ما معنى تخصيص خدمة الضيافة ؟ وكيف تطبقه الفنادق الحديثة ؟

تعرف على استراتيجيات التخصيص المستخدمة لتعزيز تجربة الضيافة في الفنادق مع آي هوريكا
August 5, 2024 by
ما معنى تخصيص خدمة الضيافة ؟ وكيف تطبقه الفنادق الحديثة ؟
iHoreca Blog Team

يشهد قطاع الفنادق في عالم الضيافة الحديث تحولًا جوهريًا في كيفية تقديم الخدمات والتفاعل مع العملاء والضيوف، وقد دفع هذا التحول الفنادق إلى تبني استراتيجيات مبتكرة لفتح آفاق جديدة واستقطاب عدد أكبر من العملاء لتحقيق أهدافها المرجوة، ومن بين هذه الاستراتيجيات يأتي التخصيص أو الـ " Personalization "، والذي أصبح من الركائز الأساسية لتحسين تجربة الضيف وزيادة ولائه.

فإنه لم يعد تقديم خدمات جيدة لعملاء الفنادق كافيًا؛ بل أصبحت التوقعات أعلى بكثير، حيث يبحث الضيوف عن تجارب مميزة وشخصية تتماشى مع احتياجاتهم وتفضيلاتهم الفردية، ولتحقيق هذا الهدف، أصبح التخصيص أداة أساسية لا غنى عنها للفنادق التي تسعى لتحسين تجربة عملائها وجعلها أكثر فاعلية وسلاسة.

 تخصيص خدمات الضيافة

ويشير مفهوم التخصيص " Personalization " بشكل عام إلى القدرة على تهيئة تكييف تجربة الضيف والخدمات المقدمة له بناءً على تفضيلاته واحتياجاته الفردية الخاصة، ويتم ذلك في العصر الحديث من خلال جمع وتحليل بيانات العملاء باستخدام تقنيات متقدمة، مما يُمكّن الفنادق، على سبيل المثال، من إرسال الرسالة المناسبة للعميل المناسب في اللحظة المناسبة دون الحاجة لبذل جهد إضافي، ويتم تحقيق ذلك عن طريق دمج التخصيص بعنصر الأتمتة أو  " Automation "

حيث تأتي الأتمتة في الفنادق كأحد العناصر الرئيسية المكملة لـ" استراتيجية التخصيص " في مجال خدمات الضيافة ، والتي تتيح للفنادق تقديم خدمات متميزة وفعالة بشكل مستمر، وخاصة عبر أساليب التواصل مع العميل خلال رحلته مع الفندق في كافة مراحل إقامته، والتي تشمل:

١- الحجز والإلهام -  " Booking and Inspiration "

٢- ما قبل الوصول -  " Pre-arrival "

٣- أثناء الإقامة في المنشأة -  " On property "

٤- ما بعد الإقامة -  " Post stay"

 Personalization

وقبل توضيح بعض أساليب التواصل التي تعتمدها الفنادق أثناء كل مرحلة في رحلة العميل تطبيقًا لاستراتيجية التخصيص، ومعرفة المراحل المختلفة لدرجة التخصيص التي تتبعها الفنادق،  دعونا في البداية نستعرض الأسباب الرئيسية التي تدفع الفنادق حول العالم لبذل جهود مضاعفة في تفعيل تلك الاستراتيجيات مع العملاء المحتملين والحاليين، والعملاء المخلصين كذلك.

 فلماذا تتجه الفنادق نحو التخصيص وما الفائدة العائدة عليها؟ تتجلى الإجابة في النتائج الإيجابية التي تحققها الفنادق من خلال هذا النهج، وتشمل الآتي:

١- تلبية توقعات العملاء: وفقًا لدراسة حديثة في الولايات المتحدة، تبين أن ٨١٪ من العملاء يفضلون الشركات التي تقدم لهم تجربة شخصية، كما أوضح ٧٠٪ من المشاركين في الدراسة أن التجربة الشخصية تُعتبر أمرًا مهمًا بالنسبة لهم، حيث يعرف الموظف تفاصيل عنهم مثل أسمائهم، وأنماط شرائهم، وتجاربهم السابقة.

