الطفل والغذاء، إحدى أكثر العلاقات التي دائمًا ما يتم تصويب الاهتمام نحوها من قبل الآباء والخبراء والباحثين والطهاة والمتخصصين في مجال السلامة الغذائية للأطفال وتقديم خدمات الطعام.
فعلى مدار السنوات السابقة تم إعداد ونشر التقارير والأبحاث المعنية بتعليم الأطفال الطهي برصد وتحليل توجهات الأطفال واستجاباتهم للأطعمة والمشروبات والعناصر الغذائية المختلفة، وما يحيط هذه العلاقة من متغيرات ومؤثرات خاصة؛ لما تحمله هذه القضية من أهمية مجتمعية واقتصادية كبيرة ويتخلل طياتها العديد من الإشكاليات والأخطار على المستوى الصحي إذا ما لم يتم ملاحظتها ومعالجتها بفعالية.
وتحمل مثل هذه القضية – أو العلاقة – بين الطفل والطعام العديد من المحاور الفرعية إذا ما تطرقنا لفهم وطرح ومناقشة مظاهرها المختلفة، ولعل أهمها:
· ما هي الأطعمة والعناصر الغذائية الأهم للطفل في مراحل عمره الأولى؟
· مفاهيم الأنظمة الغذائية المختلفة وما علاقتها بتكوين جسم الطفل؟
· كيف يمكن توجيه الطفل نحو الاعتماد على الفكر الغذائي المتزن والسليم؟
· كيف يمك تنشئة الطفل بمثالية وتوجيهه نحو احتراف الطهي؟
وعبر السطور القادمة سنتطرق من خلال آي هوريكا إلى فهم أهم الأساليب والاستراتيجية التي يمكن اتباعها في سبيل توجيه عقول الأطفال نحو إدراك واستيعاب الفكر الغذائي السليم، وما ينتج عنه من اعتماد كلي - من خلالهم - على اتباع أساليب حياة مثالية وصحية أو ملائمة لأجسامهم، وذلك إلى جانب التطرق إلى أهم الأساليب المتبعة والأفكار المطروحة لتوجيه الأطفال نحو تعلم فنون الطهي والتمكن من إعدادهم لمجال تقديم الأغذية وخدمات الضيافة – أو ما يمكن أن ندعوه " شيف المستقبل " إذا ما اتضحت بداخله الرغبة والموهبة اللازمة لذلك.
يسعد بعض الأطفال بتناول الوجبات الخفيفة مثل الجزر والفلفل الأخضر والمكونات الصحية الأخرى، بينما يسعد أطفال آخرين باتباع نظام غذائي قائم على الكربوهيدرات فقط مثل المعكرونة والأرز والخبز، وهو أمر طبيعي أن تجد مثل هذا التنوع، ولكن عندما تبدأ محاولات تغيير مفاهيم الأطفال اتجاه أنظمة الغذاء الضارة مستقبليًا، تجد أن من الصعب إرضائهم أو إقناعهم بأنظمة بديلة أكثر أهمية.
فلِم يحدث ذلك؟
اتضح أن هناك عددًا من الأسباب التي قد تجعل طفلك يرفض الطعام الذي تقدمه، فوجدت مراجعة أجريت عام 2015 لعشرات الدراسات التي يعود تاريخها إلى التسعينات، والتي نظرت في أنماط تناول الأطفال، أن عادات الأكل الصعبة أو الانتقائية كانت مرتبطة وتتأثر بالعناصر التالية:
· سمات وصفات شخصية الطفل
· الرقابة الأبوية لسلوك ودوافع الطفل أثناء تناول الطعام
· التأثيرات الاجتماعية المحيطة بالطفل والمكونة للمعرفة والمنهج وأسلوب التفكير
· أنماط تناول الوالدين
· حساسية الطفل المتكونة اتجاه بعد العناصر والمكونات أو الأطباق أو الروائح والنكهات
ويشير العديد من خبراء علم النفس إلى أن صعوبة الإرضاء عند تناول الطعام أمر طبيعي عند الأطفال الصغار، وبشكل عام، فإن المبالغة في رد الفعل أو محاولة تطبيق أنظمة غذائية صارمة لتثبيط الأطفال الانتقائيين تميل إلى أن تكون عكسية، وعلاوة على ذلك، لا يساعد القلق الأبوي، فمن الأفضل للأطفال أن يتعلموا بالقدوة، لذا يجب على الآباء دائمًا أن يكونوا إيجابيين عند تقديم الطعام وأن يُظهروا للأطفال مدى إعجابهم بالطعام عندما يطلبون منهم تناوله.
