تعد خلافات العمل بين العاملين والموظفين – أو الطهاة والمضيفين والمستقبلين في المطعم بشكل خاص - واحدة من التحديات القديمة والمتكررة والشائعة في أي بيئة عمل طبيعية تسعى نحو النمو والتطور والتميز في السوق التنافسي، وخاصة العمل في مجال المطاعم والفنادق، وتقديم الأغذية وخدمات الضيافة، حيث يتعامل معها الموظفون، ويتعرض لها المديرون، وقد تتصاعد لأن يشارك فيها العملاء والضيوف كذلك بدون قصد، وتتميز بكونها متعددة ومتنوعة، فمنها تلك المقتصرة على أبعاد المطبخ التجاري الخاص بالمطعم أو الفندق، أو الخاصة بالجزء الخلفي للمطعم وما يتخلله من مخازن وحسابات ومكاتب إدارية، أو قد تشمل النصف الأمامي أيضًا من المطعم.
والنزاعات، حتى وإن كانت مثمرة ومفيدة لتطوير وتحسين الأعمال، إلا أنها تمثل خطرًا كبيرًا إذا خرجت عن السيطرة ولم يتم التعامل معها وإدارتها بمهارة ومثالية عبر الجهات المسؤولة في المطعم أو الفندق أو مشروع الـ " كاترينج " الخاص بك.
ولكن بشكل عام، عندما تنشأ نزاعات في مكان عملك، يجب عليك معالجة المشكلة على الفور، ولكن النظرة الأعمق والأوسع والأكثر استراتيجية، هي تلك التي تساعدك على تجنب المعارك المتوقعة مستقبلًا ووقفها قبل أن تبدأ، وبناء ثقافة من الهدوء والتفاهم بين أطراف الهيكل الإداري للمؤسسة أو المطعم.
لذلك نقدم عبر السطور القادمة مجموعة من المعلومات والنصائح والتوصيات التي قد تساعدك في مجابهة هذا التحدي والحفاظ على بيئة عملك هادئة فعالة ومنتجة للأعمال المثمرة:
الاقتناع بأهمية الاختلاف
" لا تخف من وجود صراعات في مطعمك "
إنها أسطورة مفادها أن كل النزاعات ضارة بمكان العمل، ولكنه مثل أي عمل تجاري، حيث تظهر أهمية الاستفادة من الصراع البناء ذي المغزى من أجل النمو والتحسين والازدهار، فقد يؤدي تجنب الصراع في مكان العمل تمامًا إلى ترك أفضل الأفكار دون طرحها، خاصةً إذا كان الموظفون يخشون التحدث أو لا يتلقون التشجيع الكافي لمشاركة تخيلاتهم وأفكارهم واحتياجاتهم.
فمفتاح الصراع الهادف هو خلق بيئة تُمَكِّن الطهاة والموظفين والمديرين من الاختلاف باحترام حول الأشياء، لأنهم يعرفون أن كل شخص يكن في صميمه مصالح العمل الفضلى، وجزء من تنمية بيئة الفريق المثالية هو التأكد من أن كل فرد في الفريق على علم بأهداف العلامة التجارية المحددة ويشعر أن لديهم نصيبًا في نجاح المطعم .
اختر معاركك بعناية
" حيث اللحظة المناسبة للتدخل وإنهاء الخلاف "
حدد متى تتدخل ومتى تسمح للموظفين بحل الأمور بأنفسهم، فلا يتطلب كل نزاع تصعيدًا إليك أو إلى المديرين للتحكيم فيها، ففي بعض الأحيان، تكون النزاعات صغيرة وتنتهي بسرعة أكبر من تلقاء نفسها مما لو تم تضخيمها بشكل مصطنع من خلال تسليط الضوء على التدخل.
