استطاع أن يترك جيل صاعد ومتميز من الطهاة الشباب المتمكنين من فنون وأساليب وتقنيات الطهي المختلفة، القديمة منها والحديثة، بصمته الخاصة في المجال بما يمتلكه من شغف ومهارة وإصرار وقدرة على الابتكار وإبراز التراث المصري بما لا يخالف القدرة على احتضان تطورات العصر وظهور أساليبه الحديثة في الطهي.
وبرغم تعدد وتنوع الأسماء البارزة والمميزة التي يظهر بريقها بشدة عندما يذكر دور الشباب في مجال الطهي المصري وتقديم الأغذية المميزة وخدمات الضيافة الراقية في المطاعم والفنادق، إلا أن هناك بعض الشخصيات البارزة التي لا يختلف على قيمتها وتأثيرها المميز المعنيين بهذا المجال، لما تقدمه من فكر خاص وجهود تعليم وتدريب مثالية تسعى من خلاله إلى الارتقاء بمستوى الأداء والتميز الذي يمتلكه المطبخ المصري بالتركيز على تطوير قدرات الشباب وثقل مواهبهم واحتضان أفكارهم ومساعدتهم على توظيفها بمثالية وإتمام أدوارهم الوظيفية بكفاءة شديدة.
وهو لا يختلف كثيرًا عن الدور الأساسي لجمعية الطهاة المصريين، حيث تسعى دائمًا من خلال دورتها التدريبية وجلساتها النقاشية المختلفة لنقل العلم والمعرفة والارتقاء بمستوى الخبرات العملية والمعارف العلمية التي يمتكلها جميع المنتمين للمجال من طهاة وإداريين وهواة وشباب ومتمرسين.
حيث ينقسم منهج الدورة إلى ٥ أيام منفصلة، تتناول المناصب الوظيفية المختلفة للطهاة ومصطلحات المذاق وأصناف القوام المختلفة، وفئات المكونات وطرق الحفظ المتعددة داخل المطبخ، كما تهتم هذه الدورة بتعريف الأدوات والمعدات المتباينة المستخدمة في المطابخ التجارية إلى جانب مجموعة من المصطلحات والتعبيرات اللغوية والطرق والأساليب العامة المتبعة في أثناء تنفيذ المهام في المطبخ، حيث ينقسم الشرح وفق أقسام رئيسية هي المخبوزات والحلويات والجزارة والمطبخ الساخن والمطبخ البارد.
وهنا يظهر دور الشيف منى الصباحي كواحدة من الأسماء المصرية الشبابية البارزة في مجال الطهي وتقديم خدمات الأغذية والضيافة والاستشارة المثالية، لتبدأ سلسلة دوراتها مع الحضور من كافة الفئات والأطياف المعنية بالأمر، بدءًا من شرح المراكز الوظيفية للشيفات انطلاقًا من الـ "COMMIS" وانتهاءً بأعلى المراتب الوظيفية، وشرح التراكيب اللغوية لبعض المسميات الوظيفية مثل الـ "Demi Chef De Partie"، والتطرق لشرح الفرق بين الـ "Junior/ Senior" و الـ "Executive/Head"، متخللةً ذلك بالحديث عن بعض الوظائف الفرعية والألقاب الوظيفية الخاصة التي يمتلكها بعض العاملين في المطبخ داخل المطاعم والفنادق.
ثم تنتقل الشيف منى للحديث عن أولى أقسام هذه السلسة التعليمية بالحديث عن "المذاق – Taste"، بما يتضمنه من أنواع المذاقات المختلفة التي يمكنك تجربتها في المطبخ وشرح مفصل لكل مذاق على حدة وأهم الفروق والتشابهات فيما بينها، لتتحدث بذلك عن مذاقات الـ " Sweet – Sour – Salty – Savory – Bitter – Spicy" إلى جانب مجموعة أخرى من المذاقات الخاصة.