بل إن عدم تطبيق استراتيجيات التخصيص قد يقود إلى انخفاض رضا العملاء، فقد كشفت دراسة أخرى أجرتها شركة " McKinsey " أن ٧١٪ من المستهلكين يتوقعون أن تقوم الشركات بتخصيص تفاعلاتهم، بينما يشعر ٧٦٪ من العملاء بالإحباط من التواصل العام معهم، وتوضح تلك المؤشرات مدى أهمية تخصيص التجربة في الفنادق لمواكبة تطلعات العملاء الحالية التي تسعى إلى الحصول على تجربة مفصلة تلبي احتياجاتهم.

تلبية توقعات العملاء

٢- زيادة الإيرادات والمبيعات: من خلال تحليل البيانات وفهم تفضيلات الضيوف، يمكن للفنادق تقديم عروض وخدمات مخصصة تزيد من فرص الحجز، فعلى سبيل المثال، يمكن تقديم خدمات ترفيهية إضافية للغرف بأسعار مخفضة بناءً على اهتمامات الضيف السابقة، لا تساهم تلك العروض المخصصة في ارتفاع قيمة الإقامة بالنسبة للضيف فحسب، بل تزيد أيضًا من الإيرادات للفندق، حيث كشف أحد أبحاث شركة "ماكنزي" أن الشركات التي تعتمد على التخصيص يمكنها زيادة إيراداتها بنسبة تصل إلى ٤٠٪.

وذلك يعني أن الفنادق التي تستثمر في تقنيات التخصيص والأتمتة يمكنها أن تحقق فوائد مالية كبيرة، إلى جانب تعزيز رضا الضيوف، كما تساهم الأتمتة في تحسين فرص البيع من خلال تقديم توصيات مخصصة في الوقت المناسب، فعلى سبيل المثال، يمكن للفنادق إرسال عروض خاصة على الأنشطة المحلية أو الخدمات الإضافية قبل وصول الضيف، مما يزيد من احتمالية قيام الضيف بشراء هذه الخدمات، وهذا النوع من الأتمتة يساعد في زيادة متوسط قيمة الحجز وزيادة الأرباح.

٣- الحفاظ على التنافسية: حيث يساعد التحليل المقدم لبيانات عملاء الفنادق في الاستجابة بسرعة للتغيرات في السوق واحتياجات الضيوف، مما يدفع لتعديل العروض والخدمات بسرعة بناءً على التغيرات في الطلب أو الاتجاهات الموسمية، وذلك يساعد الفندق على البقاء مرنًا وتنافسيًا في بيئة السوق المتغيرة.

وعلاوة على ذلك، يعمل التخصيص على تعزيز العلاقة بين الفندق والضيف، حيث يشعر الأخير بأن الفندق يهتم بتفضيلاته الشخصية ويعمل على تقديم تجربة مصممة خصيصًا له، مما يعزز من احتمالية عودته للفندق في المستقبل وزيادة ولائه، يساعد هذا الولاء في الحفاظ على قاعدة عملاء ثابتة وتقليل تكاليف التسويق والجهود المبذولة لجذب عملاء جدد.