ولكن في نفس الوقت، احرص دائمًا على متابعة الأمور ولا تدع النزاعات بين الموظفين تخرج عن نطاق السيطرة قبل التدخل، فكلما طالت فترة احتدام الخلاف بين الموظفين ، زاد احتمال أن تبدأ المشاعر في تصاعده الدرامي، وقد يؤدي ذلك إلى نتائج وأحداث لا يمكن السيطرة عليها، ربما حتى أمام ضيوف غرفة الطعام الخاصة بك.
لا يجب أن يعرف ضيوفك
" يجب ألا يدرك العميل أي مؤثرات سلبية على أجوائه الخاصة "
من الطبيعي أن تستهلك الخلافات والنزاعات في مكان العمل انتباه الموظفين ، ولكن من غير الدارج تحت أي ظرف من الظروف أن تجذب انتباه العملاء أيضًا، يجب القضاء على الجدال والخلاف وحتى الاعتداءات الصغيرة بين الموظفين في مهدها بمجرد التعرف عليهم، ولا يجب أن تسمح بوصولها إلى ضيوفك في غرفة الطعام، كما يجب توجيه موظفيك لإبعاد خلافاتهم عن غرفة الطعام، فإذا بدأت أعراض نزاع الموظفين في معارضة خدمة العملاء، فلن يكون لدى المديرين حقًا أي خيار بشأن التدخل أم لا، فلقد ذهب الصراع إلى نقطة بعيدة بالفعل.
الإنصاف في الحكم
" يجب أن يتلقى كل طرف نصيبه التام من العدالة "
كل مدير لديه بلا شك تفضيلات خاصة بين موظفيه في مهام العمل المختلفة، ولكن عندما يتعلق الأمر بنزاع الموظفين، لا يمكنك أن تقدم أي شيء سوى الموضوعية، حيث يستحق كل موظف فرصة الاستماع إليه دون إصدار حكم مسبق ولديه وقت كافي لتقديم جانبه، إما واحدًا تلو الآخر في نفس المكان - بدون مقاطعة - أو واحدًا تلو الآخر مع المدير على انفراد.
والأهم من ذلك كله، كمدير، أو كبير الطهاة ، أو رئيس - الشيفات - ، يَهُم في حل النزاع بين الموظفين، هو عدم الاعتماد على ضجة الموظفين أو " القيل والقال " عند الحكم على موقف النزاع أو الخلاف، ولكن بدلاً من ذلك، اعمل على الحصول على معطيات أولية للمشكلة المطروحة، حاول أن تركز انتباهك - واهتمام موظفيك - على الحقائق والأفعال، وليس المشاعر والافتراضات.
تحديد مصدر المشكلة
" الحل الذكي يبدأ من التحديد الدقيق للمصدر "
في كثير من الأحيان، يمكن أن يتطور الصراع بطريقة تخفي القضية الحقيقية المطروحة، فهل الموضوع يتعلق بالعمل أم أنه شخصي؟ هل الأمر يتعلق حتى بالشخص الآخر المتورط؟ في بعض الأحيان يمكن للموظفين إحضار قضاياهم الشخصية من المنزل إلى العمل - فمن الصعب عدم القيام بذلك! كما يمكن أن يؤدي أي شيء يزعجهم في مكان آخر إلى قصر أو عدوانية تجاه شخص آخر في مكان العمل.
وبشكل عام يكمن السبب الفعلي خلف نشأة النزاعات والخلافات في مجال تقديم الأغذية وخدمات الضيافة في أربعة عوامل أساسية، هي:
الخوف
ضعف الفهم
الاستياء من الأشخاص الآخرين
انعدام الثقة (في الآخرين، في النظام، أو فيك).
