البيع الإضافي أو الـ " اب سيلينج - Upselling " هو أحد أكثر الأساليب فعالية في صناعة المطاعم لتحقيق أرباح إضافية وتحسين متوسط قيمة الفاتورة النهائية الخاصة بالعميل، وهي أيضًا جزء أساسي من تجربة العميل داخل المطعم، فعندما يتم البيع الإضافي بشكل صحيح، يمكن أن يشعر العميل بأنه حصل على قيمة مضافة وأن تجربته أصبحت أكثر تميزًا، وعلى الجانب الآخر، إذا تم تنفيذها بشكل خاطئ، فقد تؤدي إلى نتائج عكسية تشمل استياء العميل وحتى خسارته.
فالنجاح في قطاع المطاعم لا يقتصر على تقديم أطباق لذيذة فحسب، بل يعتمد بشكل كبير على قدرة فريق العمل على فهم احتياجات الضيف، وتقديم توصيات ملائمة تضيف قيمة حقيقية لتجربته، والبيع الإضافي الناجح يتطلب مهارة تجمع بين الذكاء التجاري والإحساس الشخصي، حيث يصبح المضيف مستشارًا يُثري تجربة الزبون بناءً على معرفته بالقائمة وقدرته على التفاعل بشكل محترف.
لكن كما هو الحال مع أي استراتيجية، هناك العديد من الأخطاء التي قد يقع فيها العاملون عند ممارسة أسلوب البيع الإضافي، وهذه الأخطاء لا تؤثر فقط على قدرة المطعم على زيادة الإيرادات، بل تضعف أيضًا من رضا الزبائن وولائهم على المدى الطويل، وفي هذا المقال، سنستعرض أبرز الأخطاء الشائعة في البيع الإضافي، مع تحليل لكيفية تجنبها من أجل تحقيق التوازن بين زيادة المبيعات وتحسين تجربة العميل.
١- الإصرار والضغط على الضيف
المبالغة في الإصرار أو الضغط على العميل تعد واحدة من أكثر الأخطاء شيوعًا والتي قد تؤثر بشكل كبير على تجربة الضيف خلال استخدام أسلوب الاب سيلينج ، فالعميل في المطعم عادةً ما يبحث عن الراحة والاستمتاع بوجبة مميزة، وأي محاولات لإقناعه بشكل مفرط قد تؤدي إلى شعوره بالتوتر أو الانزعاج، والبيع الإضافي في جوهره هو محاولة لإبراز الخيارات الإضافية التي قد تضيف قيمة إلى تجربة العميل، ولكنه لا يجب أن يتحول إلى محاولة لاستغلال العميل أو فرض خيارات معينة عليه، فالمفتاح هنا يكمن في إيجاد توازن دقيق بين اقتراح الأطباق أو المشروبات بطريقة تُبرز فائدتها أو متعتها دون أن يشعر العميل بأنه مضطر لقبولها.
والإصرار الزائد قد يؤدي إلى نتائج عكسية، مثل رفض العميل بشكل قاطع لأي اقتراح أو حتى شعوره بأنه غير مرحب به في المكان، والعميل بطبيعته يحب أن يشعر بالحرية والقدرة على اتخاذ قراراته دون أي ضغط، لذا، من الضروري أن يكون أسلوب البيع الإضافي مرنًا ومبنيًا على الحوار وليس الأمر.
فعلى سبيل المثال، بدلاً من أن تقول للعميل: "يجب أن تجرب هذا الطبق لأنه الأفضل"، يمكن تقديم الاقتراح بأسلوب أكثر لطفًا وودية مثل: "هذا الطبق هو اختيار رائع لمن يحبون النكهات المميزة، وأعتقد أنه قد يعجبك بناءً على اختياراتك".
فالمبالغة في الإصرار لا تضر فقط بتجربة العميل ولكنها أيضًا تؤثر سلبًا على صورة المطعم ككل، والعملاء اليوم يبحثون عن أماكن تقدم لهم تجربة متكاملة تبدأ من الخدمة وتنتهي بالوجبة، وإذا شعروا أن الخدمة تفتقر إلى الاحترام أو الود، فإن احتمالية عودتهم مرة أخرى قد تتضاءل، لذا، البيع الناجح هو بيع ناعم، يجعل العميل يشعر وكأنه يتلقى نصيحة من صديق وليس محاولة لإجباره على إنفاق المزيد.