 الحفاظ على التنافسية

تعلم مبادئ تصميم وإدارة مطابخ الفنادق
تعرف مع أنوب أشرف على كيفية بناء وقيادة مطابخ الفنادق باحترافية

مراحل نضج التخصيص في قطاع الضيافة - The personalization Maturity stages

يشير مصطلح مراحل نضج التخصيص في قطاع الضيافة إلى التطور التدريجي في كيفية تبني الفنادق لاستراتيجيات التخصيص وتحسينها لتقديم تجربة مخصصة وشخصية للضيوف، ويساعد ذلك الفنادق على تقييم مستوى التخصيص الذي وصلت إليه وتحديد الخطوات اللازمة لتحسين وتطوير هذه الاستراتيجيات، ويمكن تقسيم مراحل نضج التخصيص إلى عدة مراحل رئيسية كما يلي:

١- التخصيص الأساسي - Basic Personalization

في هذه المرحلة الأولية، يكون التخصيص محدودًا للغاية، حيث تستخدم الفنادق معلومات أساسية عن الضيف، عادةً الاسم الأول، والدولة أو المدينة التي يعيش فيها الضيف، ومعلومات حسب الفئة العمرية، وما إلى ذلك، وتوضح الدراسات أن تفعيل أساليب التخصيص الأساسي، يساعد في نمو إيرادات كل زائر وقيمة الطلب المتوسط بنحو ٨٪.

٢- التخصيص المبني على التقسيم - Segmented Personalization

في هذه المرحلة، تبدأ الفنادق في تقسيم ضيوفها بناءً على المعايير الجغرافية، والسيكولوجية مثل الهوايات والاهتمامات، أو وفقًا للمعايير الجغرافية مثل موقع عمله أو محل سكنه، وحتى المعايير السلوكية مثل عادات الشخص الشرائية وما إلى ذلك، وتهدف تلك التقسيمات إلى التواصل بصورة أكثر استهدافًا وملائمة لطبيعة العميل.

 التخصيص المبني على التقسيم

ويتضمن التخصيص المبني على التقسيم تحديد الجمهور المستهدف إلى مجموعات أصغر بناءً على خصائصهم المشتركة، وهناك أربعة أنواع رئيسية من التقسيم:

   الديموغرافي: يتضمن تقسيم الجمهور حسب العمر، والجنس، والوظيفة، والدخل، وحجم الأسرة، وما إلى ذلك.

   السيكولوجي: يعتمد على فصل الجمهور بناءً على المعتقدات والقيم والهوايات وأنماط الحياة اليومية.

   الجغرافي: يشمل تقسيم الجمهور حسب الموقع الذي يعملون فيه أو محل سكنهم.

   السلوكي: يتضمن تقسيم الجمهور وفقًا لأسلوب تفاعل العملاء مع الخدمات المقدمة، بما في ذلك عادات التصفح والشراء.

ففي هذه المرحلة، ووفقًا لدراسة Incisiv/Adobe يحدث النمو بنسبة ١٤٪ لمعدلات الاستجابة، و١٦٪ للإيرادات لكل زائر، وحوالي ٢١٪ لقيمة الطلب المتوسط.

٣- التخصيص الدقيق - Micro segmentation

تتضمن تلك المرحلة تقسيم العملاء إلى مجموعات صغيرة تجمع بين خصائص من فئتين أو أكثر من الفئات التقليدية التي ذكرناها في المرحلة السابقة، أي إنشاء عروض مخصصة للأشخاص من فئة عمرية معينة، ومن منطقة معينة، مع أخذ أفعالهم السابقة في الاعتبار، وكذلك هواياتهم، واهتماماتهم إلخ.

وتشير الأبحاث إلى أن الانتقال من المرحلة السابقة إلى تلك المرحلة المتقدمة من التخصيص، من شأنه مضاعفة معدل التحويل أو الـ " Conversion Rate "، وكذلك حجم إيرادات كل زائر بثلاث مرات.

الجمع بين الخصائص من شريحتين أو أكثر في شريحة صغير
Image Credit to Altexsoft

٤- التخصيص الفائق - Hyper-personalization 

تتسم تلك المرحلة بالتخصيص الفردي أو ما يطلق عليه " one-to-one stage " حيث يتم هنا تقديم التخصيص بناءً على ملف مُوحد للضيف وسياق رحلته، ويعتمد هذا النوع بشكل كبير على البيانات في الوقت الفعلي " Real-Time data "، والتعلم الآلي" Machine Learning "، وأدوات التحليل التنبؤية المتقدمة لتقديم منتجات تتطابق بدقة مع رغبات الضيوف المعنيين، بل وبتوقع احتياجاتهم حتى قبل أن يطلبوها.

