تتجه أنظار قطاع الضيافة، وخاصة المطاعم والفنادق، نحو التطورات في أساليب واستراتيجيات التدريب والتعلم والتطوير " L&D - Learning and Development " لمواكبة التغيرات السريعة في التكنولوجيا واحتياجات العملاء المتزايدة، وذلك مع اقتراب عام ٢٠٢٥.
فتعتبر برامج التدريب في هذا القطاع أحد أهم العوامل التي تساهم في تقديم تجربة مميزة للعملاء، وتحقيق كفاءة تشغيلية عالية، والحفاظ على ازدهار واستدامة الأعمال، وفي هذا السياق، تظهر عدة اتجاهات وأساليب متطورة - معززة بالبيانات والدراسات - من المتوقع أن تشكل مستقبل التدريب لفرق العمل في قطاع الضيافة بما تتضمنه من منشآت مثل المطاعم و الفنادق و الكافيهات و عربات الطعام و المطابخ السحابية ، وغيرها من المنشآت التي تقدم خدمات الأغذية و الضيافة، ومن أهمها:
١- الدمج بين الذكاء الاصطناعي والتعلم التكيفي القائم على البيانات
الذكاء الاصطناعي سيصبح أكثر تعقيدًا وتكاملاً مع أنظمة التدريب، مما يعني أن برامج التعلم لن تكون مجرد برامج موحدة، بل ستتغير وتتطور بناءً على بيانات أداء الموظف في الوقت الفعلي " Data-Driven Adaptive Learning "، فعلى سبيل المثال، إذا لاحظ النظام أن موظفًا معينًا يواجه صعوبة في جوانب معينة من عمله، مثل سرعة الاستجابة أو التعامل مع العملاء الغاضبين، فسيقوم الذكاء الاصطناعي بتعديل محتوى التدريب تلقائيًا ليتوافق مع تلك الاحتياجات، وهذا النوع من التدريب الديناميكي يزيد من فعالية التعلم ويختصر الوقت المستغرق في تحسين الأداء الفردي، مما يعزز الاستفادة القصوى من وقت الموظفين ويركز على نقاط الضعف الفردية.
٢- التعلم القائم على المحاكاة لتعزيز الحلول الإبداعية
التعلم القائم على السيناريو يعني تدريب الموظفين عبر محاكاة مواقف عملية معقدة قد يواجهونها في بيئات عملهم الحقيقية " Scenario-Based Learning for Creative Problem Solving "، فبدلاً من تقديم محتوى تدريبي نظري، يتم وضع الموظفين في مواقف افتراضية تتطلب اتخاذ قرارات فورية، فعلى سبيل المثال، قد يتعلم مدير الفندق كيفية إدارة حالة طارئة مثل انقطاع التيار الكهربائي خلال حدث كبير، أو كيفية التعامل مع طلب عميل غير تقليدي، وهذا الأسلوب يساعد على تعزيز مهارات اتخاذ القرارات السريعة والإبداعية تحت الضغط، وهو ضروري في بيئات العمل الديناميكية، ومن خلال تطوير مهارات التفكير النقدي، يصبح الموظفون أكثر استعدادًا للتعامل مع المواقف غير المتوقعة، مما يعزز من مرونتهم وكفاءتهم في العمل.
ويتوقع كذلك الخبراء،في هذا السياق، أن تصبح تقنية الواقع الافتراضي " VR " أكثر تقدمًا، مما يتيح للفنادق و المطاعم تصميم عوالم افتراضية مخصصة تحاكي بيئات العمل الحقيقية، فسيتم تدريب الموظفين على المهام التشغيلية، مثل تقديم الخدمات أو التعامل مع شكاوى العملاء، في بيئة محاكاة واقعية وآمنة، فستمكن هذه العوالم الافتراضية الموظفين من اكتساب خبرة قيمة دون التأثير على العمليات اليومية، وستتيح لهم التعامل مع مواقف معقدة وأزمات محتملة في بيئة خالية من المخاطر.