وعلى الرغم من أن بعض الأدلة تشير إلى أن اتجاهات الأكل الانتقائية لا تبدو مرتبطة بزيادة خطر الإصابة بالوزن الزائد أو السمنة، وفقًا لمراجعة مجموعة من الدراسات السابقة، إلا أن العديد من أطباء الأطفال يضيفون أنه إذا لم يحصل الطفل الصعب إرضائه على ما يكفي من التغذية الجيدة بسبب كونه انتقائيًا للغاية، ففي الحالات الفردية، يمكن أن يؤدي هذا النهج - خاصة الأطفال الصعب إرضائهم بشدة - إلى نقص المغذيات اللازمة على المدى القصير والطويل.
ويذكر العديد من أطباء الأطفال أنه من المهم للطفل تكوين وتطوير علاقة صحية مع الطعام في سن مبكر، فإذا لم يحدث ذلك، فيمكن أن يعاني الأطفال من مشاكل الوزن واضطراب الأكل في وقت لاحق من الحياة.
ولمساعدة أطفالك على تطوير تلك العلاقة الصحية مع ما يأكلونه، إليك ما يجب أن تعرفه:
قد تبدأ المعركة بسبب شيء مثل الخضروات، ولكن في معظم الوقت بالنسبة للأطفال الصعب إرضائهم، ليست الفاصوليا الخضراء والجزر أو حتى الحلوى غير المعتادة هو الأمر الذي يزعجهم، حيث يشرح عددًا من علماء الاجتماع وعلماء النفس أنه في كثير من الأحيان يعد الأمر " صراع على السيطرة "
بالطبع، هناك أوقات يتفاعل فيها الأطفال مع مذاق معين أو الطريقة التي يبدو بها الطعام، ولكن حتى في هذه الحالات، فإن رفض تجربة هذا الطعام هو تعبير عن الخوف، حيث أن السيطرة والقدرة على التحكم في بيئتهم الغذائية هي المشكلة الأساسية.
فكصغار، يصبح عمل الطفل تعلم التحكم، مثل كيفية تحريك أجسامهم وجميع وظائفه والتحكم فيها، ويعد اختيار الأطعمة التي يتم وضعها على أطباقهم واختيار ما إذا كان سيتم ابتلاع هذا الطعام أم لا هو منطقة أخرى يمكنه التحكم فيها.
لكن الآباء يريدون التحكم، عندما يتعلق الأمر بطعام الطفل أيضًا، وتحديد ما يأكله ومتى، وفي كثير من الأحيان، فرض الحدود، فهناك ضغط هائل على الآباء لإطعام الأطفال بشكل كافٍ ومغذٍ، ويذكر العديد من علماء الاجتماع أن الآباء يسيرون في ديناميكية التغذية العصبية بالفعل، حيث يشعر الأطفال بالضغط ويتعلمون أن وقت تناول الطعام هو شيء يهتم به الآباء حقًا، وبالتالي يبدأ الصراع على السلطة.