وقد تصل تلك التحليلات التنبؤية إلى أدق التفاصيل، مثل تفضيلات الأسرّة ونوع الوسادات " Bedding Preferences "، أو الإطلالة المفضلة من الغرفة وحتى تفاصيل متعلقة بدرجة حرارة الغرفة، وضبطها بحسب تفضيلات العميل.

نظام الـ " CDP " في الفنادق

فكما أشرنا سابقًا، فإن تحقيق التخصيص الفائق يتطلب معالجة كميات كبيرة من البيانات، حيث تلعب البيانات دورًا أساسيًا في تقديم تجربة شخصية في الفنادق ، حيث يعتمد نجاح أي استراتيجية للتخصيص على القدرة على جمع وتحليل واستخدام البيانات بفعالية.

ومع التقدم التكنولوجي في السنوات الأخيرة، أصبح من السهل جمع كميات ضخمة من البيانات المتعلقة بتفضيلات وسلوكيات وتفاعلات النزلاء، حيث تمتلك الفنادق بالفعل الكم الهائل من البيانات اللازمة لتحقيق التخصيص، سواء كان ذلك من نظام إدارة الممتلكات " Property Management System-PMS "، أو نظام إدارة علاقات العملاء " Customer Relationship Management -CRM "، أو خدمة الرسائل، أو استطلاعات النزلاء، أو نظم الحجز.

ولكن يكمن التحدي في كيفية تفعيل هذه البيانات بأفضل صورة، واستغلالها لتقديم تجربة مخصصة، ويأتي هنا دور منصة بيانات العملاء " CDP " في تحقيق التخصيص.

فقد اعتمدت الكثير من الفنادق مؤخرًا على منصة بيانات العملاء  " Customer Data Platforms -  CDP " وهي برامج متقدمة تدير كميات هائلة من البيانات عن طريق جمعها وتخزينها وتفعيلها في الوقت الفعلي، وتعمل على إنشاء رؤية شاملة وموحدة لنزلائها.

 استخدام برامج متقدمة لتحليل سلوك العملاء

تعلم إدارة فريق المطعم
تعرف على مبادئ إعداد وقيادة فريق المطعم باحترافية

فعلى الرغم من أن نظام إدارة علاقات العملاء " CRM " التي كانت تعتمد عليه الفنادق خلال السنوات الماضية يعتبر أداة مفيدة للغاية، ويسمح ببناء ملفات تعريف لضيوف الفندق، ويتيح مشاركة هذه الملفات مع أنظمة أخرى، مثل استراتيجيات أتمتة البريد الإلكتروني.

إلا أن منصة إدارة بيانات العملاء " CDP" يأخذ هذه الجهود إلى خطوة أبعد، فهي تنظم جميع البيانات التي يتم جمعها من مصادر مختلفة، مثل موقع الفندق الإلكتروني ووسائل التواصل الاجتماعي، وغيرها من المصادر، ثم تستخدم الذكاء الاصطناعي ومنهج التعلم الآلي " Machine Learning " لفهم هذه البيانات، وتقوم بتخزين البيانات ورسم خرائط لها.

مما يسمح بتطبيق إجراءات لتحويل هذه البيانات إلى خطوات عملية، وتوفير المعلومات للأنظمة الأخرى في مجموعة التكنولوجيا التسويقية بطرق معقدة لا يستطيع نظام " CRM " تحقيقها، على سبيل المثال، بينما قد يقدم نظام " CRM " قائمة جهات اتصال تم إعدادها مسبقًا، فإن منصة " CDP " ستنشئ جمهورًا ذكيًا " Smart Audience "، وتبث هذه القائمة تلقائيًا في منصات الفندق التسويقية.

