الذكاء الاصطناعي المرئي " AI Vision " يمكّن أجهزة الكمبيوتر والأنظمة التقنية من استخلاص معلومات ذات مغزى من الصور الرقمية ومقاطع الفيديو والمدخلات المرئية الأخرى - واتخاذ إجراءات أو تقديم توصيات بناءً على تلك المعلومات، فإذا كان الذكاء الاصطناعي يمكّن أجهزة الكمبيوتر من التفكير، فإن الذكاء المرئي أو " رؤية الكمبيوتر " أو الذكاء الآلي المرئي تمكنهم من الرؤية والملاحظة والفهم.
وهو ما أوضحه موقع " IBM " خلال توضيحه لمفهوم الذكاء الاصطناعي المرئي " Vision AI " ، حيث تعمل هذه الرؤية تمامًا مثل الرؤية البشرية، باستثناء أن البشر لديهم السبق والأفضلية، حيث يتمتع البصر البشري بالقدرة على تمييز الأشياء عن بعضها، وإدراك مدى بُعدها، وما إذا كانت تتحرك، وما إذا كان هناك خطأ ما في الصورة.
حيث تقوم الرؤية الحاسوبية بتدريب الآلات على أداء هذه الوظائف، ولكن يتعين عليها القيام بذلك في وقت أقل بكثير باستخدام الكاميرات والبيانات والخوارزميات بدلاً من شبكية العين والأعصاب البصرية والقشرة البصرية.
ونظرًا لأن النظام المدرَّب على فحص المنتجات أو مشاهدة أصول الإنتاج يمكنه تحليل آلاف المنتجات أو العمليات في الدقيقة، مع ملاحظة العيوب أو المشكلات غير المحسوسة، فبذلك يمكنه تجاوز القدرات البشرية بسرعة وبمعدلات كبيرة.
ولكن على الجانب الآخر يحتاج هذا النوع من الذكاء الاصطناعي " Artificial Intelligence " إلى الكثير من البيانات، حيث يدير تحليلات البيانات مرارًا وتكرارًا حتى يميز الفروق ويتعرف في النهاية على الصور، فعلى سبيل المثال، لتدريب جهاز كمبيوتر على التعرف على إطارات السيارات، يجب تغذيته بكميات هائلة من صور الإطارات والعناصر المتعلقة بالإطارات لمعرفة الاختلافات والتعرف على الإطارات، خاصة الإطارات الخالية من العيوب.
وقد تكون شركات الأغذية والمشروبات قادرة على استخدام الذكاء الاصطناعي المرئي في المعالجة والقياس والتحليل عبر قطاع صناعات الأغذية، وذلك عبر ٣ محاور رئيسية على وجه الخصوص، وهي:
يأتي أولها في دراسة أنماط حركة المستهلك
حيث يعد فهم كيفية تأثير عملياتك على سلوك المستهلك أمرًا ضروريًا لزيادة المبيعات وتقديم تجربة طعام إيجابية، وذلك على عكس نظام نقاط البيع " POS " الذي لا يرى سوى المعاملات التي تم إكمالها، حيث يمكن للذكاء الاصطناعي المرئي تتبع المعاملات التي لم تكتمل، ويمكن أن يساعد في تحديد متى وعدد المرات التي تنمو فيها قائمة انتظار القيادة إلى خمس سيارات أو أكثر؛ وعدد الأشخاص الذين يغادرون المطعم عندما يعلمون بأوقات الانتظار أو يرصدون طابورًا طويلاً، ومن خلال هذه الرؤية، قد ينشر المدير حلولًا لمنع حدوث هذه العقبات وتخفيف المبيعات المفقودة.
وهو ما يوضحه موقع " plainsightAI " بمزيد من الشرح، حيث يقدم الذكاء الاصطناعي مؤشرات أولية ممتازة فيما يتعلق بآلية اكتشاف وتنبيه وصول الزبائن والسيارات عبر الـ " Drive-Thru " وأعدادها، وحجم الوقت المستغرق لأوقات انتظارها، حيث يمثل محور قياس وقت الانتظار بندًا هامًا في تطوير عجلة الإنتاج ومراحل الاستقبال والتشغيل وتقديم الخدمة.