في بعض الأحيان تأتي النوايا الحسنة
للتغذية بنتائج عكسية
فيمكن للصراعات على السلطة أن تعلم الأطفال الرسائل الخاطئة عن الطعام، فعندما يرفض الطفل طعامًا معينًا ويضغط الوالدان على الطفل لتناول هذا الطعام، يصبح تجربة سلبية، فكم عدد من الأطفال قيل لهم: "تذوق القليل منه ويمكنك تناول الحلوى؟"
وهذا ما يجعل الحلوى قيمة والخضروات غير قيمة، كما يوضح علماء النفس، فالخضروات هي الأعمال الروتينية التي يجب القيام بها والحلوى هي المكافأة، وعلى الرغم من أن الطفل قد يتعلم أنه بحاجة إلى أكل الخضار، فإننا لا نُعلم الطفل أن يفضلها.
وتتحدد المشكلة الثانية في إعطاء الأطفال المفردات اللغوية الخاطئة للتعبير عن توجهاتهم عندما يتعلق الأمر بالطعام، فربما لا يرغبون في تناول الطعام لأنه غريب الأطوار أو لأنهم ليسوا جائعين أو يفضلون شيئًا آخرًا في وجبة العشاء - مهما كان السبب - لكنهم يقولون "لا أحب ذلك" حتى لا يتوجب عليهم تناوله، فيقول علماء النفس أن الآباء يعلمون الأطفال بشكل منهجي أن الطريقة "القانونية" الوحيدة للخروج من تناول الطعام هي قول: "لا أحبه".
ويجدر الذكر أن الأطفال يتعلمون ويطورون تفضيلات الذوق الخاص بهم حتى سن الخامسة تقريبًا، وذلك عندما يصبحون أكثر استقرارًا، فتبدأ أفكار وتقييمات الأطفال لتلك الأطعمة تتضح بشدة، ولكن "لا أحبها" يتم تعزيزها في عقولهم وعقول الآباء مما يزعزع هذا الاستقرار للتفضيلات.
وتشجع إحدى النظريات - التي تم الاستشهاد بها حول تثبيط الأكل الانتقائي - الآباء على مشاركة المسؤولية مع أطفالهم عندما يتعلق الأمر بالأكل، فيتحكم الآباء في الطعام المتوفر ومتى وأين يتم تناول الوجبات والوجبات الخفيفة؛ في حين يحدد الأطفال كمية الطعام التي يتناولونها وما إذا كانوا سيأكلون، وهي النظرية التي طورتها اختصاصية التغذية " Ellyn Satter" بتطوير النظرية تحت عنوان " "تقسيم المسؤولية في التغذية" أو " Division of Responsibility" - في الثمانينيات والتسعينيات.
وهو النموذج النظري الذي انبثق منه العديد من النماذج الفرعية فيما يتعلق بإرشادات التغذية للأطفال والمراهقين، والتي تصدر بشكل عام من أكاديمية التغذية أو " The Academy of Nutrition and Dietetics" والأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال أو "The American Academy of Pediatrics"، وقد أثرت هذه النماذج على الكثير من استراتيجيات الأكل الصحي للأطفال التي يتم تعليمها والدفاع عنها واتباعها اليوم.
إليك بعض النصائح حول ما يجب فعله في وقت الوجبات:
١- ضَع توقعات ملموسة: في كثير من الأحيان، إذا كنت تعطي طفلًا طعامًا للمرة الأولى، فمن المحتمل أن يكون غير متأكد قليلاً في البداية، ولا بأس بذلك؛ فتشير أبحاث علوم التغذية إلى أن الأمر يستغرق الأطفال حتى 12 تعرضًا لأي طعام معين لوضعه في فئة الطعام الذي "يعجبهم"، و"التعرض" يعني حرفياً أي وقت يتعرض فيه الطفل للطعام، فهذا لا يعني أن عليهم تناوله 12 مرة.
وقد يكون التعرض إما من خلال النظر للطعام، أو تذوقه، أو الاستماع إلى أحد الوالدين يتحدث عن تناوله، أو المساهمة في إعداده، أو الشعور به واستنشاق رائحته، وإذا ما وضع الكثير من الضغط على الطفل ليحب الطعام على الفور، وإذا كان هناك أي سبب لعدم رغبة الطفل في تناول هذا الطعام، فيتم وضع الوجبة في فئة: "لا يعجبني"، ويصبح التعرض اللاحق أكثر صعوبة.