وأعقبت هذه الجزئية بحديثها عن الـ "القوام – Texture"، شارحةً مفهوم القوام في الأغذية وكيف يتم تذوقه وأنواعه وأهميته في تصميم الطبق النهائي، وبعض النصائح والتوصيات الخاصة المقدمة من خلالها لتدارك الممارسات الخاطئة المتخذة أثناء تصميم قوام الوصفات المختلفة، لتتحدث بذلك عن " Light – Dense -Thick – Soft – Hard– Crunchy" وغيرها العديد من أشكال القوام.
وتمكنت الشيف من خلال الدورة التدريبية شرح أهم أصناف المكونات المتواجدة في المطبخ تحت مصطلح "Ingredient Category"، لتشمل من خلاله الحديث عن البقوليات والفاكهة والخضار واللحوم والدواجن والأسماك ومنتجات الألبان المصنعة، وكان ذلك بشكل عام في البداية قبل أن تتعمق في كل قسم لتتحدث عن أجزائه وتشعباته الكثيرة لتعبر عن أصناف متعددة ومتباينة من المنتج الأساسي.
وهو ما تكرر عند انتقالها للحديث عن " الأدوات والمستلزمات – Tools and Equipment" الأساسية المستخدمة في المطابخ الخاصة بالمطاعم والفنادق، ولكن هذه المرة بالعودة مرة أخرى إلى المسميات الخاصة بكل أداة، حيث تخللت في الحديث شرح سبب التسمية لكل أداة وأهم مميزاتها ومعنى الاسم واللغة المنتمية إليه، كما حرصت الشيف منى على إعطاء مرادفات متعدد لنفس اسم الأداة ولكن بلغات أجنبية أخرى.
كما اهتمت الشيف منى بالحديث عن " طرق الحفظ – Preservation Methods" التي يعتمد عليها الشيفات والطهاة المتمرسين في تسكين وحفظ منتجاتهم ومكوناتهم المختلفة، لتذكر التبريد والتجميد والتمليح والحفظ بالسكر والتدخين والحفظ بعامل الطبيعة، وغيرها من أساليب وطرق الحفظ المستخدمة.
وتذيل منى الصباحي دورتها التدريبية بشرح أهم المصطلحات العامة "General Techniques" المتبعة في المطابخ المختلفة والتي يلزم على كل طاهي معرفتها وإدراكها لشيوع استخدامها في الحوارات والمناقشات المتبادلة بين طواقم العمل داخل المطعم، مثل الـ " Slice – Dice – Roll – Drizzle – Whip – Emulsify – Blend" وغيرها مجموعة كبيرة من المصطلحات الشهيرة في المطابخ التجارية.
لتنطلق إثر هذه المقدمة التعريفية إلى التوغل في مصطلحات الأقسام الرئيسية من المخبوزات والحلويات والجزارة ومطبخي البارد والساخن، في حلقة متكررة لكل قسم على حدة لتعريف أهم الأدوات والمعدات والمكونات المتضمنة في هذا القسم، إلى جانب الحديث عن الأساليب والطرق الطهوية التي يتميز به كل قسم وأهم المصطلحات العامة شائعة الاستخدام فيها.
والجديربالذكر أن الشيف منى الصباحي قد امتلكت الخلفية المعرفية والعملية الكافية التي تأهلها لتقديم هذه السلسة الخاصة من التدريبات لفئات الطهاة المشاركين في الفعالية، حيث درست في كلية الفنون الجميلة، قسم العمارة، لتتخرج في عام ٢٠١٥، ولكنها لم تخصص كل هذا الوقت لدراستها الجامعية فقط، بل توجهت بما تمتلكه من شغف دفين نحو مركز تدريب الطهاة في القاهرة لتكون دراستها ليلًا في نفس الوقت الذي تكون فيه الدراسة الجامعية صباحًا، حتى تخرجت منها عام ٢٠١٣.