٢- البيع في توقيت غير مناسب
محاولة البيع عبر أسلوب الاب سيلينج في توقيت غير مناسب يمكن أن تكون واحدة من العوائق التي تؤثر على فعالية البيع الإضافي في المطاعم، فالعميل أثناء وجوده في المطعم يمر بمراحل مختلفة خلال تجربته، بدءًا من لحظة الجلوس وتصفح القائمة ووصولًا إلى تناول الوجبة الرئيسية والتفكير في اختتام تجربته، وإذا تم تقديم توصيات البيع الإضافي في توقيت غير ملائم، مثل قبل أن يتخذ العميل قراره الأساسي أو في منتصف انشغاله بوجبته، فإن ذلك قد يجعله يشعر بالتشويش أو الإرباك، وربما يؤدي إلى رفض الاقتراح بغض النظر عن جودته.
والتوقيت المثالي هو عنصر حساس يتطلب قراءة دقيقة لإشارات العميل، فعلى سبيل المثال، عندما يكون العميل لا يزال يراجع القائمة ويبدو مترددًا، هذا قد يكون وقتًا مناسبًا لتقديم اقتراحات خفيفة تسهل عليه اتخاذ القرار، مثل الحديث عن أكثر الأطباق شهرة أو الخيارات التي يفضلها العملاء الآخرون، أما إذا كان العميل قد اختار بالفعل الطبق الرئيسي، فقد يكون من الأفضل الانتظار حتى بعد طلبه لتقديم توصية مشروبات أو مقبلات تتماشى مع اختياره.
ومن ناحية أخرى، تقديم التوصية في وقت متأخر جدًا، مثل أثناء تناول العميل وجبته الرئيسية أو بعد انتهائه من الأكل، قد يفقد أهميته تمامًا، وفي هذه الحالة، يشعر العميل أن الاقتراح ليس له أي صلة بما يحتاجه في اللحظة الراهنة، مما يجعل الاقتراح يبدو وكأنه محاولة متأخرة وغير مدروسة لزيادة الفاتورة، لذا، التوقيت الجيد لا يقتصر فقط على اختيار اللحظة المناسبة ولكن أيضًا على كيفية تقديم الاقتراح بما يناسب الموقف.
فالسر يكمن في التفاعل مع العميل بشكل طبيعي ومدروس، لاحظ لغة الجسد وتعابير الوجه، واستغل أي فرصة للإشارة إلى الاقتراحات بطريقة لبقة وغير متطفلة، فالبيع الإضافي ليس مجرد مهارة تتطلب معرفة بالمنتجات، بل هو أيضًا فن قراءة الموقف والتفاعل مع احتياجات العميل في اللحظة المناسبة لتعزيز تجربته وليس إفسادها.
٣- عدم فهم قائمة الطعام أو التوافق بين الأطباق
ومن أكثر الأخطاء التي يقع فيها العاملون في مجال المطاعم عند ممارسة البيع الإضافي أو الـ " Upselling " هو تقديم توصيات غير مدروسة أو غير متوافقة مع اختيارات العميل، فالزبائن غالبًا ما يعتمدون على المضيفين كمصدر موثوق للمعلومات والنصائح بشأن الطعام، لذا فإن عدم معرفة تفاصيل القائمة أو اقتراح خيارات لا تناسب الطبق الذي اختاره العميل يمكن أن يؤدي إلى فقدان الثقة في الخدمة، وربما تجربة غير مرضية بشكل عام.
والمعرفة العميقة بقائمة الطعام ليست مجرد أداة للبيع، بل هي عامل رئيسي في بناء علاقة إيجابية مع العميل، فعندما يلاحظ الزبون أن " الوايتر " يعرف مكونات الأطباق وطريقة إعدادها وتوافقها مع المشروبات أو المقبلات، يشعر بأن اختياراته تحظى بالدعم والتقدير، فعلى سبيل المثال، إذا طلب العميل طبقًا رئيسيًا يحتوي على مكونات ثقيلة مثل اللحم الأحمر، فإن تقديم توصية بمقبلات خفيفة أو سلطة منعشة يمكن أن يكون أكثر ملاءمة من اقتراح مقبلات تحتوي على مكونات ثقيلة مشابهة.
وهذا الأمر لا يتوقف عند معرفة المكونات فقط، بل يمتد إلى فهم كيفية دمج النكهات لتحقيق تجربة متكاملة، فتقديم اقتراحات عشوائية أو دون وعي بتفاصيل الأطباق قد يجعل العميل يشعر بأن التوصية تهدف فقط لزيادة الفاتورة وليس لتحسين تجربته، فعلى سبيل المثال، تقديم توصية بنوع معين من المشروبات الغازية يتطلب فهمًا لتوازن النكهات داخل الطبق الرئيسي.