٣- التعلم المعزز بالتعاون بين الإنسان والآلة
أصبح مع زيادة توظيف التقنيات التكنولوجية بشكل أعمق في العمليات اليومية للفنادق والمطاعم، مثل استخدام الروبوتات في توصيل الطعام أو الذكاء الاصطناعي في الاستجابة وإدارة الحجوزات، هناك حاجة إلى تدريب فرق العمل على كيفية العمل جنبًا إلى جنب مع هذه التقنيات، وهذا التدريب لا يقتصر فقط على تعلم كيفية تشغيل الأدوات التكنولوجية المتطورة، بل يتطلب كذلك فهم كيفية تكامل الدور البشري مع الدور الذي تقوم به الآلات لتحقيق أفضل كفاءة أداء أو إنتاج، وذلك من من خلال التعاون بين الإنسان والآلة " Human-AI Collaboration Training "، ويتم تحقيق كفاءة تشغيلية أعلى، مع الحفاظ على اللمسة الإنسانية في تقديم الخدمات، مما يقلل من المخاطر التكنولوجية المحتملة ويعزز تجربة العملاء بشكل متكامل وسلس.
٤- التعلم التفاعلي من خلال منصات الذكاء الجماعي
يعتمد مفهوم الذكاء الجماعي على استخدام قوة التجارب والمعرفة المشتركة للموظفين في المؤسسة ككل، سواء فروع المطعم أو الفندق أو المنشأة المقدمة لخدمات الأغذية و الضيافة ، ومن المتوقع ازدياد أهمية منصات التعلم التعاوني " Collective Intelligence Platforms " – أو ما تعرف بمنصات التعاون والتفكير الجماعي والمعرفة المشتركة - خلال عام ٢٠٢٥، وهي تمكن الموظفين من مشاركة تجاربهم وحلولهم للمشكلات التشغيلية في الوقت الفعلي، وهذه المنصات ستسمح بتبادل المعرفة بين الفروع المختلفة، ما يساعد في تبني حلول مبتكرة وأكثر فعالية بناءً على التجارب المشتركة، ومن خلال هذه المشاركات، سيصبح الابتكار جزءًا أساسيًا من العمل اليومي، مما يعزز روح التعاون والتعلم المستمر داخل المؤسسة، ويزيد من كفاءة الفرق بشكل عام.
يشير مفهوم الذكاء الجماعي إلى تعاظم فعالية توليد فريق العمل أو مجموعة الأفراد تقدريرات دقيقة عند مناقشة مسألة ما واتخاذ القرارات على نحو أكبر من التقديرات التي سيتوصل إليها أي خبير بمفرده، وينطوي الذكاء الجماعي على تضافر الجهود على نطاق أوسع، وتبادل المعارف والمهارات والأفكار والمعطيات التي ستثمر عن نتائج إيجابية لم تكن لتُحقَّقْ على المستوى الفردي، وهو مفهوم ديناميكي؛ بمعنى أنه يخضع للتطورات الجديدة الناشئة عن التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي.
٥- التعلم الرقمي والتدريب عن بعد
وفقًا لدراسات حديثة، يتوقع أن تزيد نسبة اعتماد الفنادق على برامج التعلم الرقمي والتدريب عن بعد بحلول عام ٢٠٢٥، وهذا التوجه سيصب بشكل أساسي في تحسين مهارات الموظفين الرقمية، مع التركيز على مجالات مثل إدارة البيانات وأنظمة الحجز الذكية وتنظيم المهام وكفاءة التواصل، وهذه الزيادة في التدريب الرقمي تأتي استجابة للتحول الرقمي السريع الذي يشهده السوق، إلى جانب توقعات العملاء المتزايدة فيما يتعلق بالكفاءة التكنولوجية وارتقاء الجودة للخدمات المقدمة، وبفضل هذه البرامج، يمكن للشركات تحسين تجربة العملاء بشكل مباشر وتعزيز كفاءة العمليات التشغيلية والإنتاج.