وقد عملت في العديد من المطاعم وتحت قيادة العديد من الشيفات والمحكمين المحترفين في مجال الطهي وتقديم الأغذية وخدمات الضيافة المثالية، كما أنها لقبت بـ " السيدة المصرية الأولى التي تعمل كمساعد شيف في مسابقة عالمية " لمشاركتها في مسابقة " Global chef challenge" لعام ٢٠١٦، وحصولها على جائزة ثاني أفضل شيف تحت ٢٥ عامًا.
هذا إلى جانب الخبرات المكتبسة نتيجة العمل في مجال تقديم الخدمات الاستشارية لفترة طويلة مع الشيف ماركوس في شركته الخاصة، وهو الأمر الذي ساعدها بشدة مؤخرًا على تدشين شركتها الخاصة "Whisk" لتقديم خدمات الأغذية والاستشارات الفنية المتعلقة بها.
ويضاف إلى ذلك خبرتها في الوقوف أمام الكاميرا وتقديم الحلقات التليفزيونة المختلفة عبر برامج الطهي، وامتلاكها القدرة على التحدث بعدة لغات أكسبتها القدرة والموهبة على تفهم مصطلحات المطبخ الأساسية بشكل أكثر تعمقًا واستيعابًا لمعانيها.
سـ١: ما طبيعة المعوقات التي تقف حائلًا بين الطهاة الشباب من الإناث وبين تقديم خدمات الأغذية بالمطاعم والفنادق، وكيف يمكنهن مواجهتها؟
" في بداية الأمر أنا لا أحب مصطلح الطهاة الإناث، فأنا لا أرى فارق بين الذكور والإناث في هذه المهنة، فكلاهما يستطيع أن يؤدي مهام المطبخ على أكمل وجه، ولا أرى سببًا يدعو للفصل بين الجنسين.
كما أنها في الحقيقة لا تعد معوقات، بل هي فرص، تعطي لهم كل القدرة على إثبات الذات وقلب الموازين، من خلال تجاوز الظروف القاسية، والإبقاء على رغبة تحقيق الأحلام، هذا هو الفكر الذي يجب عليهن غرزه في أذهانهن، وتنشأ هذه الفرص من الظروف وأنماط الفكر المجتمعية الشائعة والمسيطرة على العاملين في هذا المجال، ففي بداية العمل داخل أي مطعم أو فندق تفاجأ الأنثى بتدني مستويات التوقع الإيجابية المكونة عنها من طرف المديرين أو الزملاء في الطاقم، بل يتعدى الأمر إلى حدود التقليل من القدرة والقيمة التي تمتلكها الأثنى في هذا المجال، وبالتالي تجد الشيف الأنثى نفسها غير مقبولة في الفريق بأكمله مما يخلق لها أجواء من العزلة والرغبة في التخلي عن الحلم والشغف المتعلق بالطهي، وتقديم خدمات الضيافة الراقية.
ويتعلق الأمر أيضًا بطبيعة العمل داخل المطابخ، والتي تتطلب بنية جسدية وقوة عضلية كما نعرف، ولكن هذا الأمر أيضًا، والذي يظنه العديد عائقًا، ليس سوى تحدي بسيط يقف أمام الفتاة لإثبات قوتها وسيطرتها الكاملة على أجواء العمل وتنفيذ المهام الموكلة إليها على أكمل وجه، ولكن ما أراه مزعجًا ومثيرًا للضيق بحق، هي المفاهيم المتكونة عن الطهاة الإناث في المطابخ، حيث يعتقد الكثيرون أنها متخصصة فقط في صناعة الحلويات مثل "الوافل" و"الكوكيز"، والمخبوزات"
ولكن كل ما يجب أن أقوله، لا تستسلموا، بل اهتموا بتحصيل العلم والمعرفة واكتساب الخبرة العملية في هذا المجال، فالوصول للنهاية يتطلب الصبر والمحاولة مرارًا وتكرارًا"
سـ٢: دائمًا ما نتحدث عن الطهاة الشباب ودورهم في تطوير مجال تقديم خدمات الأغذية والضيافة المثالية .. ما أهم المهام المطلوبة منهم في الفترة الراهنة؟
"أعتقد أن الدور الأول يجب أن يتمثل في العودة إلى الجذور التراثية الخاصة بنا، فيما يتعلق بالتعرف على المكونات الغذائية الخاصة بمحيط وبيئة العمل المصرية، فقد كانوا قديمًا على سبيل المثال يستخدمون البرسيم لصناعة عصير البرسيم، وهو أمر جيد يعكس لنا أهمية الانطلاق نحو استخدام وتوظيف مجموعة هامة من العناصر الغذائية المحيطة بنا في الوقت الراهن مثل النبق والجميز وحَب العزيز والبشملة، وذلك إلى جانب ضرورة إعادة توظيف أساليب وفنون وتقنيات الطهي القديمة الخاصة بأسلافنا مرة أخرى، حيث أنها اندثرت نتيجة عدم الاهتمام باحتضانها وإعادة توظيفها واستخدامها بما يتوافق مع متطلبات واحتياجات العصر.