وفي بعض الأحيان، تنشأ النزاعات لأن عملك يمر بتغييرات لها تأثير على الأدوار والمسؤوليات، مما يؤدي إلى الارتباك أو التوتر، فعلى سبيل المثال:
سـ: هل البار الخاص بك أو ما تقدمه من أغذية وخدمات ضيافة يواجه اتجاهًا جديدًا؟
سـ: هل هناك قائمة طعام جديدة، طاهٍ أو مالك جديد؟
سـ: هل تتوسع بسرعة؟ هل تتغير الجداول الزمنية وعدد العملاء أسبوعيًا أو حتى كل ليلة نتيجة لذلك؟
وهذه الأمثلة عبارة عن سيناريوهات مختلفة ومتعددة للمصادر المحتملة لافتعال النزاع، وهي تتطلب بالضرورة أنواعًا متنوعة من التعيين والتدريب وإدارة الفريق، لذا، هل لديك الأشخاص المناسبين لاحتياجات العمل والتحديات المناسبة؟
ولكن حتى عندما تكون المشكلة واضحة بشأن شيء ما يحدث في مطعمك، كن على دراية كافية بها حتى تتمكن من تجاوز التوتر العرضي الناتج عنها، فإذا كان هناك سبب أساسي للتوتر، فقد يمتد إلى أكثر من شخصين - أو أكثر- وقد يصيب سياساتك أيضًا، هل جدول أعمالك ومهامك غير منصف أو يسبب توترًا بين الموظفين؟ هل يتم توزيع العمل بطريقة تعتبر عادلة؟ هل الامتيازات تمتد إلى الجميع بالمثل؟
إيجاد حل
" هنا تظهر أهمية جميع الخطوات السابقة "
قد تمثل هذه الخطوة أصعب جزء في حل النزاع بين الموظفين، حيث إيجاد حل يمكن للجميع أن يسعد به، بما في ذلك أنت كمدير، وقد لا يكون ذلك ممكنًا دائمًا، ولكن جاهد للوصول إلى حل يتضمن الإنصاف، ويعالج أكبر عدد ممكن من القضايا المذكورة والمشاكل العالقة، ويساعد في مضاعفة احتمالات تجنب الصراع الشخصي في المستقبل.
وبمجرد اتفاق الموظفين على حل، فكر في كتابته، وبهذه الطريقة، يكون لدى كل طرف يتضمنه الخلاف نقطة للرجوع إليها إذا شعر أي طرف أن الاتفاقية لم يتم احترامها، أو إذا احتاجوا إلى تذكر ما وافقوا عليه بعد زوال الغبار وتراجع التوترات، كما احرص على التواصل مع من يملك حل نزاع الموظف وما هي الاتصالات التي قد تكون مطلوبة.
وعندما تصبح مسؤولًا عن مواجهة نزاع أو خلاف ما، أو حتى تصبح سببًا أو فردًا مشاركًا في مشكلة مفتعلة، عليك أن تطرح على نفسك مجموعة من الأسئلة الهامة:
سـ: هل تضع أهدافًا وتوقعات واضحة؟
سـ: هل تحاسب الناس؟
سـ: ما مدى وضوحك بشأن السلوك المقبول؟ هل توظف أشخاصًا يظهرون هذا السلوك؟
سـ: هل أنت موجود للإجابة على الأسئلة وتقديم التدريب؟
سـ: هل أنت مذنب باللعب بالأفضلية أو انتقاد الناس علنًا (والذي بدوره قد يمنح العاملين لديك الإذن بفعل الشيء نفسه)؟
سـ: هل عبء العمل متوازن بشكل متساوٍ أم أن لديك عددًا قليلاً من الأشخاص يحملون الكثير من الوزن بينما يتكلف الآخرون؟
وبشكل عام، قد تحتاج إلى تغيير بعض الأدوار والمهام وحتى الأشخاص، لذا كن واضحًا وصادقًا بشأن سبب إجراء هذه التغييرات، وحول مجالات المساءلة، قدوةً للسلوكيات التي تريد أن يتكيف معها فريقك، وتجنب النميمة والأحاديث البذيئة وإلقاء نوبات الغضب في الأماكن العامة، ومع مرور الوقت، عزز الأدوار والتوقعات والسلوكيات المطلوبة؛ حيث لا يحدث التغيير القوي والمستدام الذي يصنع السلام بين عشية وضحاها، فلا تتعجل وكن صبورًا في محاولات الحل.
