تعد الدورات التدريبية والجلسات التعليمية واحدة من أهم الخطوات التنفيذية في المسيرة المهنية لكل طاهٍ متميز؛ بما تحمله من قيمة جوهرية تتمثل في الإضافة العلمية والتطوير في مخزون الخبرات والمهارات التي يمتلكها فئات الطهاة الشباب أو المتمرسين أو الهواة في المجال.
بل يجدها بعض الخبراء واحدة من الصفات اللامعة في الحصيلة العلمية والعملية المشكلة للشيف المتميز في مجال الطهي ، كما ذكرنا في مقالنا: " ٦ قواعد تساعد الطهاة الشباب على الوصول إلى الاحترافية في مجال الطبخ "، فحدود الاحترافية والمثالية في مجال الطبخ تصل إلى أبعاد تقديم المعلومة والخبرة العملية للأجيال الحديثة الصاعدة، وهي كذلك خطوة متطورة في الحياة العملية للشيف.
كما أنها تحمل الكثير من القيم والمكاسب لمقدمها، حيث أن المنفعة متبادلة بين طرفي الدورة أو الجلسة التدريبية، فكما تتطور وترتقي مهارات وخبرات المتدربين المشاركين، تتنامى مميزات وقدرات المدرب أو المقدم في المقابل، من زيادة الوعي والإدراك بالمعلومة التي يقدمها، وتفهم أعمق لسلوكيات وأبعاد التفكير الخاصة بالمنتمين لهذا المجال، تخصص أعلى في الممارسات العملية التي يخوضها أثناء فعاليات الدورة التي يقدمها.
وليس أمرًا غريبًا أن تمتلك كل مهنة مجالها الدراسي الخاص سواء على الجانب العلمي أو العملي، ففي الحالتين هي دراسة يجب أن يتلاقها الفرد المنتمي لمجال هذه المهنة مهمًا اختلف مستواه الوظيفي ومهمًا امتلك من منافع علمية ومهارات تشغيلية، ولكن ما يجعل لكل مجال دراسي -أو بالأخص كل دورة تدريبية- ميزتها الخاصة، هو الصفات التي يجب أن يمتلكها حتى يؤتي ثماره بشكل مثالي.
فقد تتشابه كل الدورات في بعض المتطلبات والمستلزمات الأساسية كي يتم توفيرها وطرحها بشكل راقي ومؤثر، ولكنها، وبالرغم من ذلك وفي مجال الطهي، تتطلب توافر بعض الأجواء والاحتياجات والصفات الخاصة من كافة الأطراف المعنية بالأمر؛ ذلك أن تقديم الأغذية والمشروبات وأساليب الخدمة والضيافة الراقية في المطاعم والفنادق أمر قائم على توافر مجموعة خاصة من أجواء التذوق ومعايير الجودة.
كيف يتمكن الشيف من تقديم الدورة التدريبية بمهارة؟
وحتى يكن بمقدورك الوصول إلى أكبر تأثير دراسي ممكن من دوراتك التدريبية، وتصبح شيفًا متميزًا في تقديم المعلومات والمهارات العلمية الخاصة بهذا المجال، ما عليك سوى اتباع الخطوات التالية
١- اظهر خبراتك
انتبه إلى هذه الجزئية عند الشروع في بدء حلقتك التدريبية، فهي تحمل قدر كبير من الأهمية لما تعكسه من معاني "الاتصال الثاني" بينك وبين متدربيك، أما "الاتصال الأول فيتعلق بمعيار التسويق الذي سنتطرق إليه قدمًا في السطور التالية، أما حديثًا عن هذه الخطوة، فهي تمثل التعارف المباشر -أو الحي- الأول بينك وبين الحضور في التدريب.
هم بحاجة للتعرف عليك، أو بالأدق، لماذا أنت؟ ما السبب وراء أهمية حلقتك التدريبية والذي يدفعنا للحضور؟ هل هو بسبب ما تقدمه من مادة علمية وعملية، أم أن السبب يكمن فيما تمتلكه أنت من قيمة شخصية ومكانة علمية في مجال ومجتمع الطهي يدفعهم بكل ما يمتلكوه من شغف وحرص للتوجه إليك والمشاركة في تدريباتك؟
والأمر هنا متغير بشدة من متدرب لآخر، فقد يكون هذا هو التعارف الأول بين بعضهم -أو أغلبهم- وبين المدرب وليس الثاني كما ذكرنا سابقا، لذا في جميع الأحوال أنت بحاجة للتعريف عن نفسك، والتعريف عن خلفيتك الدراسية والعلمية والعملية، وأعمالك وإنجازاتك الشخصية على مدار الأعوام السابقة، ومهاراتك وقدراتك في مجال الطهي، حيث تضيف المزيد من قوة وثقل العلاقة الثنائية بينك وبين الحضور في التدريب أو الجلسة التعليمية.