الجماهير الذكية : هي مجموعات من العملاء يتم تحديدها وبناؤها بشكل ديناميكي باستخدام تقنيات متقدمة مثل الذكاء الاصطناعي ومنهج التعلم الآلي، استنادًا إلى بيانات سلوكهم وتفضيلاتهم، وتهدف إلى تحقيق أقصى درجات الاستهداف والدقة في الحملات التسويقية من خلال تحديد العملاء الذين يظهرون أعلى احتمالية للتفاعل مع الرسائل التسويقية.

كما تقوم منصة إدارة بيانات العملاء بإجراء تغييرات مستمرة ودقيقة على تلك الجماهير، مثل تحديث رقم الهاتف الخاص بأحد الضيوف، ثم تقوم بإرسال تلك التحديثات إلى الأنظمة المشتركة، مما يجعلها أكثر تكاملًا وشمولًا.

بالإضافة إلى ذلك، تعد القدرة على استخدام البيانات في الوقت الفعلي " " Real-Time Data من أهم مزايا منصات بيانات العملاء " CDP " في قطاع الضيافة، والمقصود بالوقت الفعلي هو القدرة على جمع وتحليل وتفعيل البيانات فور حدوثها دون تأخير، مما يمكِّن الفنادق من تقديم خدمات مخصصة فورية تتناسب مع تفضيلات واحتياجات النزلاء في نفس اللحظة، وهو ما يساهم في تحسين عملية التواصل مع العملاء على مدار المراحل المختلفة أثناء رحلتهم مع الفندق.

 تحليل بيانات العملاء

ويمكن توضيح مزايا أنظمة الـ " CDP " للفندق في الآتي:

   جمع البيانات من مصادر متعددة: أي جمع كم هائل من البيانات من جميع الأنظمة المتاحة مما يوفر رؤية شاملة لكل نزيل.

   توحيد البيانات: تقوم تلك الأنظمة بدمج البيانات من مصادر متعددة لإنشاء ملف موحد لكل نزيل، يشمل جميع التفاعلات والمعاملات عبر القنوات المختلفة.

   تفعيل البيانات في الوقت الفعلي: القدرة على استخدام البيانات بشكل فوري لتخصيص تجربة النزلاء في الوقت الفعلي من خلال تقديم عروض مخصصة وتحسين الخدمة المقدمة بناءً على البيانات الحديثة، وتفعيل هذه البيانات عبر قنوات الاتصال المختلفة مثل البريد الإلكتروني، والرسائل النصية، وغيرها

   تحسين الحملات التسويقية: تمكن أنظمة الـ " CDP " الفنادق من تحليل البيانات لإنشاء حملات تسويقية موجهة بدقة، تستهدف تفضيلات وسلوكيات النزلاء بشكل فعال، مما يزيد من احتمالية نجاح الحملات.

عناصر منصة بيانات العملاء
Image Credit to Ireckonu

وبعد التعرف على أهمية استراتيجيات التخصيص في قطاع الفنادق، وكيفية الاعتماد على البيانات لتحقيق هذا النوع  من طرق التواصل، دعونا نتعرف على بعض الأساليب التي تقوم بها الفنادق في كل مرحلة من مراحل رحلة العميل / الضيف منذ الحجز وحتى المغادرة لتعزيز تجربته وزيادة ولائه.

كيف يتم تعزيز رحلة عميل الفندق عبر التواصل المخصصة؟

١-   مرحلة الحجز والإلهام -Booking & Inspiration Stage  :

لم تعد رحلة عميل الفندق تبدأ من لحظة الحجز، ولكن يبدأ الفندق بتوجيه جهوده في مرحلة الإلهام، حيث لا يزال المسافرون يقررون إلى أين يذهبون، وتكون فيها فكرة الرحلة مجرد بذرة في ذهن العميل، ويكون لديه العديد من الاحتمالات المتنوعة.