فجمع بيانات مرئية دقيقة في الوقت الفعلي، وتقييم الفروق بين أوقات الخدمة المتوقعة والفعلية، وتحليل أسباب تخلي أصحاب المركبات / السيارات عن خطوط الانتظار أو الاستقبال يساعد في معرفة الجوانب المؤثرة بشكل مباشر على الخدمة، ويساهم في ابتكار الحلول التي تعمل على تحسين العمليات حسب اليوم والوقت والطقس والموسم والعطلات وكذلك الموعد المناسب لتقديم العروض الخاصة
كما أن تحليل مقدار الازدحام وتكرار الزيارات ومعدلات المرور على مطاعم الوجبات السريعة وتوقع أسباب المغادرة قبل استقبال الخدمة يساهم في إعادة تقييم طرق الاستقبال وتقديم الخدمة السريعة، وإعادة تحسينها وتخصيصها لتقديم خدمة أفضل استنادًا للمعطيات المستقبلة من الذكاء الاصطناعي المرئي
أي أنه مع الوقت الكافي وقدر المعطيات الملائم يمكن الرؤية الآلية مستقبًلا من المساهمة في مرحلة التنبؤ وإبلاغ أطقم العمل على التجهز والاستعداد للازدحام وأوقات الانتظار قبل قدوم السيارات أو إقبال الزبائن، بالإضافة إلى أن تحديد وتحليل وتنبيه طواقم العمل حال وجود زيارات متكررة من العملاء أو الزبائن يمثل سبيل مميز لتوجيه المباشر نحو تسريع الخدمة أو تنفيذ برامج الولاء والمكافأة وتخصيص تجارب التذوق
وليس فقط الانتظار خارج المطعم وتقديم الخدمة للسيارات، بل يمتد دور الذكاء الاصطناعي المرئي في دراسة وتحليل أنماط السلوك والحركة داخل المطعم، سواء في القسم الأمامي للضيوف المستمتعين أو المقبلين للخدمة، أو عبر أروقة القسم الخلفي حيث الإدارة والتسويق والمطبخ
وتلك الأخيرة يقدم لها الـ " Vision AI " منافع كثيرة تتعلق بحركة الطهاة والمضيفين واستخدام المكونات وتحضيرها وتوظيفها في الوصفات وتجهيز الأطباق والمشروبات، حيث تظهر الفائدة في تحليل وتقييم استهلاك الجهد والوقت والمستلزمات الغذائية لمعرفة وإدراك ما تم بذله واستهلاكه واستخدامه في مقابلة ما تم تقديمه وعرضه
حيث يمكن أن يساعد الذكاء الاصطناعي المرئي في الحد من هدر الطعام الذي يؤثر على أرباح المطعم ، من خلال توفير رؤى تتعلق بالعناصر المطلوبة التي يتم استهلاكها بالكامل والعناصر التي لا يتم استهلاكها مطلقًا؛ والعناصر التي تم الانتهاء منها / أكلها جزئيًا فقط؛ وكيف يمكن أن تتغير أنماط وسلوكيات التعامل مع هدر الطعام لنفس الطبق فيما يتعلق بالطهاة.
وذلك بالتزامن مع نسبة الإقبال وطلب الزبائن وهامش الربح الناتج، وهو كذلك – في النهاية – ما يساهم في عمليات التقييم والتحليل وتقديم مقترحات التطوير والتحسين والتنبؤ باحتمالات وقوع الأخطاء أو قرب نفاذ الموارد اللازمة لإتمام المهام على أكمل وجه.