وتذكر دائمًا، كلما استطعت الإجابة بمثالية عن سؤال: "لماذا أنت؟"، كلما استطعت الوصول إلى أقصى درجات الإلهام والتأثير في نفوس المتدربين، وبالتالي أن تضمن إيجاد أعلى قيمة علمية، كما تخلق قاعدة جماهيرية خاصة بمحاضراتك ودوراتك، وهو ما يساعد على تميز اسمك ومكانتك الوظيفية في مجال الطبخ.
٢- تعرف على متدربيك
كذلك عليك أن تتعرف على متدربيك من الحضور جيدًا؛ وذلك لخلق أجواء تدريب لا تشوبها شائبة، حيث تعد العلاقة بين الشيف المدرب والمتدرب عنصراً هاماً في خلق تغيير إيجابي دائم عن طريق التدريب، ولن تتكون هذه العلاقة بشكل متكامل دون التعرف على طبيعة شخصية المتدرب وخلفيته المعرفية والعلمية، وما يمتلكه من خبرات وقدرات ومهارات خاصة.
ولعل هذا أيضًا لا يكفي، بل عليك أيضًا الاهتمام بالتعرف على توجهات وتفضيلات متدربيك التذوقية، وكذلك رغباتهم الفنية وكيف يهتمون بتصميم أطباقهم وتشكيل خدمات الضيافة الخاصة بهم، وذلك إما قبل الشروع في تقديم المادة العلمية الخاصة بالحلقة التدريبية أو حتى أثناء تقديمها، ويمكنك إتمام ذلك من خلال تبادل الأسئلة والنقاشات الثنائية من طرفك مع المتدربين.
وتساعدك هذه الجزئية أيضًا على تفهم المهارات التي تتطلب تعزيز، وتحديد الخبرات المفقودة لدى المتدربين والتي تحتاج إلى تطوير وتحسين من جانبك خلال فعاليات الحلقة التدريبية، أي أنك تتفهم نقاط الضعف والقوة لديهم حتى تتمكن من ضبط أسلوب التدريس الخاص بك في سبيل تلبية احتياجاتهم بكفاءة، ولا تنسى أن هذه الخطوة تقربك أكثر من الحاضرين، وتجعل عمليات الاستقبال والفهم والتدريب أسهل وأكثر سلاسة.
٣- الصور والفيديوهات
كما أكدنا في العديد من السطور السابقة عبر آي هوريكا أن الأمر في الطهي وإعداد ألذ الأطباق والمشروبات وتقديم أرقى خدمات الضيافة في المطاعم والفنادق يعتمد بقدر كبير على الصورة والمشهد المقدم كما يعتمد بالمثل على المذاق الحسن أو الشعور الإيجابي الذي يحصل عليه الضيف أو المتردد على المنشأة.
كما ذكرنا أهمية الصورة أو مقاطع الـ "فيديو" في إيجاد أفضل تسويق ممكن لمطعمك أو فندقك عبر قنوات التواصل الاجتماعي المختلفة ومواقع الإنترنت وتطبيقات الهاتف المحمول، فدائمًا ما تحمل الصورة ألف كلمة وشعور، وكذلك تمتلك قدرتها على إيصال المعاني والمعلومات والأهداف المرجوة في فترات زمنية قياسية.
لذا إن كنت تطمح في الارتقاء بمستوى دورتك أو جلستك التدريبية في مجال الطهي، ما عليك سوى الاعتماد على توظيف مجموعة من الصور والفيديوهات إلى منهجك الدراسي المقدم، فمهمًا كانت كلماتك معبرة ودقيقة وواضحة، تظل هناك بعض المعايير والأحاسيس والأفكار واللقطات الخاصة التي لن تنتقل بمثالية وكفاءة إلى المتدربين سوى بالاعتماد على تضمين بعض الصور والمشاهد واللقطات الحية في التدريب.