المتابعة مع الفريق
"النهاية اللازمة لأي حل سابق تم اتخاذه "
طاقم مطعمك ليس مجرد مجموعة من الأفراد العاملين برواتب وأجور شهرية، بل هم فريق عمل مترابط، وعليهم أن يعملوا كفريق واحد لكي تتقدم أعمالك بفعالية وكفاءة، حيث يعد وجود العمل الجماعي في مكان العمل أمرًا ضروريًا في جميع المؤسسات، حيث يشكل أساس هيكل التشغيل في المطعم.
لذا ذكّر موظفيك في كثير من الأحيان بأنهم أفضل مورد لأنفسهم وأن دعم بعضهم البعض - ومعاملة بعضهم البعض بنفس المستوى من الخدمة والاعتبار المتوقع منهم أن يقدموه للضيوف - هو توقع أساسي لمكان عملك.
كما تعتبر مكافأة العمل الجماعي جنبًا إلى جنب مع الإنجازات الفردية إحدى الطرق الفعالة لتشجيع الانسجام والصراع الإيجابي مع الحفاظ على الصراع السلبي والاضطراب في حدوده الدنيا، لذا امنح موظفيك كل فرصة ليكونوا أبطالًا لبعضهم البعض وسيتعين عليك على الأرجح أن تتدخل بشكل أقل كمدير لحل نزاعات الموظفين، وتكون قادرًا على قضاء المزيد من الوقت في بناء أرباح عملك وإيراداتك بمرور الوقت.
وبما أن " مكافأة العمل الجماعي تأتي جنبًا إلى جنب مع الإنجازات الفردية "، تأكد أيضًا أن العمل الجماعي والتعاون هما عاملان هامان في التعويض والمكافآت، ابتهج للأشخاص الذين يخدمون العملاء بشكل جيد ويعززون العمل الجماعي والسلوك الإيجابي.
ولا تنسى أن الطهاة والمستقبلين والموظفين المتواجدين في مطعمك هم ممثلي علامتك التجارية والخطوة الأولى نحو مضاعفة أرباح مطعمك، لذا تأكد من أنه يمكنك العمل معهم عن كثب وحل مشكلاتهم على الفور، وهو الأمر الذي يجب أن تركز عليه كمدير لمطعمك أو مسؤولًا عن شؤون العاملين أو قائدًا لفريقك قبل المضي قدمًا والبدء في العمل على تحقيق أهدافك الخاصة.
وأخيرًا، يمكنك تجنب التوتر والنزاعات من خلال الحرص على أن تكون مديرًا ذكيًا، يراعي ويخطط، وذلك من خلال إنشاء جداول زمنية متوازنة حتى لا يشعر فريقك أنهم يحملون وزنًا كبيرًا، فهناك عبارة شهيرة تقول: " الموظفون السعداء ذوو الحياة المتوازنة ينتجون أكثر ".
كما انتبه لحقيقة أن مجال العمل في المطاعم والفنادق وتقديم الأغذية وخدمات الضيافة هو مجال متغير للغاية من حيث الضيوف والصيحات والتكنولوجيات، وحتى الأذواق، لذا ابحث عن أعضاء الفريق الذين يسعون ويزدهرون ويبتكرون خلال فترات التغيير والتقلب.
وتذكر، القادة يقودون، وهذا صعب في بعض الأحيان، لكن في بعض الأحيان يكون عدم الشعبية وتحقيق نتائج كبيرة أفضل بكثير من أن تكون محبوبًا من قبل مجموعة من العمال يتشاجرون فيما بينهم بينما يتراجع العمل.
تعرف على كل جديد في مجال الطهاة والمطاعم والفنادق من خلال آي هوريكا
المنصة المتخصصة للطهاة ومجال الأغذية والضيافة
كيف تعالج الخلافات بين العاملين في مطعمك بمهارة؟