حيث أننا لا نمتلك في المجتمع المصري أي تاريخ مدون أو موثق يتضمن وصفات خاصة ومحددة لأغذية أسلافنا حتى الفترة ما بين القرنين الثالث والخامس عشر، حيث تمكن العصر المملوكي من توثيق الوصفات في أكثر من كتاب منهم كتاب كنز الفوائد على سبيل المثال، والذي يحتوي على أعداد مهولة من الوصفات القديمة والأساليب والتقنيات المثيرة التي يمكننا الاعتماد عليها في سبيل توظيف المكونات المحلية الخاصة بمحيط عملنا وصولًا إلى أطباق ونتائج نهائية مثيرة ومعبرة عن إرثنا الخاص.
كما أرى أن الدور الثاني يتمثل في التكاتف والعمل الجماعي في سبيل تطوير الفكر والارتقاء بالوعي والقدرات والمهارات التي يمتلكها طلاب المدارس الفندقية والمعاهد الخاصة المعنية بمجال الطهي وتقديم الأغذية والمشروبات وخدمات الضيافة الراقية عبر المطاعم والفنادق والمنشآت والهيئات الخاصة".
سـ٣: لماذا تشعر فئة كبيرة من الطهاة الشباب بالتردد والخوف للعمل في بعض المطابخ مثل المطبخ النباتي والياباني؟
"لأنها مطابخ حساسة للغاية، كما أنها تتسم بدقتها واحتياجها لمتطلبات محددة للغاية، فالمطبخ الياباني على سبيل المثال يعتمد على التكنيك المتبع، وذلك على الرغم من مظهره البسيط، إلا أنه يتطلب الكثير من الوقت حتى يتم إتقانه والعمل عبر آلياته وأساليبه بمثالية، ففي اليابان على سبيل المثال قد يتدرب الشيف لمدة أربعة أعوام كاملة حتى يصبح مسؤولًا عن إعداد أرز السوشي فقط.