وكذلك على مستويات الطهي ومساندة الشيفات، قد يدفع وجود الرؤية الاصطناعية على الشواية والقلاية على المساهمة في تتبع وقت قلب شرائح اللحم أو سحب الدجاج من المقلاة، هذا بالإضافة إلى قدرة الرؤية الآلية للذكاء الاصطناعي على دمج عمليات تدوير وإدارة المخزون مع الوقت الفعلي لعمليات التشغيل، حيث يجد البعض أن أحد التحديات في الطلب عبر الإنترنت يتمثل في أن القائمة عبر الإنترنت لا يتم إبلاغها بالمخزون الفعلي للمطعم
وعندما تنفذ المكونات - للطلبات عبر الإنترنت - لا يوجد خادم لإبلاغ العميل أن عنصر القائمة لم يعد متاحًا، ويجب عليهم اختيار شيء آخر، وبدلاً من ذلك، قد ينتهي الأمر بالزبائن عبر الإنترنت بطلب ودفع ثمن الطعام الذي لا يستطيع المطعم تقديمه، حيث يمكن استخدام الرؤية الآلية في الفريزر لمراقبة وتوقع وقت نفاذ المكونات بحيث يمكن إزالتها تلقائيًا من القائمة عبر الإنترنت، قبل أن يكمل العميل الدفع ويواجه تجربة غير مرضية
فعلى سبيل المثال، يعد واحدة من أكبر مشكلات توصيل الطعام هي أخطاء الطلب وعدم التحقق من صحة التسليم، وبحلول الوقت الذي يتصل فيه العميل لتقديم شكوى، يكون حل المشكلة مكلفًا وغالبًا ما يكون قد فات الأوان لكسب ولائه في المستقبل، وبالتالي يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي المرئي في مناطق إعداد الطهي، وليس فقط للتحقق من دقة الطلب، ولكن أيضًا لتحفيز الموظفين على تصحيح الأمر في المرة الأولى
وأخيرًا تخيل هذا الأمر عندما يمكن أن يؤدي تطبيق تقنيات الذكاء الاصطناعي المرئي في أعمال تصنيع الأغذية إلى تعزيز الكفاءة عبر مختلف الإدارات – وحتى الفروع- بشكل تزامني لحظي دقيق، وهو أمر لا تعتقد الشركات أنه ممكن، فبالتالي ستكون الإدارات العليا قادرة على تشكيل سيطرة أكثر صلابة ومنظمة على عملياتها، وإنتاجية العمال وحتى أجهزتهم وأدواتهم
ويتمثل ثانيها في عمليات الفرز والعد والقياس
حيث يعد الـ " AI Vision " أحد أكثر نُهُج الذكاء الاصطناعي شيوعًا في الاستخدام عبر قطاع الأغذية والمشروبات؛ حيث أن يمكنه تلقائيًا فرز المواد الغذائية وغير الغذائية ذات الجودة الرديئة من خطوط التجميع والتعبئة والتغليف التي ينتقل عليها الطعام عبر أنظمة الآلات، وهو ما يوضحه موقع " emerj " عبر مقالته عن استخدامات الذكاء الاصطناعي في صناعة الأغذية والمشروبات
كما تساهم برامج أخرى من الذكاء الاصطناعي في تحسين خلطات المكونات لمنع الهدر في استخدام المكونات وتوفير الأطعمة والمشروبات منخفضة الجودة
حيث تمتلك هذه البرامج مميزات تحليلية يمكن أن تساعد شركات تصنيع المواد الغذائية في إجراء تحليل آلي للأغذية، مثل قياس حجم وشكل ولون البطاطس المقلية أو تحليل محتوى الدهون في اللحوم باستخدام تقنية التعرف على الشكل
كما يمكن أن تساعد هذه التقنية شركات تغليف المنتجات والمكونات الغذائية مثل الخضراوات على سبيل المثال في الحفاظ على تشابه ومثالية الأغذية المنتجة عن طريق إزالة المواد الدخيلة من المنتجات الزراعية الطازجة مثل الذرة والفاصوليا الخضراء والبازلاء باستخدام تقنية التعرف على الشكل
حيث يمكن استنتاج أن نموذج التعلم الآلي وراء البرنامج قد تم تدريبه على آلاف الصور للمنتجات الزراعية والمواد الدخيلة المختلفة التي توضح الاختلافات بين المنتجات عالية الجودة والمنتجات ذات الجودة الرديئة أو غير ذات الصلة والكتل الترابية والحشرات والعصي والصخور الصغيرة والنباتات من زوايا مختلفة ومتنوعة