والأمر الأكثر أهمية هو تدريب فريق العمل بشكل مستمر على تفاصيل القائمة، سواء كانت المكونات أو أساليب الطهي أو القصص التي تميز بعض الأطباق، لذلك تعد الجلسات المنتظمة لتذوق الأطباق ومناقشة التوافق بينها خطوة هامة لتعزيز معرفة الفريق بقائمة الطعام، مما يجعلهم قادرين على تقديم توصيات مبنية على خبرة حقيقية، وهذه المعرفة لا تُظهر فقط احترافية فريق العمل بل تعزز أيضًا رضا العملاء وثقتهم.
٤- المبالغة في اقتراح أطباق متعددة
المبالغة في تقديم التوصيات خلال البيع باستخدام أسلوب الـ اب سيلينج يمكن أن تتحول بسهولة إلى عبء على العميل بدلاً من أن تكون فرصة لتعزيز تجربته، فعندما يُعرض على الزبون عدد كبير من الخيارات دفعة واحدة، يمكن أن يشعر بالارتباك والتردد، مما قد يدفعه إلى رفض جميع الاقتراحات أو اختيار أقلها تكلفة، فقط للخروج من الموقف المحرج، وهذه المشكلة لا تؤثر فقط على احتمالية نجاح البيع الإضافي، بل أيضًا على الصورة المهنية التي يظهر بها فريق الخدمة.
والبيع الإضافي الناجح يتطلب التركيز على الجودة بدلاً من الكمية، فبدلاً من تقديم قائمة طويلة من الخيارات، من الأفضل تحديد توصية أو اثنتين تتماشى بدقة مع طلب العميل، وهذا النهج يمنح الزبون شعورًا بأن التوصيات مخصصة له بناءً على تفضيلاته، وليس مجرد محاولة لزيادة الفاتورة بأي شكل، فعلى سبيل المثال، إذا طلب العميل طبقًا رئيسيًا مثل الستيك، يمكنك اقتراح نوع معين من الصلصات المميزة أو مشروب يتكامل مع النكهة بشكل مثالي، بدلاً من اقتراح ثلاثة أطباق جانبية قد لا يكون لها علاقة بطلبه الأساسي.
والإفراط في التوصيات يمكن أن يُظهر فريق العمل وكأنه يفتقر إلى التركيز أو الفهم لاحتياجات الزبون، فالعميل يبحث عن تجربة سلسة وبسيطة، وأي تعقيد إضافي قد يشعره بعدم الراحة أو أنه يُدفع لاتخاذ قرارات سريعة لا يرغب فيها، وبدلاً من ذلك، يمكن استخدام تقنيات الحوار الاستكشافي " Exploratory Dialogue Techniques " لمعرفة ما يناسب الزبون بشكل أفضل قبل تقديم التوصية.
- على سبيل المثال، طرح أسئلة بسيطة مثل "هل تفضل النكهات الغنية أم الخفيفة؟"، وكذلك يمكن أن يفتح المجال لتوصيات أكثر دقة وتخصصًا.
- ومن المهم أن تكون التوصيات مدعومة بمبررات منطقية تبرز فائدتها، فلا يكفي أن تقول "هذا الطبق شهي"، بل الأفضل أن تشرح كيف سيضيف نكهة مميزة إلى تجربة العميل أو كيف يتكامل مع طلبه الأساسي، وهذا النوع من الحوار يخلق شعورًا بالثقة ويُظهر الاحترافية، مما يزيد من احتمالية قبول الزبون للتوصية.
طور مهاراتك في مجال الضيافة بسهولة
٥- تجاهل ميزانية الضيف
يمكن أن تفسد عملية البيع الإضافي بسبب عدم مراعاة ميزانية الزبون أثناء تقديم التوصيات، فعندما يشعر العميل بأن التوصيات المقدمة تتجاوز قدراته المالية أو لا تتناسب مع توقعاته، فإنه قد يرفضها بشدة، وربما يشعر بعدم الارتياح أو بالإحراج، مما قد يؤثر سلبًا على تجربته الكاملة في المطعم، لأنه كما أوضحنا سابقًا، أن الهدف من البيع الإضافي ليس فقط زيادة الإيرادات، بل أيضًا تحقيق رضا العميل عن اختياراته بما يعزز ولاءه وارتباطه بالمكان.
ويختلف الزبائن في احتياجاتهم وقدراتهم الشرائية، ومن هنا تأتي أهمية فهم ميزانية الزبون ضمنيًا من خلال مراقبة طلباته الأولية أو استفساراته، فعلى سبيل المثال، إذا بدأ العميل بطلب أطباق بسيطة أو اقتصادية، فإن تقديم توصيات باهظة الثمن قد يُظهر الفريق كمن يسعى فقط لتحقيق الربح دون النظر إلى احتياجات العميل، وفي هذه الحالة، يمكن التركيز على تقديم توصيات ذات قيمة مضافة ولكن ضمن نفس الفئة السعرية، مثل اقتراح طبق جانبي خفيف أو مشروب مميز يعزز الوجبة دون أن يُشعر العميل بثقل مالي إضافي.