٢- احرص على التنوع: حيث تجربة الأغذية الجديدة وتناوب الأطعمة والوجبات التي تتناولها، وهو عنصر أساسي في الأكل الصحي، فإذا كنت تأكل نفس الوجبات كل يوم، حتى لو كانت هذه الوجبات تتكون من عناصر صحية، فلن تتناول نظامًا غذائيًا صحيًا، فيقع الكثير من الآباء في فخ إطعام أطفالهم نفس الخضروات لأنها الوحيدة التي "يحبونها"، وهذا يعلم الأطفال عقلية أن الرتابة أمر طبيعي.
يحتاج الأطفال إلى تعلم هذا مبكرًا ويحتاجون تعلم عدم توقع الحصول على نفس الوجبة المقدمة لهم كل يوم، وامنح الأطفال خيارات عندما يتعلق الأمر بالأكل، فهذا يساعد على تعليم صنع القرار عندما يتعلق الأمر بالتغذية، وتعد إحدى الطرق التي يمكن للوالدين استخدامها لجعل أطفالهم يجربون عناصر جديدة هي جعل الأشياء ممتعة، مثل:
o تقطيع الطعام إلى أشكال جميلة ومرحة
o عرض الطعام بطريقة إبداعية على طبق الطفل
o السماح للطفل أن يعطي أسماء خاصة للأطعمة المفضلة لديه
o السماح بالإبداع والابتكار في صنع أشكال الأطباق المتواجدة على مائدة الطعام
٣- شارك الأطفال في عمليات الطهي والتحضير: إن إشراك الأطفال في إعداد الوجبات يجعلهم مشاركين نشطين ويمنحهم شعورًا بالسيطرة منذ البداية، فاطلب من الأطفال المساعدة في اختيار المكونات والطعام وإعداد الطاولة، وعلاوة على ذلك، فإن إشراكهم في عملية الطهي سيكون أكثر فائدة لأنه سيزيد من اهتمامهم بالطعام الذي يتم وضعه على الطاولة.
وإليك ٨ نصائح تجعل من مشاركة طفلك في الطهي تجربة جيدة لبناء علاقة مثالية بينه وبين المطبخ، وهي العلاقة التي تعرف في مجموعة من التقارير والأبحاث بمصطلح " Kids and Kitchen ":
o خذ وقتك: توقع أن يستغرق كل شيء وقتًا أطول مما هو معتاد، لذلك خصص وقتًا إضافيًا للطهي وكن على علم - خاصةً عندما يكون الأطفال أصغر سنًا – أن التجربة أهم من المنتج النهائي.
o توقع الكثير من الفوضى: الطهي عمل فوضوي وعندما يشارك الأطفال سيكون هناك المزيد، مارس قليلاً من التحكم في الضرر عن طريق وضع مفرش طاولة بلاستيكي على الأرض أو صينية أسفل محطة العمل الخاصة بهم، ولكن في النهاية، ستستمتع أنت وطفلك أكثر إذا تركت الفوضى ثم قمت بالتنظيف مع طفلك في النهاية.
o خطط للمستقبل: اختر الوصفة المناسبة التي سيستمتعون بها والتي تتضمن الكثير من الأنشطة المناسبة لأعمارهم، فتأكد من أن لديك جميع المكونات والمعدات جاهزة، وإذا لزم الأمر، قم ببعض التحضير قبل أن تطلب منهم الانضمام إليك، حيث يعد إعداد الكعك أمرًا ممتعًا على سبيل المثال ولكن إذا كنت بحاجة إلى إعداد وجبة العشاء، ففكر في الكيفية التي قد يساعدونك بها للقيام بذلك.
