المطعم النباتي مطعم محدود ذو أصناف قليلة معدودة ومتكررة في كل المطاعم ، نتيجة لخلوه من المنتجات الحيوانية سواء لحوم أو مشتقاتها ولكن ذلك بعيد كل البعد عن الحقيقة، فهو مطبخ مليء بالمنتجات الغذائية متعددة الأذواق والنكهات والتي بالإمكان استخدامها والخلط بينها للحصول على أطباق جديدة ولذيذة وصحية، وإليك بعض من أهم المكونات لعمل الوصفات وبناء قائمة طعام نباتية مثالية:

وبعد تحديد الأطباق التي ستحتوي عليها قائمة الطعام والمشروبات يجب البحث بشكل أكثر دقة عن أماكن شراء المكونات والمنتجات النباتية المحلية وما هي المنتجات المثلى للشراء، ولأن الخضراوات والفاكهة تحتاج إلى رعاية مكثفة، من الجيد أن تأخذ في عين الاعتبار فكرة البحث عن شركاء محتملين أو موردي مكونات نباتية للتعاون معهم مما قد يقلل من نفقات الموارد النباتية التي تحتاج لها.

وبشكل عام، دائمًا ما يرتبط النظام النباتي بالأطعمة العضوية أو الـ " Organic Food " وذلك يعني أن مالك المطعم النباتي يجب عليه أن يدفع أكثر في المكونات والمقادير مقارنة بأصحاب المطاعم التقليدية، لذلك عند كتابة خطة العمل التي تطرقنا إليها في السطور السابقة يجب عليك:

·   مراعاة ارتفاع تكاليف المكونات الغذائية، ولذلك يفضل أن تهدف إلى هامش ربح أعلى لكل طبق جراء استخدام منتجات عضوية مرتفعة التكلفة. 

·   وذلك بجانب فكرة أن قائمة الطعام ستكون معتمدة كليًا على الخضروات والفاكهة وهي من المكونات التي تتلف سريعًا

·   إلى جانب أنه ينتج عن عملية تحضير الأطباق والتخلص من البقايا الكثير من الهدر 

·   كما تستغرق الخضراوات والفواكه الكثير من الوقت من أجل التقطيع والتقشير

والجزئيات السابقة توضح مجموعة من الأمور التي يجب مراعاتها ووضعها في الاعتبار عند تحديد هامش الربح المتحقق من الوصفة النباتية المقدمة إلى الضيف، وذلك لتغطية المصاريف وتعويض الخسائر وتحقيق الاستقرار المطلوب للعلامة التجارية في السوق التنافسي.

وهذه الجزئية المعنية بمكونات الفاكهة والخضراوات يتم إضافاتها إلى قيمة التكلفة الإجمالية المتضمنة للإيجار والتأمين وأجور العاملين ومعدات المطبخ والديكور وميزانية الدعاية، وغيرها من التكاليف الهامة التي بدورها ستنعكس على قيمة الأغذية وخدمات الضيافة المقدمة للزبائن، والتي بالطبع ستؤثر على مضمون خطة العمل الموضوعة كأول خطة لبناء وتدشين مطعم نباتي ناجح.

فتغطية مصاريف المطاعم النباتية مكلفة، ولكن ذلك لا يعارض فكرة دفع المزيد من المال في مقابل الحصول على طعام نباتي عضوي صحي، ولكن كما ذكرنا مسبقًا، في الكثير من الأحيان لا يبحث الزائر عن الطعام وحده بل يبحث أيضًا عن التجربة النباتية الكاملة مقابل ذلك المال، لذلك كن دقيقًا ومستعدًا في وقت تحديد هامش الربح لتضمين كافة التكاليف التي ستتيح تقديم تجربة صديقة للبيئة من البداية للنهاية.

ومع ذلك إذا أردت التأكد من نجاح تلك الوسيلة يجب عليك تحديد من هم جمهورك المستهدف بدقة، فعلى سبيل المثال إذا كنت تهدف إلى جذب جيل الألفية والجيل الذي يليه عليك أن تهتم بشكل فائق بمنصات مثل " Facebook " و" Instagram " و " Youtube "، حيث تخلق حوار مباشر ومستمر بين صاحب العمل والعملاء أكثر من أي وسيلة دعائية أخرى. 