كذلك الحديث عن المطابخ النباتية، فهي قليلة الاهتمام والتوظيف من قبل المجتمع المحلي بسبب الاهتمام والتوجه المتزايد نحو اللحوم ومنتجات الدواجن والثروة الحيوانية، وبشكل عام يصبح الخوف من عدم إيجاد مستقبل مستقر ومثمر للشيف أثناء العمل في مثل هذه المطابخ هو التحدي الأهم في هذه الجزئية، فلم يجتهد في العمل ضمن قواعد وأساليب ومناهج هذه المطابخ في حين يستطيع التوجه إلى أنواع أخرى قد تأتي له بمقابل مادي أفضل؟ ونصيحتي هنا أن تتوقف عن التفكير بهذه الطريقة، إذ امتلكت الرغبة والشغف والطموح للعمل في مجال الطهي وفق أي مفهوم أو أسلوب طهي قم بذلك ولا تتردد، واحرص على أن تصبح مختلفًا في النهاية"
سـ٤: هل يمكنكِ وصف المطبخ النباتي في ثلاث كلمات؟
"استدامة - طازج - بقوليات"
سـ٥: نصيحة خاص لطلاب المدارس الفندقية والطهوية في مصر؟
- تعلم اللغة الإنجليزية، هذا الأمر غاية في الأهمية
- القراءة والاطلاع على كافة المصادر المعلوماتية الممكنة التي يتضمنها المجال
- لا يوجد قاعدة واحدة لكل أسلوب أو تكنيك أو خطوة طهي خاصة، فلا وجود لمصطلح الأصح، بل هو الملائم والمناسب، فهناك الأسرع والأنظف والأكثر فعالية والأسهل، ولكن ليس الأفضل على الإطلاق، لذا حاول دائمًا أن تبحث خلف قضبان المعايير والأسس والقواعد الموضوعة في سبيل البحث عن الاختلاف والتغيير، والقدرة على توظيف نفس المكون أو المنتج الغذائي بأكثر من شكل وأسلوب طهي.
سـ٦: ما هي أكثر التحديات التي تواجهيها صعوبة أثناء تقديم مثل هذه الأنواع من الدورات التدريبية؟
"عدم الاستيعاب الكامل لقيمة وأهمية هذه الدورات في نقل الثروة اللغوية اللازمة لمعرفة جميع المسميات الخاصة بالمكونات والأدوات والأجهزة والمستلزمات الأساسية في مختلف المطابخ للمطاعم والفنادق، نحن نتحدث عن علم وفن قام بتدوينه وتوثيقة ورسم أقسام وتحديد درجاته الوظيفية عن طريق الغرب، بمسميات ومصطلحات وتعبيرات أجنبية، كيف سنتمكن من تحقيق أعلى درجات التميز والابتكار والتقدم في هذا المجال بما يشمله من وصفات ومكونات غذاء مختلفة حول العالم وأجهزة وأدوات قديمة ومتطورة باستمرار مالم نكن على معرفة واستيعاب كامل بهذه الاختلافات اللغوية؟
فحقيقة ما يقلقني هو عدم تفهم الحضور لأهمية هذه الكلمات والألفاظ، لذلك أقوم باتباع الأساليب التقليدية من الكتابة الآنية وتكرار الكلمات بأصوات مرتفعة مع الحضور أثناء التدريس، وذلك برفقة الأساليب المتطورة من أجهزة العرض والحاسب الآلي والمجلدات الورقية الخاصة بمحتوى الدورة والتي توفرها جمعية الطهاة المصريين عبر مكتبتها الخاصة إلى جانب مجموعة كبيرة من المواد العلمية الأخرى ذات القيمة الكبيرة.
وهي المكتبة التي نسعى كل شهر لتوفير يوم خاص للقراءة فيها مع شعبة من الطهاة الشباب والهواة والمتمرسين في المجال، للتبادل المعرفي والثقافي واكتساب المعلومات الهامة من المجلدات والكتب الأجنبية والعربية، ولكن ما يلفت نظري بشدة أيضًا أثناء هذه المناسبة هي توجه نسبة كبيرة من المشاركين نحو الكتب العربية أو المترجمة إلى العربية، متجاهلين بذلك الكتب الإنجليزية وما تحمله من قيمة فكرية وجوهر ثقافي هام للغاية في المجال، فحتى وإن كانت أغلبها قد تم ترجمته، إلا أنه تظل القدرة على قراءتها واستيعابها وثقل المواهب اللغوية لدى الطاهي أمر ضروري، بل هو إلزامي إن كان يبحث عن أعلى المستويات في مجال الطهي.