أي أنه يمكن لنظام العد والفرز الآلي القائم على تحليل الصور تصنيف الفواكه والخضروات والمكسرات وما إلى ذلك وفقًا لشكلها وحجمها ونضجها، مما يزيد من سرعة الفرز بمقدار ١٠ مرات مقارنة بالمعدل الطبيعي
وثالثها يتجسد في مراقبة الجودة والسلامة الغذائية
فمن الممكن فحص جودة مجموعة واسعة من المنتجات الغذائية باستخدام نظام رؤية الذكاء الاصطناعي أو الرؤية الآلية ، سواء على مستوى جودة الخدمة المقدمة أو جودة المنتج أو الوصفة التي يتم إعدادها أو جودة وسلامة أجواء تصنيع وتقديم الخدمة، حيث يجب تخصيص أجزاء البرامج والأجهزة في النظام وفقًا للاحتياجات المحددة لشركة الأغذية ، بما في ذلك أهداف التفتيش ونوع المنتج المراد تحليله، حيث يُحَمَّل بخوارزميات محددة من الإصدار والتجزئةوالتعبئة والتغليف التي تختلف اختلافًا كبيرًا بين خط إنتاج وآخر
وذلك اعتمادًا على شكل ولون وملمس كل نوع منتج يتم تحليله ، بالإضافة إلى المشهد المحيط المعني ببيئة الطهي والإعداد والتصنيع وخط التشغيل وظروف الإضاءة والتخزين وغيرها، حيث يختص الذكاء الاصطناعي المرئي على سبيل المثال بمراقبة نظافة المطبخ ، وفرض الامتثال لغسل اليدين والتعامل مع الطعام، والتنبيه بشأن الاستخدام غير السليم للقفازات وأقنعة الوجه، وتتبع تعقيم المطبخ والمعدات ومساحات العمل، بالإضافة إلى إنشاء سجل قابل للتدقيق للامتثال والتحسينات
أي أنه بشكل عام، يمكن الاستفادة من حزم البيانات المخزنة عبر برامج الذكاء الاصطناعي في توفيرالوقت، ومنع الأخطاء، وتقليل استهلاك الطاقة، وتحسين الجودة، وزيادة الكفاءة، وتوفير الوصول إلى تحليلات الخدمة الذاتية للموظفين المعنيين باستخدام التعلم الآلي
كما أنه من شأن ذلك تدريب الخوارزمية المعنية بالذكاء الاصطناعي على تمييز نقاط البيانات المرتبطة بالإنتاج والقدرة، أو قياس المكونات، أو استهلاك الطاقة، أو حالة الآلات
مما يدفع البرنامج بعد ذلك إلى أن يكون قادرًا على التنبؤ بقدرة الإنتاج المثلى، والكمية الصحيحة من المكونات، والحد الأدنى من استهلاك الطاقة، أو تواريخ صيانة الآلات، وقد يتطلب هذا - أو لا يتطلب - من المستخدم تحميل معلومات حول خططه لزيادة الإنتاج أو صيغة جديدة لوصفة الطعام، وما إلى ذلك في البرنامج مسبقًا
ويذكر أن قطاع إنتاج الغذاء هي واحدة من أكبر الصناعات في العالم، حيث تشارك العديد من الشركات في هذه الصناعة التي تصنع الطعام الذي نستمتع به كل يوم، وقد تستغرق هذه العمليات شهورًا للبحث والاختبار والنشر، ويقدم الذكاء الاصطناعي المرئي تطورات مذهلة في صناعة الأغذية والمشروبات.
حيث تشير مجموعة من أبحاث السوق إلى أن سوق الذكاء الآلي من المتوقع أن ينمو من ١٤,٨٢ مليار دولار أمريكي في عام ٢٠٢٢ ، إلى ٢٧,٠٢ مليار دولار أمريكي في عام ٢٠٢٨.
ومع زيادة الطلب على فحص الجودة والتشغيل الآلي، تعمل الشركات بشكل متزايد على تطوير حلول الرؤية الحاسوبية / الآلية للكشف عن المنتجات ذات العلامات غير الصحيحة والمنتجات ذات الجودة المختلفة أو الرديئة
تعرف على كل جديد في مجال الطهاة والمطاعم والفنادق من خلال آي هوريكا
المنصة المتخصصة للطهاة ومجال الأغذية والضيافة
المطاعم تستخدم الذكاء الاصطناعي المرئي لمضاعفة أرباحها في ٢٠٢٣