o تعليم ممارسات الهايجين الأساسية: مثل ارتداء الملابس اللازمة، وربط الشعر الطويل، وغسل اليدين والحذر أثناء لمس الأغذية النيئة والمطبوخة والجاهزة للأكل وغيرها من ممارسات الصحة والسلامة الغذائية
o تحدث من خلال الوصفة: مع الأطفال الأكبر سنًا، يمكنك دعوتهم لقراءة الخطوات مسبقًا وجلب المنتجات المطلوبة من المخزون، والتحدث عن العمليات والتخطيط وتوزيع المهام، ومع الأطفال الأصغر سنًا، اشرح ببساطة ما تصنعه وأظهر أي صور للمساعدة في الفهم والإحساس بالهدف.
o الحرص على فرص التعلم: أثناء الطهي، تحدث عن المكونات وأصلها، وعمليات وتقنيات الطهي، فيمكن أن يكون الطبخ طريقة رائعة للتعرف على العلوم والجغرافيا والرياضيات، من خلال وزن المنتجات بطريقة عملية على سبيل المثال، كما أنه جيد للمهارات الحركية الدقيقة والتنسيق بين الأفراد.
ناقش الوجبة أيضًا وحوّل جهود الطهي إلى محادثة، فإذا كنت قد خصصت وقتًا لتناول وجبة، فمن الجدير أن تجلس للاستمتاع ومناقشتها، فهذا هو الوقت المناسب لإعطاء الأطفال مفردات الطعام وتعريفهم بالأذواق المختلفة والنكهات الحلوة والمالحة والحامضة وحتى الحارة، والقوام المقرمش والطري والمتماسك.
كما يمكنك تبادل الأفكار مع أطفالك حول وجبة الطعام ومشاركتهم في عملية التخطيط للوجبة، فاطلب منهم مشاركة المكونات المفضلة لديهم والعمل معهم لبناء بعض الوجبات حول هذه المكونات؛ ومن الجيد أيضًا منحهم أنشطة للقيام بها، والتي يمكنك الحصول على مزيد من المعلومات عنها لاحقًا في المقالة.
o اللمس والتذوق: هذا سيجعل التجربة أكثر متعة بالنسبة لهم وسيشجع على تناول المزيد من الأغذية الجديدة وعدم الخوف من المغامرة، بالإضافة إلى أنها فرصة جيدة لتعليم الأطفال الأطعمة التي يمكن تناولها نيئة، فاطلب منهم استخدام ملعقة نظيفة للتذوق وليس الأصابع.
o اجعلها ممتعة: سوف يتعلم الأطفال أن يحبوا الطبخ إذا كنت تسترخي وتستمتع معهم في المطبخ، فإذا كنت تشعر بالتوتر، ابدأ بالوصفات الأساسية، فهي لا تزال تجربة تعليمية جيدة؛ فلا تتدخل إلا عندما يكون ذلك ضروريًا تمامًا ولكن دعهم يستمتعون ويبدعون.
٤- لا تحظر الأطعمة غير الصحية ولكن ساعد الأطفال على إدارة متى وكيف يأكلونها
يجب أن يحصل الأطفال على الحلويات والأطعمة غير الصحية، ولكن لا يزال الآباء بحاجة إلى تعليم الأطفال كيفية تناولها بكميات قليلة، فامنح الأطفال إرشادات حول ما يعنيه ذلك، حلوى واحدة في اليوم أو ثلاث وجبات في فترة زمنية محددة، أو وجبة خفيفة بعد المدرسة أو أيًا كان جدول الطعام المخصص لهم، حيث يمكن أن يؤدي منع الأطعمة غير الصحية إلى نتائج عكسية تمامًا مما قد يؤدي بالأطفال إلى الإفراط في تناولها أو إساءة استخدامها عندما تتوفر لهم.