وهناك فئة أخرى من المشاركين لا يجد أي أهمية للجانب النظري على اعتقاد أنه لا يضيف في مجال الطهي وأن الأساس يكمن خلف التجربة العملية المباشرة مع المنتجات والمكونات الغذائية المختلفة، وهذا اعتقاد خاطئ، فالعلم والعمل وجهان لعملة واحدة في هذا المجال، لا يمكنك أبدًا تجاهل إحداها إذا كنت تبحث عن جوانب المهارة العملية والقدرة على الابتكار والتميز في المستقبل"
سـ٧: كيف ظهرت هذه المصطلحات وأي المطابخ العالمية امتلكت الدور الرئيسي في وضع مناهج محددة للمطبخ ولفنون الطهي؟
"المطبخ الفرنسي بالطبع، ويمكننا توجيه الشكر والثناء لكلًا من " Marie Antoine Carême " و " Auguste Escoffier "، فقد كان لهما الفضل في تأسيس ووضع الدرجات الوظيفية في المطابخ وتوزيع المهام والأدوار على جميع المشاركين في طواقم العمل للمطعم، كما كان لهم دور كبير في تطوير فنون الطهي وأساليب تقديم خدمات الأغذية إلى الضيوف، وتسمية الأدوات والأساليب الخاصة بعمليات إعداد الأغذية من خلال الكتابة ووضع أساس ممنهج لها"
سـ٨: ما هي الأسباب المشكلة لضعف الوعي بمصطلحات المطبخ الأساسية وكيف يمكن معالجة هذا الأمر؟
"السبب الرئيسي هو عدم وجود وعي بالأساس بهذه الثروة اللغوية، هناك خوف من التعرض لها واستيعابها ودراستها، وهو ما نسعى دائمًا من خلال جمعية الطهاة المصريين لمواجهته عبر تقديم الدورات والنصائح والتوصيات، ولكن هناك دور آخر غاية في الأهمية، ويتعلق بدور الطهاة المحترفين، ورؤساء الطهاة، والطهاة التنفيذيين في المطابخ التابعة للمطاعم والفنادق، حيث يقع على عاتقهم عبء ومسؤولية تعليم وتوجيه الطهاة الشباب والهواة العاملين ضمن إدارته، حيث يكثر التوجه نحو كتم المعلومة أو اختزالها وعدم تقديمها بشكل كامل ودقيق وواضح للأجيال القادمة، نحن نخدم هدف واحد، وهو الارتقاء بتراثنا الطهوي المصري، بما يرفقه من تطورات عصرية وأفكار دمج مبتكرة، ولن نستطيع تحقيق ذلك بكفاءة ما لم نتشارك في خبراتنا ومعارفنا.
كما لا يمكننا تجاهل أن البداية العلمية والعملية واكتساب الخبرة في هذا المجال بالنسبة لمعظمنا من أسلافنا وآبائنا لم تكن أكاديمية بل كان عن طريق توجيه وتعليم الطهاة الأجانب ممن كانوا يقيمون في مصر، حتى بعد أن تم تدشين العديد من المدارس والمعاهد المتخصصة بمجال الطهي، لم تستمر هي أيضًا لفترة طويلة، وهنا يكمن التحدي الذي نسعى جميعًا لمواجهته"
سـ٩: كيف تشعرين الكلمات التالية في تعبير مختزل؟
المخبوزات: "ريحة حلوة"
الحلويات: "وصفة"
الجزارة: "حبي"
السخن والبارد: "أعشق البارد بشدة"
سـ١٠: ما هي أصعب أنواع المطابخ إتقانًا من وجهة نظرك ولماذا؟
" المطابخ الآسيوية بشكل عام، حيث أنها تعتمد على ما يمتكله الشيف من مهارات وقدرات خاصة تم اكتسابها عبر سنوات العمل واكتساب الخبرة "
سـ١١: كيف يمتلك الشيف الشاب فلسفته الخاصة في مجال الطهي؟
" عملت في العديد من المطاعم وتحت قيادة العديد من الطهاة المحترفين، ولكن في النهاية قمت بطرح هذا السؤال، فلم أكن امتلك أدنى فكرة عن كيفية امتلاك شخصية أو كاريزما خاصة، حتى استطعت السفر إلى السويد، للعمل في برنامج تدريب صمم عبر مطعم " فرانتزيان" لمدة شهرين، وهو المطعم الحائز على 3 نجوم ميشلان، حيث قضيت نحو شهرين في المطعم من العمل والتعلم في المطبخ، وقمت بالتعرف على فلسفة المطعم وإدراك أمور مثل تجربة الزبائن، والمسئولية الشخصية، والشفافية والأمانة، وروح العمل الجماعية للفريق، وأهمية التحكم في الوقت، والانتباه إلى معايير مثل إهدار الطعام والتطور الوظيفي والإنجاز الشخصي للشيف.