فالطهي يعتمد عل العديد من المهارات والتقنيات في إضافة وخلط المكونات الغذائية وتصنيعها وإعدادها وتقديمها، خاصة إن كانت تحتوي على معيار اللون أو التصميم الجذاب أو الدقة الحسابية في تكوين الوصفة الغذائية، فهي تحتاج إلى أن ترى بالعقل وتُستشعر بالقلب، حتى تصل معانيها إلى المتدربين بقدر كافي من المثالية.
٤- الشق العملي
دائمًا ما ستجد الجلسات التدريبية المتضمنة لجانب عملي أكثر تفاعلية وتأثيرًا في أذهان المتدربين وأكثرها نفاذًا وفعالية في نقل المادة العلمية الخاصة بالمنهج الدراسي، ولكن ذلك يعتمد على تخطيطك الجيد لهذا الشق، والذي يبدأ بتعرفك على ما ستقوم بتقديمه من وصفات وأطباق ومشروبات، بتحديدك لأهم الخطوات التنفيذية وما ستتكلفه من جهد ووقت لإتمامها على أكمل وجه.
فهذا التحديد والتخطيط الدقيق لما تقدمه في جلستك التدريبية هو العامل الأساسي خلف التقييم الإيجابي لنسبة كبيرة من أعمالك التدريبية في الحاضر والمستقبل، فلا تتجاهل أهمية النظام والسلاسة والترتيب في دوراتك التدريبية، لما يعكسه من إيجابيات في نفوس المتدربين، وينقل لهم أحاسيس الأهمية والدقة التي تحرص على إحاطة أعمالك بها.
ومن هذا المنطلق عليك أن تحدد بدقة أعداد الوصفات التي تقدمها خلال فعاليات التدريب، هل هي وصفة واحدة تشمل العديد من الخطوات والمكونات وتستهلك وقت طويل وتحمل طابع خاص وتعبر عن قائمة متكاملة من الأغذية الصحية؟ أم أنه تدريب يشمل تجسيد أطباق قائمة طعام متعددة الأصناف؟ ففي الحالة الأولى أنت أمام تحدي توزيع الأدوار والوقت والخطوات لتقديم هذه الوصفة الواحدة بكفاءة، أما في الحالة الثانية فأنت أمام تحدي تقديم مجموعة من الوصفات المتتالية والمختلفة التي هي بحاجة إلى تقسيم الوقت والجهد بينك وبين المتدربين بدقة ومهارة.
وباستكمال الحديث عن الاختيار الأنسب للوصفات، عليك تفهم طبيعة ما تحتاجه كل وصفة من أدوات ومكونات غذائية، وحقيقة ما يتوفر لك في موقع التدريب من مستلزمات الغذاء والأدوات والمعدات المطبخية لإعداد وتقديم الوصفات الخاصة بك؛ وذلك حتى تتجنب عنصر المفاجأة والتخبط قبل بدء التدريب، مما قد يعرض الشق العملي الخاص بك للفشل.
ويضاف إلى هذه الأهمية، تمكنك من تقسيم وتوزيع الأدوار بشكل جيد بين المتدربين، خاصة إن كنت تمتلك أداة أو معدة واحدة تستلزم المرور على عدد كبير من المتدربين حتى يتمكنوا من إتمام وصفة محددة، مما يعني بذل الكثير من الوقت والجهد حتى تنتهي من إتمام وصفة واحدة فقط، بينما تتضمن حلقتك التدريبية أكثر من وصفة، ويمكنك في هذه الحالة تقسيم الأدوار بين الفريق حتى يتمكن كل فرد من إتمام جزء من الوصفة، في حين يستخدم متدرب واحد هذه الأداة في النهاية.
ومن معايير الدورة التدريبية المثالية التي يؤكد الخبراء على أهميتها، اختيار الوصفات التي يبحث عنها المتدربين، أو تلك التي تمثل صيحة جديدة أو حاجة ماسة لفريق أو فئة محددة، مما يعني مزيد من الاهتمام والإقبال من قبل الطهاة والهواة والمتمرسين في المجال، وهي جزئية تتعلق أيضًا بالتسويق المبتكر لدورة التدريبية، والتي سنتطرق إليها بالحديث خلال السطور القادمة.