٥- اجعل أوقات الوجبات تجربة إيجابية
جعل أوقات تناول الطعام صراعًا أو ساحة معركة يضع كلا من الوالدين والأطفال في مواجهة الفشل عندما يتعلق الأمر بتجربة أغذية جديدة وتناول الطعام الصحي، وبشكل عام، يرغب الأطفال في تناول ما أمامهم وأكل ما يأكله الآخرون، فلا يختار الأطفال أن يكونوا انتقائيين، وبالنسبة للعديد من الأطفال، يعد صعوبة الإرضاء مجرد آلية تحل نوعًا من المشاكل غير ذات الصلة بهم، حيث أنها تزيل الضغط أو تمنحهم التحكم، لذا من المهم أن تتذكر أن الأكل الصحي يتعلق بالسعادة، والسعادة في المنزل.
سيختلف الأطفال في قدرتهم على القيام بأنشطة الطهي المختلفة، لذا استخدم حكمك الخاص في اختيار المهام التي تعتقد أنها مناسبة لطفلك، السلامة هي مصدر القلق الأكبر، ولكن القليل من التجربة والخطأ يعدان أيضًا جزءًا من المرح، وقد قمنا أدناه بتجميع قائمة بالأنشطة المقترحة لمختلف الفئات العمرية الخاصة بطفلك:
مع أطفال أقل من ٣ سنوات
• غسل الخضار - هذه طريقة رائعة لتعليمهم أسماء الخضار وإثارة الاهتمام الذي نأمل أن يشجعهم على تجربة الأطعمة المختلفة
• تحريك المكونات - يجب أن تكون في درجة حرارة الغرفة -
• يهرس بالشوكة أو هراسة البطاطس - احترس مرة أخرى من درجة الحرارة –
• رش الطحين، زينة الكيك والسكر البودرة، ضع " صينية " تحتها لتجنب الفوضى
• سكب المكونات في المقاييس - ستحتاج إلى مساعدتهم في هذا النشاط -
الطبخ مع أطفال تتراوح أعمارهم بين ٣ - ٥ سنوات
• قطع المكونات اللينة مثل الزبدة والفطر والفراولة باستخدام سكين بلاستيكي قوي
• الخلط - باستخدام ملعقة أو يد لخلط المكونات معًا -
• التمزيق والعصر - تمزيق الأعشاب والخس أو سحق الفاكهة -
• العجن والتشكيل - يمكن أن يكون العجن الخفيف ممتعًا ولكنك ستحتاج إلى التدخل لإكمال المهمة واختر قواطع بلاستيكية -
• نشر الزبدة والكريمة
• القطف والتقشير لبعض البقوليات والمنتجات الزراعية
الطبخ مع الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين ٥ - ٧ سنوات
• القطع بسكين صغير - يجب أن يتعلم الأطفال كيفية الحفاظ على الأصابع من الخطر -
• القص بالمقص - إذا كان بإمكانك الحصول على مقص أصغر أو مقص للأطفال، فاستخدمه لقص الأعشاب -
• القياس - حتى الأطفال الأصغر سنًا يمكنهم القيام بذلك ولكن بينما يتعلم الأطفال القراءة والقيام بالرياضيات الأساسية، فهذه فرصة رائعة لهم للقيام بذلك مع إشراف أقل -
• فرك الدقيق والزبدة بأطراف الأصابع مطلوب في العديد من الوصفات
• الضرب والطي لخليط الكيك
• تبطين قالب أو صينية الكيك بالزيت
• قشر البرتقال أو البيض المسلوق - تأكد من أن البيض ليس ساخناً جداً -
• تحضير طاولة الطعام - شجعهم على الاعتزاز بطقوس الوجبات العائلية -
الطبخ مع أطفال في سن ٨ - ١١
• تخطيط وجبة الأسرة
• اتباع وصفة بسيطة
• إيجاد المكونات في الخزائن والثلاجات
• الخفق، باستخدام خفاقة بالون أو خلاط يدوي
• استخدام الحرارة على موقد وفرن وميكروويف
• صنع السلطات
• فتح المعلبات
الطبخ مع أطفال بعمر ١٢ سنة فما فوق
• النظافة الغذائية - غسل اليدين في البداية وبين لمس المكونات الخام والمجهزة للأكل -
• الرياضيات - العد وتقسيم الأجزاء، مضاعفة الوصفات، الجمع والطرح -
• التعرف على المكونات ومعرفة أصلها
• التعرف على معدات المطبخ وتعلم كيفية استخدامها
• قراءة واتباع الوصفات من أجل إعداد الطبق النهائي
عليك التأكد أولًا أن طفلك يمتلك بذور الشغف بهذا المجال، وأن تترك له المساحة الكافية لإظهار اهتمامه ومدى تعلقه ورغبته في إعداد الأغذية وخلط المكونات ببعضها البعض، وقد يتطلب هذا بعض الوقت، حيث يحتاج الطفل إلى استكشاف العوامل والمؤثرات المختلفة المحيطة به، بما يمتلكه من حواس مختلفة.