الآن، ومع وسائل التواصل الاجتماعي والتسويق الرقمي، تملك الفنادق والوجهات السياحية القوة لتكون جزءًا من هذه المرحلة الأولية، من خلال تقديم محتوى جذاب ومؤثر يمكنه التأثير على قرارات المسافرين - المتوافق مع الجمهور المستهدف للفندق - في مراحلهم الأولى من التخطيط، مما يزيد من فرص جذبهم وإقناعهم بحجز إقامتهم.

حيث يعتبر جذب انتباه الضيوف وإلهامهم لتخيل إقامتهم في الفندق جزءًا أساسيًا من تأمين الحجوزات، فإن كل تفاعل مع العميل يعتبر فرصة لتحويل الفضول إلى التزام جاد بالحجز، ويتم ذلك من خلال:

   المحتوى البصري المميز: نشر صور وفيديوهات عالية الجودة تعكس جمال وروعة الفندق والمناطق المحيطة به، مما يخلق تجربة بصرية تحفز العملاء على استكشاف المزيد.

   التعاون مع المؤثرين: دعوة المؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي لتجربة الفندق ومشاركة تجربتهم مع متابعيهم، مما يخلق تأثيرًا إيجابيًا ويزيد من مصداقية الفندق.

   القصص الملهمة: مشاركة قصص وتجارب حقيقية لضيوف سابقين توضح كيف استمتعوا بإقامتهم وما هي الفوائد التي حصلوا عليها من اختيارهم للفندق.

   التفاعل المستمر مع الجمهور: الرد على استفسارات العملاء والتفاعل معهم بشكل مستمر وسريع على وسائل التواصل الاجتماعي، مما يساعدهم على اتخاذ القرار بشكل أسرع.

 التعامل مع المؤثرين

إلى جانب ذلك تسعى الفنادق إلى فرص جمع عناوين البريد الإلكتروني للضيوف عند زيارة موقع الويب الخاص بهم، حتى وإن لم يكونوا مستعدين للحجز الفوري، فعلى سبيل المثال، عندما يزور ضيف موقع الفندق الإلكتروني بحثًا عن فندق يمتاز بمغامرات مثل الغوص، يمكن للفندق استخدام نافذة جديدة " Landing page " تطلب منه إدخال بريده الإلكتروني للبقاء على اطلاع على أحدث العروض.

ويُمكن هذا أن يكون دافعًا للضيف للعودة للحجز في وقت لاحق، وبذلك يكون الفندق قد حصل على عنوان بريده الإلكتروني ويمكنه استخدام هذه المعلومات لتوجيه اهتمامه وزيادة فرص الحجز.

ولكن في تلك المرحلة، ونظرًا أن العميل لا يزال يدرس الخيارات المتاحة، تواجه الفنادق مشكلة ترك العميل لعملية الحجز غير مكتملة، وخاصة مع ارتفاع نسبة التراجع عن الحجز فيما يتعلق بالتعاملات عبر الإنترنت، حيث تكشف الأبحاث أن " معدل التخلي عن السلة " أو " Cart Abandonment Rate " يصل إلى حوالي ٧٠٪ لمعظم الشركات التي تبيع عبر الإنترنت، وترتفع هذه النسبة عند استخدام الهواتف المحمولة.

يشير مصطلح " Cart Abandonment " في مجال الفنادق إلى الضيوف المحتملين الذين يبدأون عملية الحجز على موقع الفندق الإلكتروني ولكنهم لا يستكملون عملية الحجز لآخر خطوة.

وهنا تأتي أهمية حملات استرجاع الحجوزات، حيث يمكن للفنادق إعادة جذب الضيوف من خلال إرسال تذكير لطيف عبر البريد الإلكتروني لحثهم على إكمال خطوات الحجز، وقد يتضمن هذا التذكير عرضًا تحفيزيًا مثل خصم أو خدمة إضافية لجعلهم يشعرون بقيمة أكبر وإتمام الحجز.