فدائما ما يرغب العملاء في معرفة نوايا المطعم وما يدافع عنه، وهذه المنصات التواصلية تتيح فرصة كتلك، بجانب أنها توفر لصاحب العمل إمكانية المشاركة بمعلومات أكثر عن المطعم والمنتجات والأخلاقيات المتبعة، كما تهيء تلك المواقع فرصة ممتازة لتأكيد فكرة أن مطعمك صديق للبيئة يعتمد على الموارد العضوية والمنتجات القابلة للتحلل وأنه بالإمكان الحصول على تجربة نباتية فريدة، بالإضافة إلى إمكانية الإعلان عن العروض المتاحة بشكل مستمر، وفي حالة إقامة فعاليات بالمكان من الممكن الإعلان عنها وإتاحة الحجز الالكتروني لها وللمطعم بشكل عام. 

وتأتي شبكات التواصل الاجتماعي في متناول اليد مجددًا عند الرغبة في بناء شبكة من المعارف والعلاقات، فباستخدام مواقع التواصل مثل " Linkedin " و" Twitter " و" Facebook " للنشر والمشاركة أو حتى التعليق باستخدام محتوى ذو صلة بالمجال النباتي سيمكنك من خلق شعور بالثقة بين متابعيك والموردين أو الشركاء المحتملين، وبذلك سيكون من السهل الوصول إليك بدلًا من البحث المستمر عن جهات اتصال جديدة، ويعد " Linkedin " من أكثر المواقع نفعًا في خلق علاقات عبر الإنترنت، فهو يتيح لك أن تصل للأشخاص بسهولة والعكس صحيح، ومن ضمن الاقتراحات الأخرى التي بإمكانها أن تزيد عدد العملاء هو عبر استخدام صفحات الـ "  Facebook " النباتية لتتعرف أكثر على عقلية وطريقة تفكير زبائنك المحتملين وحقيقة احتياجاتهم ومتطلباتهم ورغباتهم المطلوب إشباعها، وما يتخلل ذلك من توجهات وصيحات وأفكار ضيافة مبتكرة، وذلك لتكون منخرط أكثر في هذا العالم.

أما بالنسبة إلى بناء شبكة المعارف خارج النطاق الإلكتروني فإن الطريقة المثلى هي المشاركة في الفعاليات المحلية التي تتضمن مواضيع وأحداث ذا صلة بالنباتية كورش عمل صناعة الجبن النباتي وطرق تحضير الوصفات المبتكرة، لتكون على دراية أكبر بما يرغب به العملاء، أو ربما عليك البحث عن فعاليات أكبر خارج نطاق مدينتك لتتعلق أكثر بهذا المجال وتزيد من فرصة تعرفك على الزبائن المحتملين والموردين والشركاء.

وفي النهاية يجدر إعادة تصويب الانتباه نحو حقيقة عدم بحث أصحاب الذوق النباتي عن وصفات الطعام فقط، بل عن أجواء وخدمات الضيافة النباتية أيضًا، وهنا تأتي فرصة تحويل مطعمك إلى شيء أكبر من كونه مجرد مطعم لتقديم الغذاء فقط، فهي مساحة يمكن لصاحب العمل استغلاها بعديد من الطرق لخلق مجتمع للنباتيين وزيادة معدل الربح له، من خلال:

·   تقديم قائمة طعام متجددة ومختلفة بنكهات مثيرة، 

·   خلق مساحة ترحيبية جذابة ومريحة للزوار 

·   احتضان الفعاليات التي تهم النباتيين وعمل ورش عمل وعروض خاصة أسبوعية

·   بيع المنتجات الصديقة للبيئة في مطعمك؛ كحقائب التسوق والأغراض المصنعة من المواد القابلة للتحلل والنباتات

·   تقديم أجواء تسمح بالاطلاع على كتب تعليم الطهي النباتي، وبذلك قد تكون كونت مجتمع متكامل تشاركي للنباتيين.

وكما ذكرنا من قبل أن المطبخ النباتي مطبخ جديد فريد من نوعه، لذلك يمتلك مساحة ابتكار كبيرة، انطلاقًا من كونه صيحة جديدة وعدد المهتمين به في زيادة مستمرة، خاصة مع وجود إمكانية خلق مجتمع كامل مبني على فكرة المطعم ذاته، وهو الأمر الذي سيتطلب بعض الوقت وتجاوز بعض المعوقات في سبيل تحقيق النجاح المرجو منه على المدى البعيد وإيجاد الهوية الخاصة بعلامتك التجارية في السوق التنافسي.