هذه الأمور جميعها إلى جانب إدراكي لفلسفة الشيف الخاصة بالعودة إلى الجذور الأصلية الخاصة بموطنه والبيئة المحلية المحيطة به في تصنيع وإعداد وتقديم خدمات الأغذية والضيافة، وقد تمكنت، وفقًا لجميع العوامل السابقة، من رسم فلسفتي الخاصة في مجال الطهي، فالتجربة والمحاولة والخطأ والتعرف على كافة المجالات والفروع المندرجة تحت بند الطهي والمطاعم والفنادق تساعد بلا شك على تحديد الهدف بدقة ورسم الفلسفة المميزة، ولعل أهمها العودة إلى التراث الطهوي الخاص بك، حيث يمكنك أن تجد فلسفتك الخاصة هناك بسهولة، فهي تنتمي إليك أنت فقط، ولن تستطيع أن تجد من يعبر عنها أفضل منك.
ويمكن أن تدرك هذه الحقيقة عبر مراقبة المطبخ الاسكندنافي، ألم تطرح على نفسك سؤالًا هامًا، لماذا تتصدر الدول الاسكندنافية المشهد الطهوي في العالم؟ لماذا تنجح دول مثل فنلندا والدنمارك والسويد وأيسلندا في اعتلاء المراكز المتصدرة في مسابقات الطهي العالمية، رغم أن المطبخ الفرنسي على سبيل المثال هو الأحق بهذه المرتبة انطلاقًا مما يمتلكه من تراث وتاريخ كبير في هذا المجال؟
الإجابة البسيطة، فالمطبخ الاسكندنافي يتميز بوجوده في واحدة من أصعب الظروف والأجواء المناخية والجغرافية حول العالم، وهي لا تسمح بنمو النباتات واستبقاء الحيوانات لفترات كافية طوال العام، فالصيف لديهم يستمر لشهرين فقط، وأنواع الحيوانات التي يمتلكونها معدودة للغاية، لكن ذلك لم يمنع الطهاة من التجمع وعقد ميثاق خاص يحث على استحضار الأساليب والفنون التي كان يعتمد عليها الأسلاف في تحضير وإعداد وتقديم الأغذية، وهنا ظهر لديهم التجفيف والتخليل العديد من الأساليب والأفكار الخاصة التي تسمح لهم باستكمال الحياة في هذه البيئة بالاعتماد على المكونات المحيطة المتوفر لهم وتقليل الهدر والاستفادة التامة من كل مكون غذائي مهمًا كان بسيطًا، والدراسة المقننة لكافة مراحل تطور الفواكه والخضروات لديهم والتعرف على كيفية الاستفادة منها في كل مرحلة على حدة عبر توظيف أفكار مبتكرة جديدة في أطباقهم وخدماتهم"
وفي حقيقة الأمر هذا ما أسعى إلى تقديمه من خلال مشروعي الخاص للاستشارات الغذائية وتقديم فكر الـ "Finger Food" الذي يستمد مذاقه وأساليبه من الفكر المحلي والإرث الثقافي، فأنا على اقتناع تام بالفلسفة المعبرة عن إيصال المذاق بأقل التكاليف"
معربةً قائلة: " لإن أبلغ صيغ الطهي بالنسبالي إنك توصل اللي عاوز تقوله في قطمة أو اتنين، مش طبق كبير"
سـ١٢: إلى ماذا تفتقر المطاعم في الفترة الراهنة من وجهة نظرك؟