وفي حالة إلغاء الحجز، تستخدم الفنادق رسائل البريد الإلكتروني لاستعادة الإلغاءات " Cancellation Recovery " والتي بدورها تشجع الضيوف على إعادة التفكير في قرارهم أو تعديل تواريخ الحجز بدلاً من إلغائه، ويمكن أن تتضمن هذه الرسائل عروضًا خاصة بناء على تحليلات البيانات التي سبق و ذكرناها، لتحفيز الضيوف على استرجاع حجزهم.

مثال على حملات استرجاع الحجوزات
Image Credit to Hospitality Net

٢- مرحلة ما قبل الوصول - Pre-arrival :

لم تعد الفنادق تكتفي بالتواصل مع العملاء فقط عند مرحلة الحجز، بل أن بعض الفنادق تقوم بالتواصل مع الضيوف قبل وصولهم، وهو ما يوفر فرصة هائلة لتعزيز تجربتهم وتخصيص إقامتهم، حيث يمكن استخدام البريد الإلكتروني والرسائل النصية لاقتراح خدمات إضافية مثل ترقية الغرف أو حجوزات الأنشطة الترفيهية، أو إرسال ملاحظات شخصية تحتوي على معلومات مفيدة حول الإقامة المقبلة، مثل اقتراحات بأنشطة محلية، أو أقرب الأماكن السياحية أو الأحداث الخاصة التي يمكن حضورها.

وهي بالطبع الاقتراحات المبنية على تفضيلات الضيوف السابقة لتعزيز الشعور بالتخصيص، كما أن ذلك من شأنه زيادة قيمة فاتورة الإقامة النهائية للعميل " Upselling ".

٣- مرحلة أثناء الإقامة في المنشأة - On-property :

حتى بعد وصول الضيوف، تستمر الفرصة لتقديم عروض مخصصة عبر البريد الإلكتروني والرسائل النصية، حيث تقوم الفنادق بتسليط الضوء على التجارب والخدمات المتاحة داخل المنشأة، إلى جانب تفعيل التخصيص بحسب نوع الزائرين، فعلى سبيل المثال، يمكن توفير تجارب خاصة للأطفال مثل لقاءات مع الشخصيات الكرتونية المفضلة وتقديم برامج ترفيهية مخصصة للعائلات.

ومع استمرار التواصل مع العميل بخصوص تقديم عروض للخدمات الترفيهية والمرافق المتاحة في الفندق والتي تتماشى مع تفضيلاته، يأتي دور برنامج الـ " CDP "، والذي يقوم بتصميم تلك الرسائل بشكل أتوماتيكي مع الحرص على عدم زيادة معدل التواصل لدرجة تأتي بنتيجة عكسية، أو تعديل الرسائل وفقًا لنسبة الاستجابة من العميل.

 مرحلة أثناء الإقامة

فيمكن تخيل أن نزيلاً يدخل إلى الفندق ويقوم بتسجيل الوصول، فإن من خلال منصة " CDP " سيتم استخدام البيانات التي تم جمعها من الحجز وتفضيلات النزيل السابقة لتحليل بياناته في الوقت الفعلي، وعلى الفور، يمكن للفندق اتخاذ الإجراءات التالية:

   ترحيب مخصص: عند وصول الضيف إلى مكتب الاستقبال، يستقبله موظف الفندق بترحيب شخصي مستخدمًا اسمه ويذكر تفاصيل حول إقامته السابقة وتفضيلاته، مما يجعل العميل يشعر بالترحيب والاهتمام.