وكذلك يبحث بعض الزبائن عن تجربة فاخرة دون قيود ميزانية واضحة، وهنا يمكن تقديم توصيات عالية القيمة مثل أطباق خاصة أو مشروبات فاخرة، ولكن بطريقة راقية وغير مبالغ فيها، والفكرة ليست في دفع العميل للإنفاق بشكل مفرط، بل في تقديم خيارات تضيف إلى تجربته وتحقق له شعورًا بالرضا عن القيمة التي يحصل عليها.
ولتحقيق هذا التوازن، يحتاج فريق العمل إلى تدريب على قراءة إشارات العميل، مثل استفساراته حول الأسعار أو نوعية الطلبات التي يختارها، بالإضافة إلى ذلك، يمكن استخدام أسلوب التدرج في تقديم الخيارات، حيث تبدأ التوصيات من أقل الخيارات تكلفة وصولًا إلى الأكثر تكلفة، مما يتيح للعميل حرية اختيار ما يناسبه دون ضغط.
فعلى سبيل المثال، إذا طلب العميل بيتزا، يمكن اقتراح إضافة طبقة من الجبن الإضافي أو صلصة مميزة بسعر رمزي، بدلاً من محاولة إقناعه بإضافة طبق مقبلات باهظ الثمن، وهذا الأسلوب يظهر اهتمام المطعم بتلبية احتياجات العميل بمرونة واحترام لميزانيته.
٦- عدم التكيف مع شخصية الضيف
تجاهل شخصية الزبون وتفضيلاته الفردية عند ممارسة البيع الإضافي يعد خطأً كبيرًا يمكن أن يفسد التجربة بأكملها، فالعملاء ليسوا جميعًا متشابهين؛ فلكل عميل شخصية، وأسلوب، واحتياجات مختلفة تتطلب فهمًا وتعاملاً خاصًا، وعدم التكيف مع هذه الفروقات يؤدي إلى تقديم توصيات عامة قد لا تتناسب مع توقعات العميل أو حالته المزاجية، مما يجعل الاقتراحات تبدو سطحية وغير مهنية.
والتفاعل مع شخصية العميل يبدأ من لحظة استقباله، حيث يمكن لفريق العمل ملاحظة أسلوبه في الحديث، ومستوى انفتاحه على الحوار، وحتى الطريقة التي يتفاعل بها مع القائمة، وبعض العملاء يفضلون قرارات سريعة ومباشرة دون تفاصيل كثيرة، بينما هناك آخرون يستمتعون بالتفاصيل والنقاش حول الخيارات المتاحة، وإذا حاول فريق العمل تقديم نفس الأسلوب للجميع، فقد يشعر بعض العملاء بأن التوصيات غير مخصصة لهم أو أنها مجرد محاولة للبيع دون أي اهتمام حقيقي.
فعلى سبيل المثال، إذا كان العميل يبدو اجتماعيًا ومتفاعلًا، يمكن استخدام أسلوب قصص الطعام لإشراكه أكثر، مثل: "هذا الطبق مصنوع بوصفة خاصة استوحيناها من منطقة البحر المتوسط، وأعتقد أنك ستستمتع به بناءً على تفضيلاتك الشخصية التي أوضحتها" أما إذا كان العميل هادئًا أو متحفظًا، فقد يكون من الأنسب تقديم توصية مختصرة ومباشرة دون الدخول في تفاصيل كثيرة، مثل: "هذا الطبق يتماشى تمامًا مع اختيارك وسيعزز النكهات بشكل رائع"
فالتكيف مع شخصية الزبون لا يعني فقط تغيير طريقة التحدث، بل أيضًا اختيار نوع التوصيات، فعلى سبيل المثال، بعض العملاء قد يكونون مغامرين ويحبون تجربة أشياء جديدة وغير مألوفة، بينما آخرون يفضلون الخيارات الكلاسيكية أو المألوفة، وهنا يأتي دور فريق العمل في ملاحظة هذه التفضيلات من خلال استفسارات العميل أو طبيعة طلباته الأولية، ومن ثم تقديم توصيات تتماشى مع أسلوبه الشخصي.
تعرف على كل جديد في مجال المطاعم والفنادق من خلال آي هوريكا
المنصة المتخصصة لمجال خدمات الأغذية والضيافة
٦ أخطاء يجب تجنبها عند استخدام أسلوب الـ اب سيلينج في المطاعم