ومع التأكد التام من وجود اللبنة الأساسية والرغبة الجامحة في تعلم فنون الطهي واحتراف هذا المجال يمكننا التوجه نحو اتباع مجموعة من الخطوات الهامة لتهيئة طفلك لاحتراف مجال الطهي ليصبح شيف المستقبل، فالهدف هنا ليس فقط الاهتمام ببناء علاقة ترابط وثيقة بين الطفل وأنظمة الحياة الصحية فقط، بل هي تتعدى ذلك إلى حدود التخصص والتميز في هذا المجال، والذي إن تمت رعايته بدقة ومهارة تمكن الوالدين من إيجاد شيف ماهر ومتميز للمستقبل، وأهم هذه الخطوات:
١- المحاكاة الدرامية والسرد الروائي، وذلك من خلال الأفلام والمسلسلات والكتب والقصص عن الطهي والمطابخ التجارية وكيفية التعامل مع المكونات والعناصر الغذائية والزبائن وكيفية تصميم وإعداد وتقديم الأطباق بمهارة وتميز، ولكن مع الحذر من تقديم صور مخيفة في المشاهد الأولى التي يتعرض لها الطفل لهذا العالم، ففي النهاية مازال الطفل يستكشف عالم الطهي ما يتخلله من أفكار ومذاهب، فقد تكون المشاهد والقصص الخيالية المعبرة عن قيم فن الطهي أقرب لأفكاره من تلك العاكسة لضغط مهام العمل في المطابخ التجارية، والتي قد يؤدي التعرض إليها – في مراحل عمرية مبكرة للغاية – إلى نتائج عكسية غير مرجوة.
٢- عندما يصل الطفل إلى مرحلة عمرية مناسبة، قد تصبح المحاكاة / المعايشة الفعلية المؤقتة – لبعض الساعات – في أحد المطابخ التجارية لمطعم أو فندق ما خطوة مناسبة لمضاعفة الرغبة والنزعة الداخلية اتجاه ممارسة فنون الطهي واحتراف العمل في مجال تقديم الأغذية وخدمات الضيافة، ولكن مع الحذر من إعداد هذه المحاكاة في ساعات العمل شديدة الازدحام حتى لا ينتج عن ذلك نتيجة عكسية، فالهدف من هذه الخطوة مساعدة الطفل على استكشاف معالم هذا المجال.
٣- تساهم ملابس وأدوات الطهاة والهدايا والـ " اكسسوارات " الخاصة المعبرة عن مجال الطهي إلى جانب أدوات التزيين والدهانات وأوراق الحائط وغيرها من العوامل المساهمة في نقل مشاعر وقيم فن الطهي داخل المنزل في زيادة قوة العلاقة بين الطفل وفن الطهي، ولكن مع الحرص على عدم المبالغة في اتباع هذه الخطوة حتى لا يشعر بالتقيد، ولعل من الأفضل دائمًا أن تكون هذه الأدوات والهدايا هي رغبات بادر الطفل بطلبها من الوالدين.