ولكن تنبه لأمر هام، وذلك إذا ما امتلكت أكثر من وصفة تسعى إلى تقديمها في نفس الدورة التدريبية، اهتم بالتنويع في طريقة إعدادها وتقديمها، فيجب أن لا تتم عملية التصنيع والاستخلاص والتصميم بنفس الخطوات التنفيذية، لما تعكسه من مفاهيم سلبية عن قدراتك ومهاراتك ومدى تمكنك أو تمكن وصفاتك من المرور عبر قنوات وأساليب طهي مختلفة.
وهنا تظهر أهمية تقديم أطباق باردة وساخنة، أو أطباق من "الفرن" وأطباق أخرى على "الجريل" في نفس الدورة الواحدة، كما أن هذا بدوره سيساعدك على تقسيم الحاضرين بتمكن وفعالية، وإيجاد عناصر التشويق والفضول والانتباه بين متدربينك، وأخيرًا إيجاد مذاقات وأشكال أطباق متباينة تعكس أهم الخواص التي يتصف بها فن الطهي.
٥- التسويق المثالي
حتى تحصل على القيمة الفعلية من حلقاتك التدريبية، وتحرص على تقديمها لمن هم في حاجة ماسة لها، وتتأكد من أنها قد أذيعت بكفاءة في جميع الأوساط وبين مختلف الفئات المعنية بها وغرضها ورسالتها، عليك بالتسويق المثالي لموضوعها.
وهذا التسويق يتم وفق مجموعة من الخطوات الهامة:
- الاختيار المثالي للنصوص الدعائية المشوقة والمثيرة للفضول والمحفزة على الإقبال، والتي تختلف مع اختلاف نوعية الجمهور -وخصائص الفئة – التي توجه لها حلقتك التدريبية، فهل هم من الهواة أم المتمرسين أو الشيفات المتميزين في المجال؟
- إدراج وتوظيف مجموعة من الصور والفيديوهات لأطباقك أو للمكونات التي تستخدمها وإرفاقها بالنصوص التي استعنت بيها، لما تمتلكه هذه الجزئية من تأثير تحفيزي كبير على توجهات ورغبات المشاهدين والمتعرضين لحملاتك التوسيقية، ويمكنك الاستعانة بدليل آي هوريكا في التقاط أفضل الصور لأطباقك ومشروباتك من خلال مقالنا: " ١٠ نصائح عليك اتباعها أثناء التقاط الصور لأطباق ومشروبات مطعمك ".
- احرص على اختيار وصفات مثالية يحتاج إليها المتعرضين المحتملين لرسالتك وينتظروها بفارغ الصبر، فكلما تعلقت هذه الوصفات باحتياجاتهم الحقيقية، كلما كان التوجه أسرع نحو حجز المقاعد في هذا التدريب
- ولكن هذا لن يتم إن كانت الدورة باهظة الثمن، وهنا تأتي أهمية طرح المحاضرات أو الدورات التدريبية بأسعار مناسبة من خلال اتباع سياسة العروض والخصومات وتقديم الشهادات والهدايا التذكارية وغيرها من المقابلات المجزية.
- كما أن الخطوتين السابقتين لن يتحققا بفاعلية إذا لم يتم دمجهما بنظام تمويل أو بوسيط مثالي لنشر إعلان عن الدورة عبر كافة القنوات والأوساط التي يحتمل وجود متدربين فيها، فإما أن تعتمد على أنظمة التسويق الخاصة بمحركات البحث من خلال دفع المقابل المادي، أو يمكنك الاعتماد على شخصية شهيرة أو مدون أغذية متميز أو إحدى الصفحات المتواجدة على مواقع التواصل الاجتماعي، والتي في سبيلها مساعدتك على نشر نصوصك وصورك الدعائية والدعوة لحضور تدريباتك.
- وفي النهاية يمكنك الاعتماد على خلق صفحة خاصة بك على إحدى مواقع التواصل الاجتماعي تتضمن جميع أعمالك ودوراتك التدريبية، مرفقة بكافة المواد العلمية والمناهج الدراسية والصور والـ " فيديوهات " التعليمية التي تم تقديمها عبر مختلف حلقاتك التدريبية، لما تمتلكه هذه الخطوة من أهمية في تسويق اسمك ومكانتك العلمية في الأوساط المختلفة المتعلقة بمجال الطهي، وهو ما يساهم في النهاية في الترويج لدوراتك المستقبلية بأقل التكاليف والجهود المبذولة.