٦- التدريب على التسويق القائم على التجربة
التدريب على تسويق العلامة " Experiential Brand Marketing " لا يتعلق فقط بفهم سياسات الشركة أو التعرف على خصائص المنتجات، بل سيهتم التدريب في ٢٠٢٥ على كيفية توصيل هوية العلامة التجارية من خلال كل تجربة يتفاعل فيها الموظف أو المضيف مع العميل، حيث سيتعلم الموظفون كيفية إنشاء لحظات مميزة وتجربة ضيافة خاصة للعميل تجسد قيم العلامة التجارية، مثل تقديم خدمة بناءً على تفضيلات العملاء وتحليل بياناتهم وتوجهاتهم في الوقت الحقيقي، وهذه التجارب تعزز الولاء وتخلق علاقة أعمق بين العميل والعلامة التجارية، ومن خلال تحسين هذه المهارات، تستطيع الفنادق و المطاعم تقديم تجارب ضيافة استثنائية، تزيد من رضا العملاء وتكرار الزيارات، مما يعزز الولاء للعلامة بشكل فعال.
طور مهاراتك في مجال الضيافة واحضر كلاس أونلاين دلوقتي
٧- التعلم المستدام والتشغيلي المرتبط باقتصاد التجربة
يُصبح التعلم المستدام عنصرًا أساسيًا في تدريب وتطوير فرق العمل داخل منشآت الأغذية وخدمات الضيافة ؛ فيُتوقع أن يشهد القطاع استثمارًا متزايدًا في التدريب المستدام ، وذلك نتيجة التحول التدريجي الذي يشهد قطاع الضيافة نحو تبني ممارسات خضراء أو أكثر استدامة، مثل التوجهات الحديثة لتقليل الهدر، وتحسين كفاءة استخدام الطاقة، وتعزيز توظيف واستهلاك الموارد المستدامة.
وفي سياق هذا التوجه، يتزايد التركيز على " اقتصاد التجربة "، الذي لا يكتفي بتقديم خدمات مميزة فقط، بل يسعى إلى دمج إجراءات ومعايير الاستدامة في كل جانب من جوانب تجربة العميل، وهذا التطور في مفاهيم التدريب يعني أن الموظفين بحاجة إلى تعلم كيفية دمج الممارسات البيئية المستدامة بشكل فعّال داخل العمليات اليومية، بحيث يصبح العميل أو الضيف جزءًا من التجربة البيئية الإيجابية.
وهذا قد يتضمن تقديم خيارات غذائية مستدامة، أو المساهمة في دعم مبادرات مجتمعية ترتبط بالاستدامة ، مما يعزز ولاء العملاء الذين يهتمون بالقضايا البيئية ويزيد من التفاعل معهم، وبهذا الشكل، يُساهم هذا النوع من التدريب في تحسين الكفاءة التشغيلية، وفي الوقت ذاته، يُضفي بعدًا جديدًا على تجربة العملاء، وهو ما يضيف ميزة تنافسية للشركات التي تتبنى هذه الممارسات.
وهذا الاستثمار المتزايد في تدريب الموظفين على ممارسات الاستدامة ليس مجرد استجابة للتحديات البيئية، بل يعكس أيضًا التغير في توقعات العملاء الذين يبحثون عن تجارب سفر صديقة للبيئة، وبالتالي، فإن الفنادق والمطاعم التي تعتمد هذه الممارسات الصديقة للبيئة ستتمكن من تعزيز كفاءتها التشغيلية وزيادة قدرتها التنافسية، مما يجعل الاستدامة جزءًا لا يتجزأ من استراتيجيات النمو المستقبلية.
ويذكر أن مع هذه التوجهات المستقبلية المتوقعة، سيكون على الفنادق والمطاعم أن تتبنى تقنيات تدريبية متقدمة وممارسات مستدامة لمواكبة المتغيرات السريعة في السوق وضمان تحقيق رضا العملاء بأعلى مستوى، كما يتوقع أن يكون عام ٢٠٢٥ عامًا محوريًا في إعادة تشكيل كيفية تطوير فرق العمل في قطاع الضيافة ، مما سيسهم في تعزيز تنافسية هذه المؤسسات على الصعيدين المحلي والعالمي.
تعرف على كل جديد في مجال المطاعم والفنادق من خلال آي هوريكا
المنصة المتخصصة لقطاع خدمات الأغذية و الضيافة
٧ أساليب يعتمد عليها قطاع الضيافة في تدريب فرق العمل خلال ٢٠٢٥