٤- كما أن مؤخرًا أصبحت مشاركة ونشر الخبرات والقدرات والأعمال الطهوية الخاصة بالأطفال عبر قنوات التواصل الاجتماعي الافتراضية أو القنوات المطبوعة المختلفة ومسابقات الأطفال، وحتى إرسال الأعمال والجهود الخاصة بهم إلى الخبراء و الشيفات المحترفين في المجال لإبداء آرائهم فيها واحدة من الخطوات المفضلة للآباء في سبيل غرس حب المجال في نفوس الأطفال.
٥- وبشكل عام عليك إيجاد القدوة الطهوية والصورة المشرفة التي يمكنها نقل أسمى معاني وقيم فن الطهي لطفلك، فإن لم تتجسد هذه المعاني في أحد الوالدين أو كليهما، فيمكن تجسيدها في شيف محترف يتميز بشخصيتها الراقية المؤثرة وامتلاكه للقيم والمعاني المميزة لمجال صناعة وتقديم الأغذية؛ حيث تمتلك هذه الخطوة أهميتها في ربط الطفل بصورة مثالية يسعى جاهدًا للوصول إليها ومحاولة تقليدها، لذا احرص دائمًا على اختيار شخصية القدوة المثالية.
٦- ويعد تصوير وتوثيق اللحظات الطهوية الخاصة بالطفل في مراحل نموه المختلفة خطوة أيضًا هامة ومحفزة في سبيل تشكيل التعلق والارتباط بلحظات ومواقف سابقة تضفي المزيد من الأهمية على قيمة هذا المجال في وجدان الطفل، ساعيًا إلى توثيق المزيد من هذه اللحظات وإظهار رونقها في المستقبل
٧- ولمزيد من التخصص في مجال غرس قيم فن الطهي وتقديم خدمات الأغذية في نفوس الأطفال في مراحل النمو المختلفة، قد تبرز الحاجة لغرس فكر الاستدامة بما يتخللها من ممارسات واتجاهات متعددة، حيث إجراءات الصحة والسلامة الغذائية والاعتماد على المنتجات المحلية والتعلق بالبيئة المحيطة بالفرد والاستفادة من المكونات المتاحة وترشيد الاستهلاك وإعادة التدوير وغيرها من الممارسات، فلا تنسى أن التعليم في الصغر كالنقش على الحجر، ولعل هذه أفضل الأوقات لغرس مثل هذه المفاهيم في عقول الأطفال.
٨- ولا يمكننا أن نتجاهل بالطبع إعطاء هذا القسم المزيد من ملامح الاحترافية والخصوصية بتعليم الأطفال -بأسلوب سلس ومبسط وبدون التطرق للتفاصيل المعقدة – ماهية المطابخ حول العالم وما يتسم به كل منها من صفات وملامح أساسية.
وفي النهاية تظل هذه العلاقة بين الطفل والأغذية وفنون الطهي متجددة الملامح والسمات باستمرار؛ نظرًا لتطور الاتجاهات الطهوية والسمات المجتمعية بتقدم الحياة وظهور العديد من المؤثرات والتكنولوجيات الحديثة، لذلك يكون من الخطأ الإصرار على اتباع الأساليب والمناهج القديمة – التي لا تعمل بمثالية - في غرس القيم والاتجاهات الطهوية في نفوس الأطفال.
بل تتطلب الحاجة إلى التطوير من أساليب الرعاية والتنشئة السليمة للطفل في سبيل الارتقاء بالفكر المتعلق باتباع أنظمة الغذاء الصحية وأساليب الحياة المثالية والملائمة لاحتياجاتهم المختلفة، وهو الأمر الذي يتطلب بالضرورة الرصد والتحليل المستمر لدوافع وردود فعل وسلوكيات الأطفال، والبحث في أغوار العلاقة بينها وبين فنون الطهي والعناصر الغذائية اللازمة لحياة الإنسان والارتقاء من مستوياته الصحية، وذلك كله في سبيل الإعداد لجيل مشرق من الطهاة المحترفين .
تعرف على كل جديد في مجال المطاعم والفنادق من خلال آي هوريكا
المنصة المتخصصة في مجال الأغذية والضيافة
كيف يصبح طفلك شيف المستقبل؟