٦- التدرب
تدرب مرارًا وتكرارًا على تقديم محتويات دورتك التدريبية، فالتحديد المناسب لنوعية وصفاتك المقدمة لن تكفي ما لم تتدرب على تقديمها قبل يوم الحلقة التدريبية، حيث تساعدك هذه الخطوة على تحديد متوسط الوقت الملائم لكل خطوة تنفذية في عملية إعداد مكونات الوصفة وتحضيرها وخلطها وتقديمها.
كما تساهم في التعرف على المشاكل محتملة الحدوث أثناء الدورة حتى يتعين عليك إيجاد حلول لها وتفاديها أثناء الطهي الفعلي في الدورة، وذلك إلى جانب هذه الخطوة في الكشف عن الأساليب والـ "تكنيكات" التي تستخدمها في سبيل الوصول إلى طبقك النهائي، لتتمكن من التعديل عليها وجعلها أكثر ابتكارية وتميزًا وجذبًا لانتباه الحضور الذين قد يطرحوا العديد من الأسئلة والجزئيات المحيرة التي سيمكنك التدريب أيضا من التعرف عليها.
٧- اظهر صفات الشيف
أنت شيف، وإن لم تكن، وكنت تتمتع بمهارات خاصة في تقديم وصفة محددة أو طبق محدد فمازلت تتعامل مع مكونات غذائية دقيقة ضمن مجموعة من الأساليب الراقية وفي إطار تقديم فن مميز، ألا وهو فن الطهي، أي أنك قيمة معنوية ورسالة أخلاقية قبل أن تكون شيفًا، ويتعلم منك المتدربين دروسًا حول السمات والصفات الأساسية في التعامل مع المكونات وأخلاقيات الشيف المثالية في المطبخ، والتي يمكنك التعرف عليها من خلال مقالنا: " ١٣ مهارة تفصلك عن التميز في الطبخ"، فكل ما يصدر منك هو مادة علمية للمتدربين، فلا تظن أن وصفاتك فقط هي دروسك المقدمة إليهم، بل إن الأمر يتعدى ذلك، لذا احرص دائمًا على مراقبة ذاتك وما يصدر عنك من سلوكيات، واهتم بنقل شخصية الشيف المثالي في دوراتك الخاصة.
كما يضاف إلى ذلك أهمية تركيزك على مهارة – أو مبدأ – أو أكثر خلال الحلقة التدريبية الواحدة، ولعل أهمها في الفترة الراهنة كما ذكرنا مسبقًا في مقالنا: " ٦ صيحات تحكم عمل المطاعم والفنادق في ٢٠٢٠" الاهتمام بتضمين الخطوات التنفيذية المعبرة عن معايير الصحة والسلامة الغذائية المتبعة عالميًا، بل يمكنك أن تجعل للتنظيف النهائي ولتتبع وتنفيذ أهم هذه الإجراءات جزء مخصص من الساعات المعتمدة لدورتك التدريبية، إلى جانب أهم الإجراءات المعبرة عن مفهوم الاستدامة، والتي منها الاعتماد على الزراعة الذاتية وتقليل استهلاك الخامات الأساسية من الماء وأشكال الطاقة المختلفة، إلى جانب محاولة التخلص من الهدر الناتج عن استخدام المكونات الغذائية المختلفة.
كما يتعين عليك الحديث وفق هذه الجزئية عن أهمية إيجاد أجواء تدريب إيجابية أثناء الدورة، حيث تحمل القيم المعنوية -أو النفسية- أهميتها الكبيرة في دورات الطهي، فكما كان الحديث عن أهمية نقل المعلومات والخبرات وأهم الخطوات التنفيذية، وما تخللها من نصائح وتوصيات، تأتي أهمية نقل الشعور الإيجابي أيضًا إلى متدربيك، وهذا الأمر لن يتم بدون خلق أجواء إيجابية من التفاعل والاختلاط بهم، وهي واحدة من الأمور التي تميز الشيف والمدرب المتميز عن غيره من المدربين
ولعل أهم الخطوات المتخذة لتحقيق هذا الغرض بعد التعرف على متدربيك والتقرب منهم والكشف عن أفكارهم وتوجهاتهم، هو إيجاد أجواء من التفاعلية والمرح والإلهام أثناء فعاليات وأحداث الدورة، عند طريق فتح باب المشاركة في الحديث والتفاعل، والسماح بتخصيص بعض الدقائق للمزاح والمناقشات الجانبية، أو حتى استخدام بعض القصص والأحداث التاريخية الملهمة والمعبرة أو المجسدة للفكرة التي تقوم بتقديمها، كل هذه الأمور بمقدورها الارتقاء بمستوى دورتك التدريبية، كما أنها تساهم في الإعلاء من قيمتك الخاصة كمدرب متخصص.