   تحسين تجربة الغرفة: بناءً على تفضيلات الضيف السابقة، يمكن تجهيز الغرفة مسبقًا بما يتناسب مع احتياجاته، وإذا كان النزيل قد أبدى تفضيله لغرفة في طابق علوي مع إطلالة معينة، يتم تخصيص هذه الغرفة له فورًا دون الحاجة إلى طلب إضافي.

   تقديم عروض مخصصة: إذا كان النزيل قد أبدى اهتمامًا بخدمات معينة مثل جلسات السبا أو العشاء الفاخر، يمكن للفندق تقديم عروض مخصصة له عند تسجيل الوصول، فعلى سبيل المثال، يمكن إرسال عرض خاص لجلسة الـ " سبا – Spa " مباشرة إلى هاتف العميل عبر التطبيق الفندقي أو عبر البريد الإلكتروني، مع تقديم خصم خاص لنزلاء الـ " VIP ".

   تحسين الخدمة المقدمة: أثناء إقامته، يمكن لموظفي الفندق استخدام البيانات في الوقت الفعلي لتحسين خدمة الضيف، فإذا قام النزيل بطلب خدمة الغرف في وقت معين من اليوم في إقامته السابقة، يمكن للفندق توفير هذه الخدمة في نفس الوقت بشكل استباقي دون الحاجة إلى طلبه، أو الوضع في الاعتبار أي شكوى سابقة له والحرص على عدم تكرارها.

 تحسين الخدمة المقدمة

تعلم أساسيات الباريستا
تعرف على طرق استخلاص القهوة بشكل احترافي، واحصل على شهادتك

٤- مرحلة ما بعد الإقامة - Post-stay :

لا تنتهي رحلة العميل عند المغادرة؛ إذ يُعَدُّ الانتقال إلى مرحلة ما بعد الإقامة فرصة استراتيجية لإعادة جذب الضيوف وتحويلهم إلى عملاء دائمين، ويمكن تحقيق ذلك من خلال حملات استعادة العملاء "Winback Campaigns "، عبر إرسال رسائل شكر شخصية بعد المغادرة تتضمن عروضًا حصرية تشجعهم على الحجز مباشرة في المرة القادمة بدلاً من الاعتماد على وكالات السفر عبر الإنترنت.

كما يتم الاعتماد على إرسال استطلاعات الرأي " Surveys " بشكل تلقائي في نهاية الإقامة، للتعرف على ملاحظات العملاء التي تقدم رؤى قيمة حول ما يمكن تحسينه وتساعد في تخصيص التواصل المستقبلي مع الضيوف بناءً على تفضيلاتهم.

وفي حالة غياب العميل لفترة طويلة، تقوم بعض الفنادق بإطلاق حملات " نفتقدك - We miss you campaigns " كفرصة رائعة لإعادة جذب الضيوف الذين لم يزوروا المنشأة منذ فترة، ويمكن إرسال هذه الحملات بعد مرور عام على آخر إقامة، متضمنة تفاصيل حول إقامتهم السابقة وعروض خاصة لتحفيزهم على الحجز مرة أخرى.

مرحلة ما بعد الإقامة

وبهذه الطرق، يمكن للفنادق تحقيق مستويات عالية من التخصيص في كل مرحلة من مراحل رحلة العميل، مما يعزز من رضا الضيوف وزيادة ولائهم، وبالتالي تحقيق نجاح مستدام في قطاع الضيافة.

وفي النهاية، يمكن القول إن تجربة التخصيص أصبحت ليست مجرد خيار، بل هي ضرورة لتحقيق التميز في عالم الضيافة وزيادة الإيرادات بشكل كبير، ومع استخدام التكنولوجيا المناسبة لتفعيل البيانات يمكن أن يصبح التخصيص عملية سهلة وفعالة، مما يضمن تجربة لا تُنسى للنزلاء وإيرادات متزايدة للفنادق.

تعرف على كل جديد في مجال المطاعم والفنادق من خلال آي هوريكا

المنصة المتخصصة لمجال خدمات الأغذية والضيافة

اعرف أكثر