"نمتلك جموعة كبيرة من مطاعم الـ "Fine dining" الشهيرة التي تعتمد في الأغلب على مكونات وأساليب وتقنيات غربية، تفتقر إلى الروح المحلية، وهو ما يؤثر على جودة مفهوم الـ "Oriental Cuisine" لدينا، كما يضعف من قيمة الشيف المنتمي لهذا النوع من المطابخ أمام السائحين، وبالتالي يضعف قيمته الشخصية أمام نفسه، ويفضل التوجه نحو المطابخ العالمية، أي يحدث تشويه للهوية الطهوية الخاصة، وبالتالي لا يحدث تجديد أو ابتكار فيما نمتلكه من أدوات وأساليب وفنون خاصة تميز بها الأسلاف"
سـ١٣: هل أثرت الخلفية العلمية لديك والمتعلقة بفترات الدراسة بكلية الفنون الجميلة على مهارات التصميم الفني التي تبديها عند إعداد الأطباق المقدمة إلى الزبائن؟
"بالطبع، فهناك مادة تسمى مبادئ تشكيل وأسس التصميم، تعتمد على شرح أبعاد التصميم البصري "Visual Design" وكيفية تأثيره على المتلقين والمتعرضين، وهذا الأمر قد أضاف لي العديد من الأفكار المبتكرة أثناء عملي على إعداد الأطباق وفق منهج الاستشعار القائم على الشم والتذوق واللمس والمضغ والصوت، فالأمر لدينا أثناء إعداد الأطباق لا يتعلق فقط بالجانب البصري، بل هي مجموعة عوامل مترابطة ببعضها البعض، تسعى جميعها إلى إعطاء مذاق مثير وتجربة تذوق مميزة للضيف.
سـ١٤: أثناء فترات عملك بمجال "الجزارة" وتقطيع اللحوم، ما هي نصيحتك للطهاة الشباب للوصول إلى الاحترافية فيها؟
"لازم تبقى عارف إنه تشغيل مخ مش عضلات" هكذا كانت إجابتها، مستكملةً: " وإلا ستكون النتيجة سلبية، حيث ستتعرض للإرهاق وستتعرض معداتك ومنتجات اللحوم للتلف وضياع الجودة الكاملة، كما أن التجربة العملية مهمة للغاية في هذا المجال، فمهمًا امتلكت من معلومات وبيانات وإحصائيات خاصة، لن تمتلك من المهارة والخبرة ما يكفي للتميز بدون التجربة العملية على الحيوانات والدواجن"
وتستمر هذه الدورة، المقدمة من خلال جميعة الطهاة المصريين، في تقديم فعالياتها ومعلوماتها بكفاءة، ليتضح من خلالها مدى قوة التطلع من طرف الطهاة للحصول على العلم والتدريب الكافي لثقل الخبرات وامتلاك المهارت والقدرات الخاصة بفنون الطهي، والتي تساعد على إيجاد الأفكار المبتكرة وتقديم الأغذية المثالية وخدمات الضيافة الراقية في مصر، كما يتضح منها مدى أهمية وفعالية الدور الذي يمتلكه الطهاة الشباب في الارتقاء بكافة الكوادر العاملة والمعلمة، ومدى حرصهم على خلق بيئة صحية للتفاعل والتناغم بين الطهاة والشيفات المحترفين والمحكمين، حتى تتحول في النهاية إلى دائرة واحدة مغلقة من عوامل التأثير والتأثر، التي تصب جميع نتائجها في سبيل تحقيق هدف واحد فقط، وهو الحفاظ على منارة فن الطهي المصري شاهقة ومضيئة.
تعرف على كل جديد في مجال الطهاة والمطاعم والفنادق من خلال آي هوريكا
المنصة المتخصصة للطهاة ومجال الأغذية والضيافة
١٤ معلومة من الشيف منى الصباحي عن مصطلحات المطبخ الأساسية