٨- دعوة الخبراء وأصحاب الشأن
خطوة هامة يمكننا أن نذيل بها هذه الخطوات وصولًا إلى القيمة الجوهرية الكاملة التي يمكن أن تتمتع بها حلقاتك التدريبية، فمن خلال تقديم الدعاوي الشخصية للخبراء والمصنعين والشيفات والمستثمرين وأصحاب المطاعم والفنادق ممن يتفقوا في أعمالهم أو مبادئهم وتوجهاتهم مع موضوع حلقتك التدريبية، ستتمكن من الحصول على إيجابيات كثير.
لعل أهمها تلك المتعلقة بمتدربيك، وذلك من ناحية الاختلاط بأصحاب الشأن والخبراء في المجال، وزيادة الوعي بالعديد من الأمور والقضايا التي تختص بالأطباق والأصناف التي تقدمها لهم، مثل الحديث عن إجراءات الاستدامة والزراعة الذاتية في الفنادق والمطاعم في حين يتم استضافة شخصية مسؤولة في مجال السياحة البيئية للحديث عن دور المنتجات المحلية في مضاعفة اقتصاديات المطاعم والفنادق، بينما تتضمن في وصفاتك مجموعة كبيرة من المنتجات المحلية، حيث تصبح القيمة هنا علمية وعملية بما تحمله من أبعاد اجتماعية تؤثر على فكرة المتدربين وتوجهاتم المستقبلية نحو اتخاذ أفضل الخطوات استدامة وتأثيرًا على الأجواء المحيطة بمنشآتهم -أو أطباقهم- الخاصة.
كذلك يكون الحديث عند استضافة متخصصين -أو محكمين- في مجال معايير وإجراءات الصحة والسلامة الغذائية في التعامل مع المنتجات الغذائية من حيث الاستلام والتخزين والإعداد والتقديم للضيوف في المطاعم والفنادق، حيث تتزامن استضافته وحديثه عن أهم هذه المعايير مع ما تتخذه أنت من خطوات تنفيذية أثناء فعاليات الشق العملي الخاص بدورتك التدريبية، حيث يتم تجسيد الحديث إلى خطوة عملية واقعية ومباشرة أمام الحضور.
كما أن الأمر يفيدك أنت على المستوى الشخصي، فإن استطعت استضافة بعض الممولين أوالمستثمرين المهتمين بنقل أفكارك وأساليب الطهي الخاصة بك إلى مناطق جغرافية أخرى، ستتمكن من الحصول على فرصة محتملة لتقديم دورة تدريبة جديدة مستقبليًا.
ولكن ادرك في النهاية أمرًا هام، لا يعد كل طاهٍ مدرب متميز، فالأمر يحتاج إلى أكثر من مجرد امتلاك الخبرات والمعلومات والمهارات الخاصة داخل المطبخ أو حتى في إدارة وتشغيل المطاعم أو الفندق، إنه يحتاج إلى خليط خاص من صفات الشخصية الملهمة الجذابة المؤثرة والمتفهمة لعلوم هذا المجال وأبعاد مجالاته المختلفة والتي تتنوع توجهات المنتمين إليها وفقا لها، إلى جانب قدرته على إيصال رسائله ومعلوماته ونصائحه بشكل سلس وفعال.
ولعل تلك الأخيرة هي المعيار الأساسي المحدد لمدى قدرة الشيف على أن يصبح مدربًا متميزًا، على الرغم من -وكما ذكرنا مسبقًا- أن الأمر يعتمد على ما هو أكثر من الدورة التدريبية الواحدة، فالقيمة الحقيقية للدورة ومقدمها تظهر بعد انتهائها، وتتجسد هذه القيمة في مدى الإقبال والحرص من طرف الحضور، ومدى استعدادهم لدفع الجهود المادية والجسدية للمشاركة فيها.
تعرف على كل جديد في مجال الطهاة والمطاعم والفنادق من خلال آي هوريكا
المنصة المتخصصة للطهاة ومجال الأغذية والضيافة
٨ خطوات تساعد الشيف على تقديم الدورة التدريبية بمهارة وتميز